اتهامات لأحزاب جزائرية بارزة بخوض حملة انتخابية مناهضة للحراك الشعبي

23 مايو 2021
يناهض الحراك الانتخابات ويحشد لمقاطعتها (Getty)
+ الخط -

تركز أحزاب سياسية جزائرية بارزة خطاب حملتها الانتخابية استعداداً للانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو/ حزيران المقبل، على مهاجمة الحراك الشعبي والمكونات السياسية والمدنية التي تستمر في خيار التظاهر في الشارع، وترفض المسار الانتخابي.

وإذا كان موقف أحزاب الموالاة التي كانت تدعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، يبدو متفهّماً لكون الحراك الشعبي سبّب عزلتها السياسية وفكّ ارتباطها مع السلطة، فإن موقف بعض أحزاب المعارضة التي كانت قد شاركت في الحراك في بداياته، يبقى مدعاة للتساؤل عن مبررات موقفها الحالي من الحراك.

ولم يفوّت الأمين العام لـ"حزب جبهة التحرير الوطني" (الحزب الأول للسلطة سابقاً) أبو الفضل بعجي، فرصة الحملة الانتخابية لمهاجمة الحراك الشعبي، خاصة أن الأخير رفع شعارات تطالب بحل هذا الحزب، وحمّله مسؤولية تبرير النكبات التي شهدتها الجزائر. وانتقد بعجي في تجمّع انتخابي "الحراك الذي يهاجم مؤسسات الدولة ويسعى للنيل منها، والدفع نحو إطلاق مرحلة انتقالية، ورفض الانتخابات كخيار لتجديد مؤسسات الدولة، ومنح الشعب الكلمة الأخيرة في تفويض ممثليه".

وهاجم الأمين العام لـ"التجمع الوطني الديمقراطي"، الطيب زيتوني، مسيرات الحراك الشعبي المنتظمة كل يوم جمعة، ووصفها بـ"المظاهرات غير المسؤولة"، على خلفية الشعارات التي ترفع فيها. وقال في تجمّع شعبي عقده في مدينة قسنطينة، كبرى مدن الشرق الجزائري بمناسبة الحملة الانتخابية: "مسيرات الجمعة غير مسؤولة، استغل فيها المواطن والحراك للطعن في الجيش والمقومات الوطنية، وهدفها إلحاق الضرر بالوطن"، مضيفاً أن "الحراك المبارك لُوِّث بسموم بعض المخابر الأجنبية، التي تطعن في الجيش وتريد إلحاق الأذى بالوطن لمصلحة مستعمر الأمس فرنسا".

ويتوافق هذا الخطاب تماماً مع الخطاب الرسمي الذي تتبناه السلطات الرسمية والجيش والمؤسسات الأمنية الرسمية، التي تشير بوضوح في الخطابات والبيانات إلى مزاعم بوجود مؤامرة من قبل حركات متشددة وانفصالية سيطرت على الحراك، لدفعه نحو التطرف، بتوجيه من مصالح وجهات أجنبية، على غرار ما أشارت إليه "مجلة الجيش"، لسان حال وزارة الدفاع قبل أسبوع.

وإذا كانت مواقف أحزاب الموالاة تجد لها مبرراً في كونها تسعى إلى الثأر من الحراك نفسه، فإن أحزاباً معارضة تتبنى الموقف نفسه بخلفية استعداء الحراك الشعبي للمسار الانتخابي، بينها "حركة البناء الوطني" التي اتهم رئيسها عبد القادر بن قرينة، مكونات الحراك الراهن بأنهم "أصحاب الأجندات المشبوهة التي تسعى إلى محاولة تفكيك الجبهة الداخلية للوطن وزعزعة التماسك الاجتماعي، وكذا الاستحواذ على الحراك الشعبي وتحويله إلى حراك مؤدلج دخيل"، وقال في تجمّع انتخابي عقده في مدينة سطيف شرقي الجزائر: "أصحاب هذه الأجندات أرادوا حسبه إدخال الوطن وشعبه في نفق مظلم، وكذا تحويل الحراك من مطالب سياسية إلى حراك يفرق بين الجزائريين ويهاجم المؤسسات الدستورية، لتوفير مناخ للمغامرة في مرحلة انتقالية".

وانتقد رئيس "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد، مكونات الحراك الشعبي التي تتمسك بالخروج إلى الشارع، وترفض خيار الانتخابات، ووصفهم بـ"رافعي شعار النظرة القاتمة والتشكيك في جدوى الانتخابات"، وقال: "هاتوا حلولكم؟ هناك من كان ضمن الحراك يتحدث وينتقد، ولما عيّن وزيراً لم يستطع أن يتحرك أو يقدم حلولاً عملية في قطاعه"، مضيفاً أن "المسؤولية صعبة جداً، والتغيير ممارسات وليس شعارات، ولذلك نحتاج إلى تغيير الذهنيات وأساليب الحكم الموجودة في الجزائر من خلال إتمام المسار الانتخابي".

وكان بلعيد يشير إلى وزير الصناعة السابق، فرحات آيت علي، الذي كان من أبرز الناشطين في الحراك الشعبي، وقبل ذلك كان معروفاً بتوجيه انتقادات حادة إلى السياسات الاقتصادية التي كانت تنتهجها حكومات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكنه انقلب على كل أفكاره الاقتصادية، بعد تعيينه وزيراً للصناعة في أول حكومة شكلها الرئيس تبون، وأبدى فقراً كبيراً في اقتراح حلول لقطاع الصناعة، ما دفع الرئيس تبون إلى إقالته في شهر مارس/ آذار الماضي.

ويفسر الباحث المتخصص في الخطاب السياسي جمال قشي، في تصريح لـ"العربي الجديد" تركيز الأحزاب في خطابها على مهاجمة الحراك الشعبي، بـ"ثلاثة اعتبارات: الأول كون الحراك القائم مناهضاً للمسار الانتخابي ويعمل باتجاه المقاطعة والعزوف الذي لا يخدم مصلحة الأحزاب، ولذلك تجد الأحزاب المشاركة في الانتخابات ضرورة سياسية ودعائية لنسف المبررات التي يرتكز عليها الحراك في الدعوة إلى المقاطعة. والأمر الثاني هو السعي إلى وضع خط فاصل بين حراك البداية الذي يوصف بالمبارك، والحراك المتبقي. أما المبرر الثالث، فهو تقديم هذه الأحزاب لنفسها في صورة الأحزاب المنسجمة مع مؤسسات الدولة والمؤمنة بالحفاظ عليها، ويدخل في السياق نوع من استرضاء السلطة والجيش".

 
المساهمون