اتفاق المشري وصالح: ردود فعل ليبية متباينة وهذه أبرز السيناريوهات

22 أكتوبر 2022
صالح والمشري خلال لقائهما في المغرب (فيسبوك)
+ الخط -

التفاهم السريع والمفاجئ لرئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح، وخالد المشري حول ملفي السلطة التنفيذية والمناصب السيادية، أكثر الملفات جدلاً وتعقيداً في المشهد الليبي، أثار تساؤلات وردود فعل متباينة لدى مراقبي المشهد السياسي الليبي.

وأعلن صالح والمشري، مساء أمس الجمعة خلال مؤتمر صحافي في المغرب، اتفاقهما على توحيد السلطة التنفيذية في أقرب الآجال، وعقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً بمقر وزارة الخارجية المغربية في الرباط. 

وإثر إعلان التفاهم، عبّر رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، عن رفضه نتائج لقاء رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح، وخالد المشري، وطالبهما باعتماد قاعدة دستورية للانتخابات. 

وقال الدبيبة، عبر حسابه الخاص على تويتر: "الليبيون يطالبون الجميع بالإيفاء بالتزاماتهم تجاه الانتخابات، أما الحديث عن مسارات موازية، مثل تقاسم المناصب السيادية، فلم يعد مقبولاً"، مضيفاً: "أجدد مطالبتي للسيدين عقيلة والمشري بالإسراع في اعتماد قاعدة دستورية عادلة، تنهي المشكل القانوني الذي يمنع إجراء الانتخابات كما حصل في ديسمبر الماضي". 

ورد المشري على الفور، مشاركاً تغريدة الدبيبة، قائلاً: "سيد عبد الحميد كفى بيعاً للأوهام للشعب؛ عليك بتوفير العلاج لمرضى الأورام والكتاب المدرسي لأبنائنا الطلبة، ولا علاقة لك بما هو ليس من اختصاصك ولا صلاحياتك؛ فقط قم بعملك". 

وبعد توحيد السلطة التنفيذية الليبية مطلع العام الماضي، ممثلة بالمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، عادت البلاد للانقسام منذ فبراير/شباط من العام الحالي، إثر تكليف مجلس النواب حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، على الرغم من تحفظ مجلس الدولة حيالها، ولم تتسلم مهامها رسمياً من حكومة الوحدة، بسبب تمسك الأخيرة بالسلطة لحين التسليم لسلطة منتخبة. 

سيناريوهات محتملة لاتفاق صالح والمشري

ويطرح تفاهم الرئيسين جملة من الأسئلة، يبدأها أستاذ العلوم السياسية بالأكاديمية الليبية الدوكالي الهاين بالاستفسار حول التوقيت وسرعة التفاهم، وقال: "بغض النظر عن ذلك، الملاحظ أنهما ركزا على ضرورة توحيد السلطة التنفيذية دون تحديد طريقة ذلك، وما إذا كان ذلك يعني تغليب إحدى الحكومتين على الأخرى، أو اختيار حكومة جديدة". 

ويرى الهاين، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تركيزهما الحديث على ضرورة توحيد السلطة التنفيذية يعني "أنهما سيسعيان للدفع بالخلاف الحكومي القائم حالياً بين حكومة الدبيبة وحكومة باشاغا لتصعيد الأوضاع وتأزيمها سياسياً، والهدف تأجيل الانتخابات التي لن تحدث بوجود خلاف حكومي". 

ومن بين السيناريوهات المحتملة للاتفاق، يرى الهاين أن الرجلين "قد يكونان عقدا صفقة يكون بموجبها المشري رئيساً لحكومة جديدة، وخصوصاً أنه تحدث في مناسبات سابقة عن ضرورة تشكيل حكومة ثالثة لحل الخلاف الحكومي القائم، مقابل أن يترأس صالح مجلساً رئاسياً جديداً". 

ويستشهد الهاين في ذلك بتحمّس المشري في الرد على تغريدة الدبيبة دون أن يتخذ صالح موقفاً منها، كذلك سبق لصالح أن ترشح لشغل منصب رئيس المجلس الرئاسي، خلال انتخابات السلطة التنفيذية الحالية، إلا أنه خسر أمام قائمة الرئيس الحالي، محمد المنفي، بصحبة عبد الحميد الدبيبة، الذي ترأس الحكومة. 

