احتمالات التصعيد في الشمال السوري

25 يونيو 2023
جندي مؤيد للنظام في حماة، 2019 (جورج أورفليان/فرانس برس)
+ الخط -

يطرح استهداف طائرات مسيّرة، خلال اليومين الماضين، مناطق تقع في عمق سيطرة النظام، ومن بينها مسقط رأس رئيس النظام السوري بشار الأسد، القرداحة، بالإضافة إلى بلدة في ريف حماة الشمالي، العديد من التساؤلات حول هدف تلك الهجمات، خصوصاً أن أياً من فصائل المعارضة أو الفصائل الجهادية في المنطقة لم يتبنَ الهجمات التي جاءت عقب انتهاء الجولة الـ20 من مسار أستانة، والذي أعلنت الحكومة الكازاخية نهايته، فيما أكدت التصريحات الروسية استمراره في مكان آخر بعد تحويله إلى مسار لتطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، وهو ما يعني إنهاء دور المعارضة (غير الفاعل أصلاً) في هذا المسار.

ومما يزيد من تعدد الاحتمالات حول هدف تلك الهجمات، هو تزامنها مع حشود عسكرية كبيرة للنظام على جبهات ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وجبهات ريف حلب الغربي، واستقدام قوات "النمر" التي يقودها سهيل الحسن المقرب من روسيا، والتي عادة ما تُستقدم لبدء هجوم عسكري. طبعاً هذا بالإضافة إلى نوعية الطائرات المسيّرة المتطورة التي نفذت الهجوم، والتي لا تمتلكها فصائل المعارضة أو "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً).

الأمر الذي يجعل هذا الاستهداف أمام أحد احتمالين، الأول أن تكون الفصائل المعارضة للنظام قد نفّذت هذا الهجوم بضوء أخضر تركي، بهدف توجيه رسالة للنظام بأن فصائل المعارضة قادرة على الرد على أي هجوم محتمل للنظام، وأنها قادرة على الوصول إلى عمق مناطق سيطرته، أو أن تكون رسالة من "هيئة تحرير الشام" مفادها أن أي توافق على إقصائها من المشهد في شمال غرب سورية، من خلال عمل عسكري، لن يكون بالأمر السهل، وأنها قادرة على الوصول إلى مسقط رأس النظام. ومن المحتمل أن تكون تلك الهجمات قد نفذت من خلال التنظيمات الجهادية الموجودة في ريف إدلب الغربي، والتي تمتلك "هيئة تحرير الشام" أدوات تحكم بها. 

أما الاحتمال الثاني، فهو أن تكون تلك العمليات قد جرى تنفيذها بعلم الروس والإيرانيين، كي تكون ذريعة لقوات النظام لشن عمل عسكري جرى الاتفاق عليه بين الضامنين الثلاثة لمسار أستانة (روسيا، إيران، تركيا)، بهدف تمكين تلك القوات من استكمال السيطرة على المناطق جنوب خط "أم 4" (الطريق الدولي حلب - اللاذقية). وهذا الاحتمال من المستبعد أن يوافق عليه الجانب التركي ما لم يتضمن مكاسب مقابلة له في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في ريف حلب الشمالي، في تل رفعت أو منبج.

ولكن بغض النظر عن الاحتمالات، فإن التطورات الأخيرة، من استهداف بالمسيّرات وازدياد وتيرة القصف الروسي وحشود النظام، تشي بانتقال مستوى الصراع في شمال غرب سورية إلى مستوى آخر، قد يدفع إلى مزيد من التصعيد العسكري.

المساهمون