اختتم مساء الجمعة في تونس، اجتماع وزراء خارجية تونس والجزائر وليبيا، عثمان الجرندي، ورمطان لعمامرة، ونجلاء المنقوش.
وبحسب بيان للخارجية التونسية، فقد استأثر الوضع في ليبيا بحيز من التشاور، حيث أكد الوزراء الثلاثة "ضرورة المضيّ قدماً نحو استكمال المسار السياسي وإجراء الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية في كنف الوفاق الوطني، بما يسهم في تركيز دعائم الأمن والاستقرار في الشقيقة ليبيا والمنطقة".
وشدد البيان الختامي المشترك للاجتماع الوزاري التشاوري التونسي الجزائري الليبي، على "أهمية استقرار ليبيا لضمان أمن واستقرار المنطقة عموماً، وعلى ضرورة استكمال المسار السياسي في كنف الوفاق والوحدة من خلال حوار ليبي-ليبي وحشد الجهود الوطنية لتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد الصفوف والرؤى وفق مقاربة تقوم على مبدأ الملكية والقيادة الليبية للعملية السياسية ضمن الشراكة الفاعلة مع المجتمع الدولي".
وأبرز الوزراء "أهمية الاستحقاقات الانتخابية لبناء مستقبل ليبيا في كنف الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية، بما يساعدها على التفرغ لإعادة البناء والإعمار ويعيد إلى ليبيا مكانتها الإقليمية كقطب اقتصادي ومالي، وبما من شأنه أن يسهم في الاندماج الاقتصادي لجميع دول المنطقة ويعزز الاستقرار الاقتصادي لدول الجوار ودعم الشراكات الاستراتيجية الاقتصادية على أساس المصالح المشتركة والمنافع الاقتصادية المتبادلة والتنمية المستدامة الشاملة".
ورحّب الوزراء بـ"قرب استئناف اللجنة الدستورية المشتركة لأشغالها بالقاهرة، وشجعوا أعضاءها الممثلين لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على استغلال هذه الفرصة لبلورة التوافقات الضرورية بغية استكمال صياغة الأساس الدستوري، الذي من شأنه تمكين الشعب الليبي من ممارسة حقه السيادي في اختيار قادته وممثليه في أقرب وقت ممكن".
وفي جانب آخر، أكد الوزراء "ضرورة مضاعفة الجهود المشتركة من أجل التصدي للتهديدات الإرهابية التي تستهدف المنطقة ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود والجرائم السيبرانية ودعم الآليات المشتركة على الصعيدين الإقليمي والدولي من أجل تعزيز قدرات هذه الآليات للاستجابة لمختلف هذه التهديدات".
واستعرضوا "قضية الهجرة وأكدوا أهمية بلورة رؤية مشتركة في التعامل مع قضايا الهجرة غير النظامية وما تطرحه من تحديات أمنية وإنسانية وفق مقاربة قائمة على التنمية المتكافئة وتعزيز مسارات الهجرة النظامية".
وشدد البيان على "أهمية دعم التعاون المشترك في مجالات حيوية على غرار الأمن الصحي والأمن الطاقي والأمن الغذائي والأمن البيئي، في ظل ما فرضته جائحة كوفيد-19 والمستجدات الدولية من رهانات في هذه المجالات".
من جانب آخر، اطّلع الوزراء على التحضيرات الجارية للقمة العربية التي ستحتضنها الجزائر يومي 1 و2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 والجهود المبذولة لإنجاح هذا الموعد العربي الهام، بغية الخروج بنتائج وقرارات طموحة تستجيب لتطلعات الشعوب العربية.
اطّلع الوزراء على التحضيرات الجارية للقمة العربية التي ستحتضنها الجزائر يومي 1 و2 نوفمبر/كانون الثاني 2022
في هذا الإطار، ثمن الوزراء حرص الجزائر على توفير الشروط والأجواء المواتية للمّ شمل الدول العربية، مؤكدين مساندتهم وانخراطهم التام في المساعي الرامية إلى تحقيق التوافقات الضرورية حول المواضيع المتعلقة، خصوصاً بتفعيل مبادرة السلام العربية لضمان حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود سنة 1967 وعاصمتها القدس الشريف، إلى جانب إنجاح مشروع إصلاح جامعة الدول العربية لتمكينها من مواكبة التطورات على المستويين الإقليمي والدولي، وما نتج منها من تداعيات، فضلاً عن ضرورة تعزيز مكانة المجموعة العربية على الصعيد الدولي.
