شهدت العاصمة العراقية بغداد، عملية انتشار واسعة لقوات الأمن بمحيط المنطقة الخضراء والأحياء القريبة منها، وذلك بالتزامن مع عملية إعادة إغلاق المنطقة بالكتل الإسمنتية التي أسقطها أنصار التيار الصدري عصر أمس الأربعاء، خلال اقتحامهم المنطقة المحصنة، في وقت تتوالى ردود الفعل السياسية بالبلاد من خطورة ما آلت إليه الأزمة، وضرورة التوصل إلى حل جذري قبل حصول أي تطورات أخرى.
وانتشرت وحدات من الجيش العراقي بمحيط المنطقة الخضراء والمناطق القريبة منها، مع بدء قوات الأمن بإعادة بناء ما تهدم من السور الخارجي للمنطقة، بعد إسقاط عدد من الكتل الإسمنتية ودخول أنصار الصدر إليها. وشوهد الموظفون العاملون داخل المنطقة وهم يتجهون من البوابات الرئيسة بشكل منتظم، مع استمرار عملية التفتيش والتدقيق الأمني.
وقال مسؤول أمني في فوج حماية المنطقة، التي تضم البعثات الدبلوماسية الأجنبية ومقرات الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية ومساكن كبار السياسيين والمسؤولين، لـ"العربي الجديد"، إن الأمن لم يسجل حصول خسائر مادية أو فقدان في الممتلكات العامة الموجودة داخل المنطقة، مضيفاً أن مبنى البرلمان الذي اقتحمه الصدريون بحال جيدة، ولن يعرقل ما حدث انعقاد الجلسات فيه.
في الأثناء، دعا الحزب الشيوعي العراقي، إلى تنظيم انتخابات مبكرة، من خلال حكومة مؤقتة، موجهاً دعوة لـ"من لم يتورطوا في الأزمات"، إلى توحيد الجهود لخلق معادلة تمثل بديلاً سياسياً لمنظومة المحاصصة.
وقال الحزب في بيان له الخميس، إن "الانسداد السياسي لا ينحصر بانتخاب الرئاسات وتشكيل الحكومة، بل يتجلى في مظاهر وتعبيرات الأزمة العميقة للعملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، حاضنة الفشل والفساد".
واعتبر أن "الإصرار على مواصلة هذا النهج لا يؤدي سوى إلى تعميق الأزمة وفتح الطريق أمام مسارات خطيرة تهدد البناء الدستوري والديمقراطي للدولة، والسلم الأهلي".
وطالب بالذهاب إلى "انتخابات مبكرة تعكس إرادة العراقيين الحقة، تنظمها حكومة مؤقتة، مستقلة فعلاً، تحظى بقبول وطني".
فيما دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، إلى احترام مؤسسات الدولة والحفاظ على الممتلكات العامة. وقالت في بيان مقتضب نُشر على حسابها الرسمي في "تويتر"، إن الحق في التظاهر السلمي أساسي للديمقراطية. ولكن يمضي ذلك جنباً إلى جنب مع احترام مؤسسات الدولة والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة. من الضروري أن تظل المظاهرات سلمية وتمتثل للقانون.
الحق في التظاهر السلمي أساسي للديمقراطية. ولكن يمضي ذلك جنباً إلى جنب مع احترام مؤسسات الدولة والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة. من الضروري أن تظل المظاهرات سلمية وتمتثل للقانون.
— UNAMI (@UNIraq) July 27, 2022
الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي اعتبر تطورات الأربعاء انتقالاً لـ"مرحلة أوراق الشارع"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تمرير الإطار التنسيقي لمرشحه لتشكيل الحكومة الجديدة محمد شياع السوداني، لم يعد أمراً سهلاً بعد اقتحام المنطقة الخضراء وتلويح الصدر بأن ما حصل هو عبارة عن (جرة أذن) في إشارة لقوى الإطار التنسيقي، وذلك يعني أن الأزمة دخلت منحى خطيراً للغاية".
واعتبر النعيمي أن "خيار الذهاب لانتخابات مبكرة أو الإبقاء على حكومة الكاظمي الحالية لفترة انتقالية قد يكون الخيار الأفضل من بين سيناريوهات سيئة"، محذراً من أن الأزمة سيكون لها انعكاسات على الملف الأمني في حال استمرارها على هذا النحو".
وأمس الأربعاء، قال زعيم فصائل "الحشد الشعبي" فالح الفياض، إن "الحشد لن يكون طرفاً في أي صراع سياسي"، مضيفاً في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية عراقية، أن "التظاهرات مشروعة لكن ما حصل في المنطقة الخضراء فيه تجاوزات غير مقبولة منها اقتحام البرلمان".
وأضاف أن "الحشد الشعبي يدعو إلى الحوار السياسي بين الأطراف، وهو منحاز لاستقرار وسيادة العراق"، وتابع أن "الحشد الشعبي لن يكون طرفاً في الصراع السياسي، لكن له رأيه في القضايا الكبرى لا سيما رفضه للتطبيع".