ويعود الهاين للتأكيد أن المشري وصالح ركزا حديثهما على توحيد السلطة التنفيذية، دون أي تفاصيل حول الانتخابات، وقال: "دليلي على أن الاتفاق اتفاق على تقاسم المناصب، أنه تم بالتزامن مع اتفاقهما على تعيين شاغلي المناصب السيادية، وهو أمر لن يتم إلا بعد تقاسمها بين المجلسين". 

ويرى الباحث في الشأن السياسي خليفة الحداد، أن المشري وصالح متأكدان من أن اتفاقهما على تسلّم السلطة التنفيذية يحتاج موافقة دولية وأممية، وأن تنفيذه يبدو مستحيلاً في ظل إصرار الدبيبة على البقاء في السلطة، ولذا فهو يرجح "إن حدث اتفاق حول صفقة تسلم السلطة بينهما، فهدفهما إدخال مقترح جديد على المشهد لزيادة إرباكه، كما فعل صالح عندما دفع بحكومة جديد برئاسة فتحي باشاغا". 

ويضيف الحداد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تحليلاً آخر، قائلاً: "ربما استشعر صالح والمشري الخطر من استمرار مماطلتهما في صياغة أي اتفاق يمهد للانتخابات، خاصة مع تلويح المجتمع الدولي بنفاد صبره، وكذلك تلويح المنفي باستعداده لصياغة قاعدة دستورية للانتخابات، وبالتالي فهما أرادا من خلال هذا الإعلان الغامض المحافظة على إمساكهما بزمام الأمور فقط". 

ومع كل هذه السيناريوهات، يؤكد الحداد أن صالح والمشري "لن يواصلا مشاوراتهما لأنهما باتا يدركان جيداً أن استمرار اختلافهما وصراعهما هو السبيل الوحيد للبقاء في السلطة، وبالتالي لن يستمرا إلا في المماطلة إلى حين ضمان مناصب جديدة لهما في أي تشكيل سياسي قادم". 

ويلفت الحداد إلى أن ظهور أول معارضة لنتائج اتفاق صالح والمشري، من جانب الدبيبة وبهذه السرعة، دليل على أنه لن يتجاوز لحظة إعلان النتائج، مشيراً إلى أن المبعوث الأممي الجديد، عبد الله باتيلي، لم يتفاعل هو الآخر مع نتائج اللقاء بالشكل المطلوب، وقال: "بيان باتيلي يتضمن عدم اعتداده بالنتائج المعلنة، ولذا علق بأنه مستعد لمناقشة الآليات والجدول الزمني لمعرفته المسبقة أنهما لم يعلنا شيئاً يلامس الواقع".

وكان المغرب قد احتضن منتصف العام الماضي اجتماعات للمجلسين، اتفقا فيها على تقاسم المناصب السيادية على أساس الأقاليم الثلاثة، وبدأ المجلسان بقبول ملفات المترشحين لها، دون أن يسفر ذلك عن أي نتائج. 

وينص الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات على 7 مناصب سيادية: محافظ المصرف المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، إضافة إلى رئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات ورئيس المحكمة العليا ومنصب النائب العام، وهي المناصب التي جرت اجتماعات أبوزنيقة المغربية بين المجلسين بشأنها دون أن يتوصلا إلى أي نتائج، باستثناء تعيين الصديق الصور رئيساً لمكتب النائب العام، وتعيين عبد الله أبو رزيزة رئيساً للمحكمة العليا. 

وكان المشري قد قال أمس الجمعة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع صالح: "اتفقنا على توحيد السلطة التنفيذية والمناصب السيادية في فترة لا تتجاوز حلول العام المقبل 2023"، وتعهد بـ"ألا تحل بداية العام 2023 إلا وقد توحدت السلطة التنفيذية والمناصب السيادية". 

ووفق قول المشري، فقد "التقى مع صالح في لقاءين متتاليين درسا فيهما بعمق ما يعانيه البلد من مشاكل وآلام، وتوصلا إلى أن انقسام المؤسسات أدى إلى سوء أحوال المواطنين، وإلى تعميق الأزمة". 

وأضاف: "سبق أن اجتمعت لجنة من المجلسين في مدينة بوزنيقة المغربية، واتفقت على 2 من بين 7 من المناصب السيادية، وقد اتفقت مع السيد عقيلة صالح على استئناف ما جرى الاتفاق عليه، والمجلس الأعلى سبق له التصويت على الموافقة على مخرجات أبوزنيقة". 

وأشار المشري إلى اتفاقه مع صالح أيضاً على "الإجراءات اللازمة للانتخابات البرلمانية والرئاسية بأسرع وقت ممكن"، دون الخوض في التفاصيل.