اجتماع أوروبي بشأن أفغانستان: هل يقر قوة تدخل سريع؟

02 سبتمبر 2021
يشغل ما يحدث في أفغانستان حالياً الاتحاد الأوروبي (Getty)
+ الخط -

لا يوجد نقاط تتباعد فيها الرغبة والواقع على نطاق واسع في السياسة الأوروبية، كما هو الحال في السياسة الخارجية والأمنية. ويشغل ما يحدث في أفغانستان حالياً الاتحاد الأوروبي الذي يجتمع وزراء الخارجية والدفاع في دوله بسلوفينيا التي تترأس الاتحاد لهذا الشهر، اليوم الخميس وغداً الجمعة، لبحث هذا الملف الشائك.

وسينصب التركيز، بحسب وسائل إعلام ألمانية، في اجتماع اليوم، على كيفية التعامل مع حكم "طالبان" مع انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" من البلاد، وكيفية تقديم المزيد من الدعم للأشخاص المحتاجين هناك، فيما ستطرح أسئلة من قبل وزراء الدفاع عن الدروس العسكرية التي تم استخلاصها من التطورات وعواقب الانسحاب. كل ذلك، وسط تأكيدات لمسؤولين أوروبيين على ضرورة أن يكون للاتحاد الأوروبي قوة تدخل عسكرية خاصة به.

وفي هذا الإطار، نقلت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، عن خبراء دفاع أوروبيين، أنّ ما صدر من كلام عن الرئيس الأميركي جو بايدن، وفيه أنّ قرار الانسحاب لا يتعلق فقط بأفغانستان، بل يتعلق بدور أميركا في العالم "بنهاية حقبة من العمليات العسكرية التي أرادت تغييرها واشنطن في بلدان أخرى"، يشكل دعوة للاستيقاظ لأوروبا، كما وأنّ منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يريد مناقشة نتيجة محددة لمهمة أفغانستان وينصح الاتحاد الأوروبي بقوة رد عسكري سريع.

واليوم قال بوريل، قبيل الاجتماع، إنّ انسحاب الغرب الفوضوي من أفغانستان سيكون على الأرجح عاملاً محفّزاً في محاولات الاتحاد الأوروبي لتطوير دفاعاته المشتركة، مضيفاً أنه يتعين تشكيل قوة للرد السريع في إطار ذلك.

وأضاف للصحافيين "هناك أحياناً أحداث تُحفز التاريخ وتُحدث انطلاقة، وأعتقد أنّ أفغانستان واحدة من هذه الحالات"، مشيراً إلى أنّ "الحاجة لدفاع أوروبي أكثر قوة باتت جلية أكثر من ذي قبل".

ونقلت "إيه آر دي" عن مساعدي بوريل أنّ الهدف من تشكيل القوة، وعلى سبيل المثال، تأمين باقي رحلات الإجلاء بعد الانسحاب الأميركي من كابول.

وربطاً بهذا الطرح، لم يتردد الخبير في السياسة الأمنية وأستاذ العلوم السياسية في جامعة هالي فيتنبرغ يوهانس فارفيك، بالقول خلال تصريحات لـ "إيه آر دي"، إنه "يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي قادراً على حل مشكلة مطار كابول بمفرده، رغم قناعته بأنه غير قادر حالياً على ذلك"، مبرزاً أنّ "هناك نقصاً في التدريبات المشتركة والمهارات لهذه العملية الصعبة"، ومشدداً على أنه "ينبغي التغلب على كل العقبات إذا كان الأوروبيون يريدون أن يؤخذوا على محمل الجد في هذا المجال".

خبير: يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي قادرا على حل مشكلة مطار كابول بمفرده

علاوة على ذلك، انتقد فارفيك بعض القدرات العسكرية لعدد من الدول الأعضاء، و"حيث لا تزال حكوماتها تطارد الوهم القائل بقدرتها على المضي قدماً بمفردها على المستوى الوطني، ويجب أن يتغير ذلك بسرعة لأن الأميركيين لم يعودوا يلعبون الدور الذي لعبوه لسنوات عديدة وسمح لأوروبا أن تشعر بالراحة إذا جاز التعبير، مضيفاً "ربما انتهت هذه الحقبة مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان".

وعن طرح بوريل بخصوص قوة التدخل السريع الموجودة أساساً على الورق منذ زمن، وهي ليست بالفكرة الجديدة، كشفت تقارير صحافية أنها قد تتألف من 5 آلاف جندي يتم نقلهم إلى بلدان الأزمات في غضون فترة زمنية قصيرة، إلا أنّ الترقب لكيفية مقاربة هذا الطرح حالياً، خاصة وأنه كانت هناك مقاومة سابقة للفكرة من قبل دول مثل بولندا ودول البلطيق. ومن المعروف، أن دول شرق أوروبا تفضل تقليدياً "الناتو"، وتتفاعل بنوع من الحساسية المفرطة عندما يتم التخطيط للهياكل العسكرية الأوروبية بشكل مستقل عن واشنطن.

ومع توجه بروكسل للعمل على صياغة للمصطلحات الجيوساسية بعد مغادرة دول الاتحاد لكابول، دعت عضو البرلمان الأوروبي عن حزب "الخضر" الألماني هانا نيومان والباحثة في الصراعات والسلام، إلى إعادة تقييم ومعالجة شاملة والرد مثلاً على سؤال، لماذا لم يتم استخدام الإمكانات العسكرية القليلة الموجودة عند حدوث الانسحاب من هناك؟ قبل أن تشير أيضاً وباستغراب إلى كيف لم ينجح الاتحاد الأوروبي، وفي حالة أفغانستان، من تفعيل وحدة الإخلاء المشتركة التي يمتلكها، وبدلاً من ذلك تصرفت الحكومات بمفردها إلى حد كبير.

عين على آسيا

وبخصوص ما يمكن أن يعنيه الانسحاب الأميركي من دور وقوة النظام العسكري العالمي بالنسبة لأمن الأوروبيين أنفسهم، وعلى سبيل المثال بالنظر إلى جهود التسلح التي تبذلها موسكو، لا يرى الخبير فارفيك أنّ ضمان المساعدة الأميركية أمر معرض للخطر، لكن من الواضح أنّ عين واشنطن تتجه أكثر نحو آسيا.

ولفت الأستاذ الجامعي إلى أنه "وكلما نظرت الولايات المتحدة إلى الصين باعتبارها أكبر مشكلة أمنية في عهد بايدن، يمكن أن تتراجع الاحتياجات الأمنية للأوروبيين. وإذا توقف الأوروبيون عن فعل أي شيء داخل الناتو، فإن ضمان الأميركيين بالمساعدة سيفقد أيضاً أهميته. وهذا يعني أنّ الأمر متروك للأوروبيين فيما إذا كان الأميركيون سيظلون متورطين في الشؤون الأوروبية الأمنية أم لا"، وفق ما يعتقد فارفيك.

المساهمون