يوافق السبت المقبل مرور عام كامل على توقيع بغداد وأربيل اتفاقا لتطبيع الأوضاع في مدينة سنجار شمالي البلاد، بهدف إعادة الحياة إلى المدينة المدرجة على لائحة المدن المنكوبة بالعراق على غرار الموصل وتلعفر وبلدات أخرى احتلها تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أن أيا من بنود هذا الاتفاق لم يتحقق وأولها إخراج مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة من المدينة وجميع المليشيات الأخرى، وإعادة أهل المدينة إليها، وبدء حملة إعمار واسعة فيها برعاية الحكومة العراقية في بغداد ودعم الأمم المتحدة.
ووقعت كل من أربيل وبغداد الاتفاق في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، لكن مسؤولين محليين في المدينة ومنهم قائم مقام سنجار محما خليل الذي أكد في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أن عدد الجماعات المسلحة والمليشيات زاد بالضعف بعد توقيع الاتفاق، في إشارة إلى انتكاسة الاتفاقية وفشل تطبيقها.
وكان الاتفاق أساسا يهدف إلى إخراج الجماعات المسلحة غير العراقية من سنجار تمهيدا لعودة نازحيها الذين لا يزال نحو 80% منهم يرفضون العودة بسبب توتر الأوضاع في المدينة.
وإلى جانب مسلحي حزب العمال الكردستاني ينشط في المدينة أيضا عناصر مليشيات مسلحة تتبع فصائل حليفة لطهران مثل "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"عصائب أهل الحق".
وليلة أمس قالت وزارة داخلية إقليم كردستان في بيان لها بالمناسبة، إن الجماعات الخارجة عن القانون زادت سيطرتها على سنجار خلال الفترة الماضية، مؤكدة أنه "بعد مضي عام على توقيع اتفاق تطبيع الأوضاع في سنجار، لم تطبق أي خطوات عملية على الأرض".
وتابعت "مر عام على توقيع وإعلان اتفاق تطبيع أوضاع سنجار الذي أنجز بعد سلسلة من الاجتماعات والمناقشات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، برعاية وإشراف من بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق".
وأشارت إلى أن خضوع سنجار لسيطرة حزب العمال الكردستاني، وجماعات مسلحة خارجة عن القانون، حال دون عودة النازحين والإدارة الشرعية إلى المنطقة، مضيفة "بعد مضي عام على توقيع الاتفاق نجد أن سيطرة تلك الجماعات المسلحة على المنطقة باتت أقوى، وذلك دون أن تتمكن القوات الأمنية الاتحادية من التعرض لها، كما حدث قبل أيام حين قامت جماعات تابعة لحزب العمال الكردستاني وأمام أنظار القوات العراقية، بمنع مرشحي البرلمان العراقي من التوجه إلى المنطقة وممارسة حقهم في الدعاية الانتخابية، بشكل يتنافى مع كافة القوانين الداخلية والدولية ويتعارض مع الحرية السياسية وسيادة القانون".
ولفتت وزارة الداخلية في إقليم كردستان إلى أن "المهلة الزمنية لتطبيق اتفاق سنجار ليست مفتوحة، وأن الوقت ليس في صالح أي طرف، وأن المتضررين الرئيسيين من عدم تنفيذ الاتفاقية هم فقط أهالي المنطقة، والسيادة الوطنية العراقية"، داعية حكومة بغداد والأمم المتحدة والمجتمع الدولي للقيام بواجباتهم من أجل تطبيق اتفاق سنجار.
أبعاد إقليمية
مسؤول عراقي في بغداد، وصف الأزمة في سنجار بأن لها أبعادا إقليمية تتعلق بكل من الجانبين التركي والإيراني أيضا، مقرا بصعوبة تنفيذ الاتفاقية وإخراج مسلحي الكردستاني.
ووفقا للمسؤول الذي تحدث عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، فإن القيام بعملية عسكرية ضخمة لطرد مسلحي الكردستاني لن تكون صعبة أمام الجيش العراقي لكن الموضوع له أبعاد سياسية يدركها الجميع، معتبرا أن دخول فصائل حليفة لطهران بالفترة الأخيرة على خط دعم ومشاركة العمال الكردستاني في نفوذه داخل المدينة زاد الأمر سوءا".
وقال رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، الاثنين الماضي، إن وجود "العمال الكردستاني" والجماعات المسلحة الأخرى يحول دون تنفيذ اتفاق سنجار الموقع بين بغداد وأربيل قبل عام، لافتا إلى أن "المشكلة تكمن في أن السلطة التي تحكم سنجار حاليا ليست تابعة للحكومة الاتحادية، بل تتحداها".
وزاد التوتر في سنجار خلال الأيام الماضية مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية، وقام "العمال الكردستاني" بتصرفات استفزت سلطات إقليم كردستان "بعد قيامه الأحد الماضي بمنع ثلاثة من مرشحي "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الحاكم في الإقليم من دخول سنجار لممارسة دعاياتهم الانتخابية.
ويقدم "العمال الكردستاني" دعمه لعدد من المرشحين في الدائرة الانتخابية الثالثة في نينوى، وقام أخيرا بحملة لجمع بطاقات الناخبين لاستخدامها لمصلحتهم في الانتخابات المقرر أن تجري الأحد المقبل.