تُستأنف اليوم، الخميس، في فيينا المحادثات لإنقاذ الاتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني، التي توقفت الأسبوع الماضي في أجواء إيجابية، لكن قرار طهران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المائة سبّب حالة من الفتور.
وصرّح دبلوماسي أوروبي، ملخصاً الوضع، بأن إيران "تضغط على الجميع" باقترابها من تخصيب اليورانيوم بنسبة تسعين في المئة الضرورية للاستخدام العسكري.
وقال الدبلوماسي نفسه، لوكالة "فرانس برس"، إنه بعد بداية جيدة "صحيح أنها تعقد الأمور" قبل اجتماع جديد للدول الأطراف في الاتفاق النووي (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وإيران)، من المقرر أن يبدأ الاجتماع عند الساعة 12.30 (10.30 بتوقيت غرينتش).
ويتعلق السؤال المطروح في الكواليس بطريقة التعامل مع قرار طهران، بينما أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن "المخاوف" التي أعربت عنها برلين ولندن وباريس بشأن القرار الذي أعلنته طهران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60% "لا أساس لها".
وقال روحاني في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي الإيراني، اليوم الخميس: "تم التعبير عن مخاوف في أوروبا والولايات المتحدة من أننا في إيران بدأنا التخصيب بنسبة 60% ما يعني أن نكون قادرين على الوصول إلى 90% (عتبة الاستخدام العسكري) دفعة واحدة، لكن هذا خطأ". وأكد أن "أنشطتنا النووية سلمية ولا نسعى للحصول على القنبلة الذرية".
ويهدف العبور الوشيك لهذه العتبة غير المسبوقة المتمثلة بستين في المئة، إلى "الرد" على ما وصفته طهران بـ"الإرهاب النووي" الإسرائيلي بعد انفجار الأحد في منشأة التخصيب في "نطنز" حسب إيران، التي تتهم الاحتلال الإسرائيلي علناً بتخريب هذا المصنع.
وحذّرت برلين وباريس ولندن من التصعيد "من قبل أي بلد"، ورأت أن إعلان إيران إطلاق التخصيب بنسبة 60 في المئة "تطور خطير (...) يتعارض مع الروح البناءة" للمناقشات. لكن موسكو تفضل اعتبار ذلك إشارة إلى ضرورة التحرك بسرعة.
وكتب سفير روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، في تغريدة على "تويتر": "هذا يثبت أن إعادة إنشاء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الموقع في 2015) هي الحل الوحيد القابل للتطبيق لإعادة البرنامج النووي الإيراني" إلى مساره الصحيح.
أمر مُلحّ
وكررت إيران، أمس الأربعاء، أنه لوقف هذه "الدوامة الخطيرة"، يجب على الولايات المتحدة رفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي سحب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق عام 2018.
وسمحت "خطة العمل المشتركة الشاملة" بتخفيف الإجراءات العقابية ضد إيران مقابل خفض كبير في نشاطاتها النووية، بإشراف الأمم المتحدة لضمان امتناعها عن السعي إلى امتلاك قنبلة ذرية.
وهذه المسألة واحدة من القضايا التي يعمل الخبراء عليها في فيينا برعاية الاتحاد الأوروبي وبمشاركة غير مباشرة من وفد أميركي موجود في فندق آخر.
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، قبل يوم من استئناف المحادثات: "نركز على المسار الدبلوماسي للمضي قدماً". وأضافت: "نعلم أنها ستكون عملية طويلة، لكننا نرى (هذه المناقشات) إشارة إيجابية".
وأكدت ساكي، في لقاء مع صحافيين تحدثت فيه عن دور الولايات المتحدة في عملية فيينا، "نعتقد أنه يمكننا دفع الأمور إلى الأمام بطريقة بنّاءة، وإن كانت مفاوضات غير مباشرة".
وقال المتخصص بالملف الإيراني في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية علي واعظ إن "أحداث الأيام الأخيرة تذكر كل طرف بأن الوضع الراهن مرادف للخسارة لكلا المعسكرين" و"تجعل الأمر أكثر إلحاحاً".
وأضاف: "من الواضح أنه كلما طال أمد العملية الدبلوماسية، ازداد خطر عرقلتها من قبل مخربين وأشخاص سيئي النية"، بينما أكد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أمس الأربعاء، أنه لن يسمح للمناقشات بأن تطول.
لكن الخبراء يحذرون من أن هناك العديد من العقبات، وأن تحديد خريطة طريق مقبولة للقوتين المتعاديتين، إيران والولايات المتحدة، سيستغرق وقتاً.
وبانتظار ذلك، تقلص طهران زمن الحصول على المواد الانشطارية اللازمة لتصنيع القنبلة، كما قال الدبلوماسي الأوروبي، معبّراً عن قلقه.
ورأى علي واعظ أن "السماء لن تسقط على رؤوسنا في اليوم التالي لبدء إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة ستين في المئة، لكن المخاوف ستزداد عند تراكم كمية كبيرة من المادة".
وأضاف أنه خلال العقدين الماضيين "الدبلوماسية وحدها أثبتت فعاليتها في احتواء البرنامج النووي الإيراني"، بينما فشلت "العقوبات أو التخريب" باستمرار.
(فرانس برس)