ذكر وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اليوم الخميس، أنه بحث مع نظيريه الروسي، سيرغي لافروف، والتركي، مولود جاووش أوغلو، في الدوحة، آليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية، معلناً إطلاق مسار سياسي جديد ترعاه البلدان الثلاثة للدفع لإيجاد حل سياسي للأزمة.
وقال وزير الخارجية القطري عقب اجتماع ثلاثي مع لافروف وجاووش أوغلو لمناقشة الأزمة السورية إنه "سيكون هناك مبادرة لإيصال المساعدات الإنسانية"، موضحاً أن "القضية السورية مرتبطة بعقول وقلوب الشعب القطري".
وأضاف: "صيغتنا التشاورية الجديدة موازية لمسار أستانة وتخص المسائل الإنسانية"، مؤكداً دعم الدوحة وحدة الأراضي السورية ومفاوضات اللجنة الدستورية السورية والعودة الآمنة والطوعية للاجئين.
وقال "إنه بحث مع نظيريه الروسي والتركي، تطورات الملف السوري، مؤكداً أنه لا حل عسكرياً للأزمة" .
وفيما أشار لافروف إلى أن العمل على الصيغة الجديدة انطلق قبل نحو عام، رحب بالدور الذي تسعى الدوحة إلى القيام به.
وأوضح أن هذا أول لقاء على هذا المستوى الوزاري بين الدول الثلاث بشأن سورية، مشدداً على أن "تحركات اللاعبين الدوليين يجب أن تحترم وحدة أراضي وسيادة سورية". لكنه اعتبر "أن العقوبات الغربية غير القانونية موجهة ضد الشعب السوري بأكمله وتمنع حل المشاكل الإنسانية".
وبينما اعتبر وزير الخارجية الروسي أن هناك حتمية لعودة سورية إلى الجامعة العربية، وأن ذلك سيؤدي إلى تحقيق الاستقرار بالمنطقة كلها، قال وزير الخارجية القطري، إن "أسباب تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية ما زالت قائمة".
وتابع قائلاً: "نتمنى حدوث تقدم سياسي في سورية لأنه السبيل لعودتها للجامعة العربية"، مؤكداً أن قطر مستمرة في دعم الشعب السوري والوصول إلى تسوية سياسية تعيد العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين.
وخلال المؤتمر الصحافي المشترك، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، إن بلاده تواصل الدفاع عن وحدة الأراضي السورية وحماية المدنيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، مشيراً إلى أن بلاده قررت مواصلة الاجتماعات المشتركة مع قطر وروسيا لبحث الملف السوري.
وفيما أوضح أن الاجتماع المقبل سيعقد في تركيا، أضاف جاووش أوغلو: "أكدنا ضرورة زيادة الجهود لمضاعفة المساعدات الإنسانية لسورية، ولا سيما لمواجهة فيروس كورونا".
وأوضح الوزير التركي أن أنقرة تواصل التعاون مع قطر لتخفيف الأزمة الإنسانية في سورية والوصول إلى حل سياسي، داعياً إلى "الضغط على النظام السوري لكسر الجمود في الوضع الراهن".
وجاء في بيان مشترك عقب الاجتماع أن وزراء خارجية قطر وروسيا وتركيا جددوا التزامهم حماية سيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية، معبّرين عن اقتناعهم بأنه لا يوجد أي حل عسكري للنزاع السوري. كذلك جددوا التزامهم دعم الخطوات التي ترعاها الأمم المتحدة لدعم الأطراف السورية في الوصول إلى حل سياسي يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254، وبيان جنيف 2012.
وذكر البيان المشترك كذلك أن الوزراء أكدوا تشبثهم بمحاربة الإرهاب بأشكاله وتمظهراته كافة، والتصدي للأجندات الانفصالية التي تهدد وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وتشكل تهديداً كذلك للأمن القومي لبلدان الجوار.
وشددوا على أهمية دور اللجنة الدستورية وأهمية ضمان احترام مبادئها الأساسية من قبل الأطراف السورية، مبدين دعمهم للانخراط البناء دون أي تدخل أجنبي في عمل اللجنة الدستورية.
من جانب آخر، عبّر الوزراء عن قلقهم العميق بخصوص الوضع الإنساني بسورية، وتداعيات جائحة كوفيد – 19، وما تشكله من تحديات عميقة للمنظومة الصحية بسورية، والأوضاع الاجتماعية، والاقتصادية، والإنسانية. ودعوا كذلك إلى زيادة المساعدات المخصصة للسوريين، وتسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين بالداخل.
وعلى صعيد محادثات السلام التي تحتضنها الدوحة بين حركة "طالبان" والحكومة الأفغانية، قال وزير الخارجية القطري إن "هناك اهتماماً دولياً بالمفاوضات التي تجري بين الأطراف في أفغانستان"، لافتاً إلى وجود "عدة مبادرات لتعزيز هذا المسار" وتنسيق مع موسكو بهذا الشأن.
وفيما شدد وزير الخارجية القطري على أن "السلام لن يتحقق إلا باتفاق الأطراف الأفغانية"، تابع قائلاً: "نحن على تواصل مع روسيا في الموضوع الأفغاني، وهناك علاقة مبنية على الثقة بيننا ونثمن الدعم الروسي لمسار الدوحة، وهم قدموا دعوة للممثل القطري لحضور اجتماع موسكو".
وأكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن قطر تلقت دعوة للمشاركة في المؤتمر الذي سيُعقد هذا الشهر في موسكو بشأن أفغانستان.