وفي ما يتعلق بمستجدات الأوضاع على الساحة القارية، اتفق الوزراء على تعزيز التنسيق والعمل بصفة مشتركة وموحدة للمساهمة في تعزيز دور منظمة الاتحاد الأفريقي وجعلها أكثر فعالية وأسرع استجابة للتحديات التي تواجهها دول القارة وشعوبها في كنف الوحدة والتضامن والنأي بها عن محاولات استغلالها وبثّ التفرقة بين أعضائها.
وتطرّق الاجتماع الوزاري إلى "تطورات الأزمة في أوكرانيا وتداعياتها على الفضاءين العربي والأفريقي، وكذلك الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تمكين طرفي النزاع من التوصل إلى حل سلمي، ولا سيما مساهمة جامعة الدول العربية في هذه المساعي عبر مجموعة الاتصال الوزارية. وفي هذا السياق، أكدوا تمسكهم بمبادئ عدم الانحياز والدعوة إلى ضرورة تعزيز النظام الدولي متعدد الأطراف في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين عبر تفعيل دور منظمة الأمم المتحدة في الوقاية من النزاعات وحلها".
باشاغا يشيد ببيان الرئاسة التونسية
من جانب آخر، أشاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، بالبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية التونسية الداعم للحل السياسي الليبي-الليبي، وحرص الشقيقة تونس على وحدة ليبيا واستقرارها.
وقال باشاغا عبر حسابه في "تويتر": "الحكومة الليبية نتاج اتفاق مجلسي النواب والدولة وفقاً للاتفاق السياسي الليبي المبرم عام 2015 بالصخيرات، وسوف أستمر في دعم هذا التوافق والتمسك بالحلول السياسية السلمية. وأدعو كل الليبيين للتمسك بما يجمعنا حتى نصل لسلطة منتخبة عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة".
وفي مقارنة بحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أضاف: "لا يمكن المقارنة بين سلطة ناتجة من توافق ليبي ــ ليبي من خلال مؤسسات تشريعية شرعية ومنتخبة، وعُصبة خارجة عن القانون تستخدم المدنيين في العاصمة كدروع بشرية بغرض الابتزاز السياسي"، على حد قوله.
ولم يصدر بعد تعليق من الدبيبة على تصريحات باشاغا.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد جدد تأكيده "استعداد تونس الدائم للوقوف إلى جانب الليبيين لدعم جهودهم من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تمكنهم من التفرغ لجهود التنمية والإعمار".
جاء ذلك بعد استقبال سعيّد الجمعة لوزيرة الليبية نجلاء المنقوش، التي ترأس وفد ليبيا في جلسة المشاورات المشتركة بين الجزائر وتونس وليبيا، الجمعة، في تونس، وفق بيان لرئاسة الجمهورية التونسية عبر صفحتها بموقع "فيسبوك".
وأضاف بيان الرئاسة التونسية أن سعيّد ذكّر خلال هذا اللقاء بموقف تونس الثابت من الأوضاع في ليبيا والقائم على دعم الحل السلمي الليبي ــ الليبي بعيداً عن التدخلات الخارجية والمتمسّك بوحدة هذا البلد، مشيراً إلى أن أمن ليبيا واستقرارها من أمن واستقرار تونس.
وبيّن قيس سعيّد للمنقوش "أن تونس تحترم خيارات الشعب الليبي، وهي على ثقة بأنه يتوافر على كل الإمكانات التي تمكّنه من النجاح في الخروج من هذا الوضع الدقيق الذي يمرّ به، بالرغم من صعوبة الظرف الإقليمي والدولي وحدّة التحديات المطروحة وتعدّدها".
وأشارت الرئاسة التونسية إلى أن المنقوش قدمت من جانبها للرئيس قيس سعيّد عرضاً حول آخر التطورات في ليبيا، والجهود المبذولة من أجل إرساء حوار حقيقي جامع يمهّد لخطوات سياسية قادمة ويحمي ليبيا من مخاطر التقسيم والتدخل الخارجي.