ينطلق اليوم الأحد اجتماع شرم الشيخ بمشاركة ممثلين عن السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر والأردن والولايات المتحدة، على وقع استشهاد 24 فلسطينياً بنيران الاحتلال الإسرائيلي منذ اجتماع العقبة الذي انعقد يوم 26 فبراير/ شباط الماضي.
ويلتئم الاجتماع الذي تسوّقه الولايات المتحدة الأميركية على أنه يأتي "تهدئة للخواطر"، في ظل تهديدات لجيش الاحتلال بتكثيف عمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية قبل حلول شهر رمضان، واحتجاجات فلسطينية على مشاركة السلطة في اجتماع العقبة.
ووصل إجمالي عدد الشهداء منذ بداية العام الجاري إلى 89 شهيداً فلسطينياً، قضى أغلبهم في عمليات اغتيال إثر اقتحام قوات الاحتلال للمناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، حسب اتفاق أوسلو، المعروفة بمناطق "أ".
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات، لـ"العربي الجديد"، إنّ من المقرر أن تعقد لقاءات ثنائية بين الأطراف المشاركة في اجتماع شرم الشيخ، بناءً على رغبة أميركية تهدف إلى "إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتعزيز التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، على الرغم من فشل اجتماع العقبة وعدم تنفيذ مخرجاته من قبل إسرائيل، وفشل مساعي التهدئة".
ويشارك في اجتماع شرم الشيخ عن الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات، ماجد فرج، والناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة.
ورغم أن قرارات اجتماع العقبة الموقعة من الطرفين أعلنت "تأكيد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التزامهما جميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم، وجددا تأكيد ضرورة التزام خفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف"، إلا أن إسرائيل استمرت باقتحام مناطق الضفة الغربية وتنفيذ سياسة الاغتيالات والاعتقال.
ونفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي 380 اقتحاماً عسكرياً لمناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة منذ 26 فبراير/ شباط وحتى 17 مارس/ آذار الجاري، حسب ما أفاد "مركز المعلومات الفلسطيني" (مُعطى) لـ"العربي الجديد".
وبدأت مساء أمس في شرم الشيخ الجلسات التحضيرية للاجتماع.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ"العربي الجديد": "أخبرنا الإدارة الأميركية والوسطاء المصريين والأردنيين بأنّ من الضروري أن نحصل على أي إنجاز يخفف من حدة الغضب الداخلي ضد السلطة الفلسطينية".
وأضاف المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه: "نسعى وراء أي إنجاز يخفف من الغضب الشعبي، حيث سبق لقاء شرم الشيخ بيومين مجزرة في جنين يوم الخميس الماضي أدت إلى استشهاد أربعة فلسطينيين وإصابة ثلاثة وعشرين آخرين منهم خمسة في حالة الخطر".
وتابع: "نريد الحصول على أي إنجاز من الجانب الإسرائيلي حتى نقنع حلفاءنا من الفصائل في منظمة التحرير بجدوى المشاركة"، مشيراً إلى أنه "على الأقل نريد أن نحصل على أموال المقاصة (عائدات الضرائب) وجزء من أموال معبر الكرامة التي تحتجزها إسرائيل منذ عشر سنوات".
وحسب المعلومات، فإن الفلسطينيين رصدوا جميع الاعتداءات الإسرائيلية منذ اجتماع العقبة، وأطلعوا عليها المسؤولين الأميركيين، وحملوا نسخة ترصد هذه الاعتداءات لعرضها في اجتماع شرم الشيخ.
وقال الأمين العام لحركة "المبادرة الفلسطينية"، مصطفى البرغوثي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "اجتماع شرم الشيخ اجتماع أمني آخر يخلو من أي نقاش سياسي"، متسائلاً: "ما الجدوى من عقده إذا كانت إسرائيل قد تنكرت لاجتماع العقبة حتى قبل أن ينتهي؟".
وأردف بالقول: "لا أعتقد أن حكومة إسرائيل المتطرفة ستحترم اجتماع شرم الشيخ. لا أعرف ما هو الهدف من عقد لقاء مع حكومة بنيامين نتنياهو التي تتعرض لعزلة متصاعدة دولياً وانقسام شديد داخلي، ومعرضة للسقوط في أي وقت، كان الأجدى للفلسطينيين مقاطعة هذه الحكومة، لا اللقاء معها".
وشدد البرغوثي بالقول: "هذا النهج من المراهنة على المفاوضات مع حكومة إسرائيل التي تنكرت لكل الاتفاقيات أثبت فشله، وتكرار التجارب الفاشلة ذاتها لن يؤدي إلا إلى الفشل".
وختم قائلاً: "هناك إجماع من القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية وغالبية فصائل منظمة التحرير على عدم المشاركة واحترام قرارات المجلس المركزي، لأن اجتماع شرم الشيخ مثل اجتماع العقبة، هدفه الوحيد تثبيت وإعادة التنسيق الأمني ليكون أكثر فاعلية، رغم أنه لم يتوقف أصلاً على الأرض، وهذا يخلق خوفاً من وقوع صدام فلسطيني داخلي".
حركة حماس: هذا المسار لا يخدم سوى الاحتلال
ودانت حركة "حماس" مشاركة السلطة الفلسطينية في اجتماع شرم الشيخ، وقالت في بيان إنه يلتئم "بحضور الكيان الصهيوني المحتل، الذي يُصعّد عدوانه ضد شعبنا، ويرتكب الجرائم المروّعة في جنين ونابلس وعموم الضفة الغربية المحتلة، التي زادت وتيرتها بعد الاجتماع الأمني المشؤوم في العقبة".
واستهجنت حماس في البيان ذاته "إصرار قيادة السلطة على خروجها عن الإجماع الوطني والاستهتار بدماء الشهداء وعذابات الأسرى، باجتماعها مع الصهاينة الفاشيِّين ومنحهم الفرصة والغطاء لارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا".
وجددت حماس دعوتها للسلطة الفلسطينية إلى التوقف الفوري عما أسمته "الانزلاق في مسار المشاريع الأمنية الخطيرة التي تستهدف مقاومة شعبنا الفلسطيني".
ولفتت إلى أن "هذا المسار لا يخدم سوى الاحتلال وإطالة أمده وتحسين صورته دوليّاً، على حساب حقوقنا الوطنية المشروعة". ودعت السلطة إلى "وقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال وأجهزته الأمنية بلا رجعة، والانحياز إلى الإجماع الوطني وإرادة الشعب الفلسطيني في المقاومة الشاملة حتى دحر الاحتلال الفاشي عن كامل التراب الوطني، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".
وكان عضو اللجنتين المركزية والتنفيذية عزام الأحمد، قد صرّح مساء الخميس الماضي بعد العملية الإسرائيلية، قائلاً: "ما المبرر لعقد اجتماع آخر في شرم الشيخ إذا كانت إسرائيل لا تلتزم ما توقّع عليه؟".
وسبق اجتماع شرم الشيخ ثلاثة اجتماعات الأسبوع الماضي كشف عنها "العربي الجديد"، أولها كان يوم الثلاثاء الماضي في تل أبيب بين الفلسطينيين ومسؤولين من الاحتلال الإسرائيلي، والثاني في رام الله يوم الأربعاء بين المسؤولين الفلسطينيين والممثل الأميركي الخاص للشؤون الفلسطينية هادي عمرو، والثالث في عمّان مساء الخميس بين المسؤولين الفلسطينيين والأردنيين.