في المقابل قال لافروف "لا نتنافس مع قطر أو أي دولة أخرى فيما يخص المفاوضات الأفغانية"، مشيراً إلى أنه قبل محادثات الدوحة جرت محادثات بإسطنبول وموسكو.
كما أقر بوجود بعض القضايا العالقة، معرباً عن أمله في تحريك عملية السلام الأفغانية.
من جانب آخر أشاد وزير الخارجية القطري بالعلاقات بين الدوحة وموسكو، قائلاً: "تربط قطر بروسيا علاقات قوية، وهناك استثمارات كبرى في روسيا، ونثمن الشراكة مع روسيا".
جاووش أوغلو يلتقي حجاب
في سياق ذلك، التقى جاووش أوغلو، مساء اليوم الخميس، رئيس الوزراء السوري المنشق عن نظام الأسد والمنسق السابق لـ"الهيئة العليا للتفاوض"، رياض حجاب، في الدوحة.
وقال جاووش أوغلو، في تغريدة له نشرها على حسابه الرسمي في "تويتر"، اليوم الخميس: "أتينا إلى لقاء ثلاثي في قطر، والتقيت رئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب". وأضاف جاووش أوغلو: "ناقشنا خلال اللقاء التطورات المتعلقة بالأوضاع الأخيرة في سورية".
Üçlü toplantı için geldiğimiz Katar’da Suriye eski Başbakanı Riyad Hicab’la #Suriye’deki son duruma ilişkin gelişmeleri ele aldık. pic.twitter.com/bEv5WsnNMo
— Mevlüt Çavuşoğlu (@MevlutCavusoglu) March 11, 2021
وقال الناشط التركي المهتم بالشأن السوري، جلال ديمير، في منشور له على صفحته في "فيسبوك" معلقاً على لقاء جاووش أوغلو بحجاب، إنّ "تطورات جديدة قادمة بخصوص سورية، ولقاء جاووش أوغلو برياض حجاب في قطر، هو دليل على قدوم أخبار ساخنة".
وتشير معلومات متضاربة، اطلع "العربي الجديد" عليها دون التمكن من تأكيدها، إلى تحرك لتشكيل جسم سياسي جديد، يكون لرئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب دور فيه، وربما تتكشف خيوطه في الأيام القليلة المقبلة.
وفي السياق، قال حجاب، مساء اليوم الخميس، خلال لقاء تلفزيوني مع قناة "الجزيرة"، إنّ "بشار الأسد يقترب من المحاسبة ولا يمكن إعادة إنتاجه"، مُشيراً إلى أنّ "بشار الأسد لن يكون رجل المرحلة المقبلة".
وأضاف حجاب: "تابعنا باهتمام اللقاء الثلاثي في الدوحة حول سورية، ونحن بحاجة لدور عربي لإنهاء المأساة السورية"، لافتاً إلى أنّ "السعودية قدمت للدولة السورية 200 مليون دولار من أجل الإصلاح، إلا أنّ الأموال ذهبت لحساب بشار الأسد الخاص"، مؤكداً أنّ "بشار الأسد لا يملك أي شيء يقدمه للسوريين في برنامجه الانتخابي القادم"، وفق قوله.
وأشار حجاب إلى أنّ "الأمور تتسارع وهذا العام يحمل انفراجاً للسوريين"، جازماً بأنّ "التغيير سيكون حتمياً وبشار الأسد لن يكون رئيساً لسورية". وتابع: "سورية مقبلة على تحول كبير بسبب تفكك الدائرة الضيقة حول بشار الأسد"، مشدداً على أن "قصة الثورة السورية لم تنتهِ ويجب أن يثق الجميع بقضية التغيير".
ورأى حجاب أنّ "روسيا تسعى لإعطاء الشرعية لبشار الأسد قبل الانتخابات القادمة"، لافتاً إلى أنه لا يمكن تعويم نظام الأسد لا دولياً ولا إقليمياً، مؤكداً أن الإدارة الأميركية الجديدة تعمل على مقاربة جديدة للتعامل مع الملف السوري.
وأقرّ حجاب بأنّ "هناك ترهلاً في أداء مؤسسات المعارضة ولم تستطع تشكيل بديل لبشار الأسد لعدة أسباب، وقد وقعت في فخ المحاصصات"، مضيفاً أنّ "مؤسسات المعارضة تحتاج إلى إعادة تشكيل بالكامل".
إلى ذلك، أكد رئيس "تيار الغد السوري"، والرئيس الأسبق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أحمد الجربا، أنّ "اللقاء الثلاثي الروسي التركي القطري في الدوحة، انطلاقة مسار جديد في المسألة السورية"، جازماً أنه "سيكون أهم من مسار أستانة وأكثر فاعلية منه، خاصة أنه يأتي بعد استلام إدارة جو بايدن، وبعد المصالحة العربية في قمة العلا، وعودة المنطق والاتزان للعلاقات العربية والخليجية"، آملاً أن "يؤسس هذا المسار لرؤية نور في آخر النفق السوري المظلم".
وأشار الجربا، في منشور له على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، إلى ضرورة "الخلاص والتخلص من حالة الاستعصاء التي وصل إليها واقع الحالة في سورية"، مضيفاً أنه "يجب علينا استخلاص العبر وتضافر الجهود من كل الأطراف المحلية الإقليمية والدولية المؤثرة للخروج بحل منطقي يرضي التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب السوري، ويستجيب لتطلعاته وطموحاته".
ورجح "في المستقبل القريب أن تنضم الولايات المتحدة الأميركية، وجمهورية مصر العربية لهذا المسار"، الذي اعتبره "بليغ الأثر في الوصول للحل السياسي المنشود".