ملايين الناخبين يقاطعون الانتخابات في إيطاليا لأسباب خارجة عن إرادتهم

24 سبتمبر 2022
يتوقع معهد ديموبوليس أن تتراجع نسبة التصويت إلى 67% (ميغيل ميدينا/ فرانس برس)
+ الخط -

تُشكل المقاطعة عاملاً مهماً في الانتخابات التشريعية المقررة يوم الأحد في إيطاليا، في وقت لن يتمكن ملايين الناخبين من التصويت، سواء نتيجة البيروقراطية أو بسبب المافيا أو النظام الذكوري.

وإن كانت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية تبقى عالية، إلا أنّ معدلها تدنّى من 92,4% في 1944، إلى 74% في 2021، بحسب الأرقام الرسمية، ويتوقع معهد ديموبوليس أن تتراجع إلى 67% الأحد.

ويقول معظم الناخبين الذين لا يعتزمون التوجه إلى مراكز الاقتراع إنهم لا يهتمون بالسياسة أو لا يرون بين المرشحين المطروحين من يناسب خياراتهم.

لكن كتيّباً إرشاديّاً أصدرته الحكومة، في مايو/ أيار، أظهر أنّ حوالى نصف الناخبين يؤكدون أنه لا يمكنهم التصويت لأسباب خارجة عن إرادتهم. وتطاول "المقاطعة اللاإرادية" 2,8 مليون شخص من المسنّين محدودي الحركة والمرضى والمعوقين.

كذلك تشمل المواطنين المقيمين بعيداً عن مقر إقامتهم الإداري بداعي الدراسة أو العمل أو العطلة، ويقدر عددهم بـ4,9 ملايين، ما يمثل 10,5% من الناخبين، إذ يتحتّم على الناخبين في إيطاليا الإدلاء بأصواتهم في الموقع الذي صرّحوا عنه كمقر إقامة إداري لهم.

إلا أنّ الوقت والمسافة وتكاليف التنقل غالباً ما تطرح صعوبة لا يمكن للناخبين تخطيها، فيما يجد الكثير من الشبان، وخصوصاً الطلاب منهم، أنفسهم في مثل هذا الوضع.

ومن بينهم مايلا بوتارو (24 عاماً)، الطالبة في بولونيا، في حين أنّ مقر إقامتها الإداري في ليغوريا على مسافة أكثر من ثلاث ساعات بالقطار مروراً بميلانو، وهي تتساءل "لماذا يتحتم عليّ القيام بهذه التضحية في حين أنّ الدولة من جانبها لا تبذل أي جهد لتمكيني من الإدلاء بصوتي حيث أقيم؟".

حتى لاعبو منتخب إيطاليا لكرة القدم، الذين يخوضون مباراة يوم الإثنين في المجر، في إطار مسابقات دوري الأمم الأوروبية كانوا يخشون ألّا يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم، وفي نهاية المطاف، سيكون بوسعهم التصويت صباح الأحد.

بطاقات بأسعار مخفّضة

سعياً لتسهيل عودة الناخبين إلى دوائرهم، تعرض شركات الطيران والسكك الحديدة تخفيضات في سعر التذاكر، لكن هذا لا يكون كافياً على الدوام.

لورنزو سانجيرمانو (26 عاماً) طالب في روما لكنّه يتحدّر من بيرغامو في الشمال، على بعد 600 كيلومتر، يقول لوكالة فرانس برس "إلى جانب دراستي، أعمل في مطعم، وفي 25 سبتمبر/ أيلول عليّ أن أعمل، وبالطبع، إذا لم أذهب، لن أتقاضى أجراً".

ومع أن تغير مكان الإقامة خيار وارد، إلا أنه مكلف لبعض الفئات، مما يجعلهم يتجاهلون تغير مكان إقامتهم، ويتبيّن من خلال "الكتاب الأبيض" الذي أصدرته الحكومة أنّ مقرّ إقامة غالبية هؤلاء الناخبين المقاطعين في مناطق جنوب إيطاليا وهي الأفقر في البلد وتؤمن اليد العاملة للشمال.

ومن هؤلاء الناخبين ماريا المنحدرة من كالابريا عند أقصى جنوب إيطاليا، وتعمل عاملة تنظيف في روما، التي تقول "لن أذهب لأصوّت، من سيدفع لي تكاليف السفر؟".

يشكك الخبراء الإيطاليون في جدوى التصويت بالوكالة والتصويت بالمراسلة، رغم أنه خيار متاح للإيطاليين في الخارج، والتصويت عبر الإنترنت.

المافيا والنظام الذكوريّ

وأوضحت خبيرة الدستور إليسابيتا لامارك أنّ هذا الامتناع عن التصويت ناجم عن "خصوصيات ملازمة للمجتمع الإيطالي في الحقبة التي وضع فيها الدستور، ولا تزال قائمة حتى الآن".

وقالت، لوكالة فرانس برس، إنّ "المافيا المتجذرة في منطقة ما تطمح إلى السيطرة على أصوات الناخبين فيها وتوجيهها لصالح مرشحيها، ولديها كل الوسائل من أجل ذلك، من التهديد بأعمال انتقامية إلى الوعود بمكافأة".

وتابعت قائلة، من جهة أخرى فإنّ "العائلة الإيطالية تتميز بروابط وثيقة بين أفرادها وقد يكون هناك داخلها أفراد مهيمنون بإمكانهم تكييف إرادة الأفراد الأضعف وإرضاخهم".

وهناك أخيراً شكل آخر من المقاطعة يتمثل في الأجانب المقيمين في الأراضي الإيطالية منذ عقود أحياناً، لكنهم لم يتمكّنوا من القيام بآلية التجنيس بسبب الجبال التي يتحتم عليهم عبورها لإنجاز المعاملات، ولا يسعهم بالتالي ممارسة حقوقهم المدنية.

وهذه حال سي محمد كعبور، الأربعينيّ المتحدر من المغرب، وهو منذ يونيو/ حزيران مستشار بلدي في جنوى. ووصل سي محمد إلى إيطاليا عام 1982 ولم يحصل على الجنسية الإيطالية إلا في 2009 في سن الـ27.

ويقول، لـ"فرانس برس"، إنّ "الاندماج والإشراك آلتان تتطلبان مشاركة نشطة وممارسة حق مثل حق التصويت".

(فرانس برس)

المساهمون