ارتفاع وتيرة الضربات الإسرائيلية في سورية... وخيارات صعبة للنظام

02 أكتوبر 2024
من القصف الإسرائيلي على المزة، 1 أكتوبر 2024 (حسن بلال/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصعيد إسرائيلي في لبنان وسوريا: استهدفت غارات إسرائيلية مواقع في دمشق وريف درعا والسويداء، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص، واستهدفت مقرات لحزب الله وفصائل فلسطينية والحرس الثوري الإيراني.

- تداعيات التصعيد على النظام السوري: قد يدفع التصعيد حزب الله لسحب مسلحيه من سوريا، مما قد تستغله فصائل المعارضة، بينما قد تستفيد روسيا لتأهيل النظام السوري.

- خيارات صعبة أمام الأسد: يواجه الأسد خيارين صعبين بين دعم حزب الله أو تجنب المخاطر الإسرائيلية، مع ضغوط اقتصادية محتملة من إيران، وقد يسعى لاستغلال أزمة اللاجئين لرفع العقوبات.

بالتزامن مع تصعيد الاحتلال الإسرائيلي العدوان على لبنان والإعلان عن بدء "عملية برّية محدودة وموضعية ومحدّدة الهدف"، ارتفعت وتيرة الضربات الإسرائيلية في سورية خلال اليومين الماضيين، وشنّ الجيش الإسرائيلي ليل الاثنين - الثلاثاء، غارة على هدف في منطقة المزة، التي تضم وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقرات لحزب الله وفصائل فلسطينية وللحرس الثوري الإيراني. وأعلنت وكالة الأنباء السورية "سانا"، التابعة للنظام، مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة آخرين، جراء القصف على حي المزة، بينما لم تُعرف طبيعة هذا الهدف أو الشخصيات المستهدفة من وراء هذه الغارة.

رشيد حوراني: قد تستغل فصائل المعارضة انسحابات لحزب الله لشنّ عمل عسكري ضد النظام 

وأمس الثلاثاء أيضاً، أُصيب عناصر من قوات النظام السوري، في حصيلة أولية، من جراء غارات جوية لقوات الاحتلال استهدفت مطارين عسكريين وكتيبتين للدفاع الجوي، تنتشر فيها قوات حزب الله بالاشتراك مع قوات النظام في ريف محافظة درعا الشمالي، وريف محافظة السويداء الغربي، جنوب سورية. كما أكدت مصادر عاملة في وحدات الرصد والمتابعة، التابعة للمعارضة السورية، لـ"العربي الجديد"، أن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف أيضاً أمس البوابة الشرقية لمطار الثعلة وتل الخاروف في الريف الغربي من محافظة السويداء، جنوب سورية.

الضربات الإسرائيلية في سورية لا تواجه ردّاً

ولم تنقطع الضربات الإسرائيلية في سورية على أهداف في مناطق واقعة تحت سيطرة النظام السوري منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تاريخ بدء العدوان على قطاع غزة، إلا أن وتيرتها ارتفعت أخيراً مع بدء التصعيد على الجبهة اللبنانية. وشملت الضربات الإسرائيلية مناطق عدة في ريفي حمص ودمشق، لحزب الله حضور عسكري وازن فيها، وخصوصاً في منطقة القصير جنوب غربي حمص، ليس بعيداً عن الحدود السورية اللبنانية. كما شنّت إسرائيل هجمات على معابر حدودية، منها معبر جديدة يابوس الحيوي، ومطربا، والعريض، في محاولة على ما يبدو لقطع طرق إمداد حزب الله من سورية وإليها.

ويكتفي النظام السوري بإصدار بيانات الإدانة للعدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية وإرسال خطابات "الشكوى" إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة. ولم يسبق للنظام الرد على الضربات الإسرائيلية التي طاولت أغلب المناطق التي ينتشر فيها حزب الله والمليشيات الإيرانية من منطقة القلمون غرباً إلى محافظة دير الزور شرقاً، ومن حلب شمالاً إلى ريف درعا والقنيطرة جنوباً.

وحاول حزب الله فرض وجود عسكري له في منطقة القنيطرة جنوب سورية، غير بعيد عن الحدود السورية مع الجولان المحتل، إلا أن إسرائيل شنّت خلال السنوات الماضية هجمات عدة للحيلولة دون ذلك، آخرها كان في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل عنصراً في وحدة الجولان التابعة لحزب الله في سورية.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل نحو عام، نأى النظام السوري عن الصراع، ولم يحاول التدخل فيه، إلا أن ذلك لم يمنع تل أبيب من استهداف المناطق التي يسيطر عليها هذا النظام.

