احتجاجات السويداء: مشيخة العقل تدعم الحراك السلمي وتعزيزات للنظام

11 فبراير 2022
مخاوف من منع قوات النظام الأهالي من المشاركة في الاحتجاجات (يوسف كرواشان/فرانس برس)
+ الخط -

تواصلت الاحتجاجات المناهضة لسياسات النظام الاقتصادية في عدة نقاط من محافظة السويداء، أمس الخميس، في وقت أصدر فيه شيخ العقل الأول لطائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، موقفاً داعماً للحراك السلمي. 

في موازاة ذلك، استقدم النظام تعزيزات عسكرية من العاصمة دمشق، مع تواصل الدعوات للمشاركة في الاحتجاجات، صباح اليوم الجمعة، في مركز مدينة السويداء، إضافة إلى دعوة السوريين في داخل البلاد وخارجها إلى المشاركة في الاحتجاج في مناطقهم.

وتجمع المحتجون لليوم الخامس على التوالي، أمس الخميس، أمام "دار طائفة المسلمين الموحدين الدروز" في مدينة السويداء. وتوجهوا إلى ساحة السير في مركز المدينة، رافعين شعارات مناهضة لسياسات النظام، وانتشار الفساد وتردي الأوضاع المعيشية، مجددين دعوتهم للمشاركة في الاحتجاجات اليوم الجمعة.

طالب الهجري المعنيين في السلطة بالاستجابة إلى مطالب الناس

ونقلت مصادر محلية عن الهجري أنه أعرب عن تأييده لأي حراك سلمي يطالب بالحقوق المشروعة، مع المحافظة على مؤسسات الدولة. 

وطلب عدم "الاصطياد في الماء العكر في ظل هذه الأزمات"، مشيراً إلى أن المواطنين لهم الحق في التعبير عن رأيهم، وتحصيل حقوقهم المشروعة، وأن هذه التوجيهات صدرت عنه فقط، ولم يُصدر غيرها.

وقال الهجري لزواره، الأربعاء الماضي، بحسب مصادر محلية تحدثت لـ"العربي الجديد"، إن مطالبات الناس لم تعد موضوع رفع الدعم ورغيف الخبز، بل أصبحت تمس كرامة السوريين، ومن خرج ليطالب بحقوقه ومكافحة الفساد وبمطالب معيشية هو مواطن صاحب حق، وعلى المعنيين في السلطة الاستماع والاستجابة. 

من حق الناس التعبير عن رأيها

وأضاف أن الجميع تحت سقف القانون، الذي يسمح بالاعتصام السلمي، وطالما لم يتم التعدي على المؤسسات العامة، ولا أحد يحمل السلاح، فمن حق الناس أن تعبّر عن رأيها.

واستنكر الهجري كل خطابات التخوين. واعتبر أن "كل من يشكك في مصداقية انتمائنا الوطني، وتبعيتنا لوطننا الأم سورية، لا يمثل إلا نفسه مهما تبوأ من مناصب". وقال: إننا نحمل إرثاً وطنياً لن نحيد عنه، وجميع أبناء المحافظة هم أبناؤنا، مهما ابتعد البعض أو جنح عن طريق الصواب، فيجمعنا في لحظة همّ واحد، وهدف واحد، يحكمه القانون العادل.

وقال الناشط أبو جمال معروف، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "موقف الشيخ الهجري سيكون داعماً للاحتجاجات، حيث ما زال لرجال الدين تأثير كبير على المجتمع، وخصوصاً أن مشيخة العقل تمثل أعلى سلطة دينية لدى الدروز، الذين يشكلون الغالبية من سكان المحافظة". 

ولفت إلى أن "الهجري كان يعتبر من المقربين من النظام، وأكثر مشايخ العقل نفوذاً. إلا أن خطابه تغيّر عقب صدامه مع رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية العميد لؤي العلي بداية العام الماضي، الأمر الذي أحدث احتقاناً في الشارع، وتوافد الكثير من أهالي المحافظة لتأييد موقف الشيخ والانتصار له، والمطالبة بالاعتذار منه".

