نجح شباب القدس المحتلة في استعادة ساحة الشهداء في باب العامود، أمس الأول الأحد، وهي الساحة الرئيسية المفضية إلى البلدة القديمة من القدس، بعدما أزالوا بأياديهم حواجز الاحتلال العسكرية التي قسّمت الساحة وفرضت دخولاً مقيّداً إلى البلدة القديمة، ومنعت الشبان من متنفسهم اليومي في هذه الساحة التي يفخر المقدسيون بتسميتها بساحة الشهداء، إذ ارتقى هناك بعد استشهاد الفتى محمد أبو خضير قبل نحو سبع سنوات عدد من الشهداء، ليضطر قائد شرطة الاحتلال الإسرائيلي في القدس للتوجيه بإزالة الحواجز الحديدية على مداخل الساحة بعد تحرك المقدسيين.
بدا جنود الاحتلال في حالة وجوم وصدمة، بينما كان مئات المقدسيين يزيلون الحواجز
وبدا جنود الاحتلال، الذين كان وجودهم كثيفاً في محيط أبراجهم العسكرية التي أقاموها، في حالة وجوم وصدمة، بينما كان مئات الشبان المقدسيين يزيلون، الأحد، حواجز شرطة الاحتلال على مرأى من أفرادها، لتتحوّل الساحة من جديد إلى ساحة للنصر بعد أيام من المواجهات والصدامات، أوقعت 750 إصابة وأكثر من مائة معتقل.
يقول مقدسيون تواصلت معهم "العربي الجديد"، إن إغلاق ساحة باب العامود التي كانت حتى العام 2019 مسرحاً لفعاليات رمضانية وفنية وثقافية، ومسرحاً لاحتجاجات ضد الاحتلال، لم يكن له ما يبرره، على الرغم من ادعاء الاحتلال بأن الإغلاق أمني، علماً أن الاحتلال كان قد حوّل هذه الساحة ومحيطها، بعد الهبّة الشعبية التي أعقبت استشهاد الفتى محمد أبو خضير عام 2014 حرقاً على أيدي مستوطنين، إلى محمية عسكرية، وأقام فيها برجين عسكريين دائمين، كما نصب عشرات الكاميرات ومجسات التنّصت، وتحوّلت حتى عهد قريب إلى ساحة لإذلال الشبان عبر عمليات تفتيش.
وعزز الاحتلال الإغلاق خلال جائحة كورونا، إذ نصب الحواجز الحديدية على نحو مستمر، ومنع لشهور من هم من غير قاطنيها من دخول البلدة القديمة من القدس. وشمل الإغلاق في حينه منع التجمهرات والجلوس على مدرجات الساحة، في ظل عقوبات فرضت على العديد من المواطنين، بحجة مخالفة تعليمات قوات الاحتلال.
ويقول المقدسيون إن القرار بفتح هذه الساحة مجدداً أمام تجمهر المقدسيين، كان واحداً من ثمار الصمود الذي أبداه شباب القدس في مواجهة الاحتلال وتصديهم لجنوده الذين استُنزفوا خلال تلك المواجهات المستمرة مع مئات الشبان، وكذلك ما تعرضوا له من استنزاف منذ مطلع شهر رمضان وقبل ذلك خلال جائحة كورونا.
ويؤكد المقدسيون أن جنود الاحتلال الذين ينفذون تعليمات قادتهم بممارسة أبشع الاعتداءات بحق المقدسيين، وتحديداً خلال الأيام الماضية، تنتظرهم مهام كثيرة في نهاية شهر رمضان، ففي ليلة القدر يؤم البلدة القديمة والمسجد الأقصى عشرات آلاف المصلين، بالتزامن مع مسيرات ضخمة يخطط لها المستوطنون في الثامن والعشرين من رمضان، والتي تتخللها في العادة صدامات عنيفة بين مئات الشبان المقدسيين والآلاف من المستوطنين.
يستحضر الفلسطينيون العديد من الشهداء الذين سقطوا في هذه الساحة بمواجهة الاحتلال
ولا يستبعد المقدسيون أن يكون قرار قائد شرطة الاحتلال بفتح ساحة باب العامود ذا صلة بالمسيرات الضخمة التي يخطط لها المستوطنون في ذكرى ما يسمى ضم القدس في الثامن والعشرين من رمضان، في حين يرى القيادي في حركة "فتح" في القدس ناصر قوس، في حديث مع "العربي الجديد"، أن استرداد ساحة باب العامود من قبضة الاحتلال يشكل انتصاراً لعموم المقدسيين، وثمرة نضالهم وصمودهم في مواجهة الاحتلال. ويوضح قوس أن ما تحقق باسترداد ساحة باب العامود سيعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل هذه الإغلاقات، التي لا مبرر لها، والتي كانت سبباً في تفجّر الهبّة الشعبية الأخيرة، "لكن اليوم ساحة الشهداء بأيدينا".
وفي الواقع، يستحضر المقدسيون "أسد فلسطين"، وهو لقب أطلقه شباب القدس على الشهيد محمد سعيد محمد علي، من مخيم شعفاط، شمالي القدس، الذي طعن ثلاثة من جنود الاحتلال الذين حوّلوا الساحة إلى سجن ينكّل بالمارة ويهينون فيه كبار السن والنساء. كما يستحضرون أيضاً شهداء آخرين ارتقوا في هذه الساحة، بعد هبّة الشهيد محمد أبو خضير قبل نحو سبع سنوات، وفوق كل ذلك تشكّل هذه الساحة بوابة العبور إلى القدس العتيقة، ومنها يلج الناس إلى الأسواق القديمة وإلى كنائس القدس ومساجدها ومنها كنيسة القيامة والمسجد الأقصى.