خيارات صعبة

وأعرب المحلل العسكري في مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأنه يمكن أن تنعكس التداعيات الناجمة عن التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان على النظام السوري في اتجاهين. وفصّل بالقول: "الاتجاه الأول سلبي، وهو اضطرار الحزب نتيجة الضربات الإسرائيلية في سورية إلى سحب مسلحيه الذين ينتشرون في مناطق واسعة من سورية وعلى خطوط التماس مع فصائل المعارضة في شمال غرب سورية، وهو ما يمكن أن تستغله هذه الفصائل لشنّ عمل عسكري ضد النظام في ضوء معرفتها بحقيقة جيش النظام وضعفه وتهافته من دون دعم حزب الله". وأضاف: "هناك اتجاه ثان اعتقد أنه سيكون إيجابياً على النظام، ويخدم الترتيبات التي تسعى روسيا لتنفيذها بهدف تأهيل النظام السوري واستثنائه من التصعيد العسكري الذي تقوم به إسرائيل في لبنان وفلسطين".

وأشار حوراني إلى أن "هذا الاستثناء سبقته مجموعة من التغيرات على الحدود السورية مع الكيان الصهيوني، بدأت تظهر بوضوح بعد السابع من أكتوبر 2023"، أبرزها "تقليص عدد القوات الدولية على الحدود السورية الإسرائيلية، والتدخلات البرّية من قبل الإسرائيليين أخيراً في الأراضي السورية، وآخرها إكمال مشروع سوفا 53". وبيّن حوراني أن الجانب الروسي وضع خلال العام الحالي نقاط مراقبة على الحدود السورية مع الجولان المحتل من إسرائيل وصل عددها إلى 14 نقطة، مضيفاً أن "كل هذا قد يكون لصالح النظام وإعادة تأهيله".

ضياء قدور: طهران ستستخدم الضغط الاقتصادي إذا لم يتماه الأسد مع أهدافها في هذه الحرب

وكانت القوات الإسرائيلية توغلت في شهر سبتمبر الماضي، إلى الشرق من خط فكّ الاشتباك مع النظام السوري، في محيط بلدة جباثا الخشب بالقنيطرة بعمق يصل إلى 200 متر لاستكمال طريق أطلقت عليه اسم "سوفا 53"، الهدف منه مراقبة الجنوب السوري ورصد أي تحركات عسكرية معادية.

إلى ذلك، رأى الخبير العسكري ضياء قدور، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التصعيد الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية والتوغل البري "سيفرضان تحديات خطيرة على نظام الأسد لأنه سيعود للمفاضلة ما بين الاستجابة للضغوط الإيرانية لمساعدة حزب الله، وبين محاولاته تجنب المخاطر الإسرائيلية عليه نتيجة الضربات الإسرائيلية في سورية". وتابع: "ربما تفهم الجانب الإيراني إلى حد بعيد سلبية نظام الأسد إزاء الحرب على قطاع غزة، ولكن عندما يتعرض حزب الله وهو الوكيل الأهم لإيران ضمن شبكة وكلائها المنتشرين في المنطقة العربية لخطر حقيقي، لن يكتفي باستجابة ضعيفة من نظام الأسد". وأضاف: "بشار الأسد أمام خيارين صعبين، فإما أن يتعرض للمخاطر من الجانب الإسرائيلي في حال وقوفه ودعمه لحزب الله، أو أن يتعرض لضغوط اقتصادية من الجانب الإيراني الذي يزوده بالمشتقات النفطية". وأعرب عن اعتقاده بأن "طهران ستستخدم الضغط الاقتصادي إذا لم يتماه الأسد مع أهدافها في هذه الحرب، وهو من شأنه تحريك استياء مواليه مرة أخرى".

في المقابل، رأى قدور أن الحرب على لبنان "ربما تكون فرصة لنظام الأسد لاستجرار الدعم تحت عناوين إنسانية"، مضيفاً أن الأسد "سيسعى لاستغلال أزمة اللاجئين اللبنانيين إلى سورية وعودة عدد كبير من اللاجئين السوريين في لبنان إلى بلادهم للمطالبة برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه منذ عام 2011".

المساهمون