وأشار إلى أنه تبع هذا الأمر "العديد من المواقف المتهكمة على سياسات النظام، وتأييد الحراك في درعا، الأمر الذي أثار استياء ممثلي النظام، الذين حاولوا استيعاب الموقف وعدم التصعيد". 

النظام يستقدم تعزيزات من خارج المحافظة

وأوضح معروف أن "النظام بدأ منذ يوم الأربعاء باستقدام تعزيزات عسكرية من القوات النظامية من خارج المحافظة، حيث شوهدت العديد من الحافلات تنقل عناصر في القوات النظامية، ترافقها سيارات دفع رباعي تحمل أسلحة رشاشة متوسطة". 

وأشار إلى أن هذا الأمر "أثار القلق من أن يكون النظام يخطط لتوجيه ضربة للاحتجاجات في السويداء، التي يتم الدعوة لها الجمعة. وعلى الأقل منع الأهالي من التوافد إلى المدينة للمشاركة في الاحتجاجات". 

وبين أن "مصادر من السلطة تقول إن القوات القادمة إلى المحافظة تتبع إلى قوات حفظ النظام، وتهدف لدعم الضابطة العدلية لمكافحة عمل العصابات، بالرغم من أن تلك العصابات تحمل بطاقات أمنية وترتبط بأفرع المخابرات التابعة للنظام".

قوى سياسية معارضة تؤيد احتجاجات السويداء

وكانت العديد من القوى السياسية السورية أعلنت تأييدها للاحتجاجات في السويداء، منها تيار "مواطنة نواة وطن" وتيار "مستقبل كردستان سورية" و"المجلس السوري للتغيير ــ منصة عفرين". 

واعتبر التياران والمجلس، في بيان مشترك أمس الخميس، أن تظاهرات السويداء "سجلت مجموعة من الرسائل السياسية، المؤكدة على التمسك بالوطنية السورية، ونبذ الخلافات بين مكونات الشعب السوري، على أمل انتفاضة عارمة تعم أرجاء البلاد تضغط وتدفع للمضي بالحل السياسي".

واعتبر أن اليوم الجمعة "سيكون اختباراً حقيقياً لقدرة المنتفضين ولإمكانية توسيع حراكهم ليشمل الساحة الوطنية السورية كلها، من خلال تجاوب جماهيري أوسع في السويداء والمحافظات الأخرى، ومواجهة تحدي استعادة دور السوريين في الداخل". 

دعت قوى سورية معارضة إلى توسيع الحراك للضغط على النظام

وشدد على ضرورة "عدم الاكتفاء بمطالب اقتصادية، بل توسيع آفاق الحراك للضغط على النظام، والمجتمع الدولي، لتحريك عجلة الانتقال السياسي، اعتماداً على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة". 

وفيما حذرت القوى الثلاث "السلطة/الطغمة من مغبة انتهاج العنف المفرط مع الحراك"، ناشدت "أهلنا في السويداء التمسك بسلمية حراكهم والاستمرار بمطالبهم، والسوريين جميعاً الاستجابة لنداء التضامن، ومشاركة إخوانهم في السويداء، بكل أشكال الحراك الممكنة وفي كل مكان". 

كما طالب البيان من المجتمع الدولي "الضغط على النظام السوري وحلفائه لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 وإنهاء معاناة السوريين". 

وفي حين انتقدت اللجنة المركزية لحزب "اليسار الديمقراطي السوري"، في بيان، "كافة الأصوات الشاذة التي تحاول التقليل من شأن الحراك الشعبي لأهلنا السوريين في السويداء"، فإنها دعت "أهلنا المنتفضين إلى الاستمرار في حراكهم الشعبي، الذي بكل تأكيد سيعمل على تقويض نظام بشار الأسد". 

وناشد الحزب "كافة السوريين في مناطق سيطرة نظام الأسد، أن يلبوا دعوة إخوانهم في محافظة السويداء، ويبدأوا حراكاً شعبياً عارماً سلمياً، ضد سياسة التجويع وانتهاكات كرامة السوريين التي يمارسها هذا النظام".

المساهمون