أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها "ستغلق 27 كاميرا" لمراقبة نشاطاتها النووية، رداً على تبنيها قراراً ينتقد طهران لعدم تعاونها.
وقال المدير العام للوكالة، رافاييل غروسي، خلال مؤتمر صحافي في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، الخميس، إن هذا الإجراء "يشكّل بطبيعة الحال تحدياً كبيراً لقدرتنا على مواصلة العمل هناك".
وأوضح غروسي، وفق "فرانس برس"، أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة التثبت من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، قادرة على مواصلة عمليات المراقبة والتفتيش، ولديها أدوات أخرى للقيام بذلك، لكن قرار طهران يؤدي إلى "شفافية أقل وشكوك أكبر". وتساءل غروسي: "هل يعني هذا الأمر أننا وصلنا إلى نهاية المطاف؟ آمل ألّا يكون الوضع كذلك"، داعياً إيران إلى الانخراط مجدداً في الحوار. وتابع: "لنأمل أن تهدأ النفوس قليلاً، وأن نتمكن من صبّ تركيزنا مجدداً على المشاكل التي يجب حلّها".
وأوضح غروسي أن الأمور إذا استمرت على هذا النحو، فلن تكون الوكالة "في غضون ثلاثة أو أربعة أسابيع" قادرة على توفير المعلومات اللازمة لمتابعة البرنامج النووي الإيراني. واعتبر أن هذا الأمر "سيشكّل ضربة قاضية" للاتفاق المبرم في عام 2015، الذي ينصّ على الحدّ من أنشطة إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات الدولية عنها.
ويبدو أن خطوة إيران تأتي بمثابة ردّ إضافي على قرار صادر عن المجلس انتقد طهران لإخفاقها في تفسير آثار اليورانيوم التي عُثِر عليها في مواقع غير معلنة، وهو قرار تمّ تمريره مساء أمس الأربعاء.
أميركا: على إيران أن تتعاون مع وكالة الطاقة الذرية
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، إنه يجب على إيران أن تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تقدم معلومات ذات صدقية فنية، رداً على أسئلة الوكالة.
وأضاف بلينكن، في بيان نقلته وكالة "رويترز"، أنه لا يمكن انتهاء المفاوضات الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني ما لم تتخلّ طهران عن "المطالب الدخيلة"، فيما حذر من "استفزازات" طهران في الملف النووي، مشيراً إلى أنها قد تسبب "أزمة نووية خطيرة" و"مزيداً من العزلة الاقتصادية والسياسية لإيران".
عبد اللهيان: إيران لا تسعى وراء قنبلة نووية
في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن أميركا والغرب يدركون أن إيران لا تسعى وراء القنبلة النووية، لافتاً إلى أنهم في فترة ما أقروا بأنه يمكنهم تجاهل كل مشكلاتهم مع البرنامج النووي الإيراني، بشرط تخلي إيران عن دعم فلسطين والاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عنه تأكيده، لدى لقائه الأربعاء حشداً من العلماء ورجال الدين البارزين من الشيعة والسُّنة في نيودلهي، وضمن استماعه إلى آراء ووجهات نظر العلماء المسلمين ومقترحاتهم وتقييماتهم، أن "إيران تعتبر دعم تحرير القدس مسؤولية دينية وأخلاقية لها، وهي ملتزمة إياها تماماً".
فرنسا وبريطانيا وألمانيا: أفعال إيران تشكك في التزامها
نددت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الخميس، بالخطوات التي اتخذتها إيران لإزالة جميع معدات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمثبتة بموجب اتفاق نووي أبرم عام 2015، قائلة إن هذه الخطوة تلقي بظلال من الشك على رغبة طهران في إحياء الاتفاق.
وقالت الدول الثلاث، في بيان: "هذه الإجراءات لا تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع وتعقيد جهودنا للعودة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)... كما تلقي بمزيد من الشك على التزام إيران بنجاح الجهود" لإحياء الاتفاق.
ولم توقّع واشنطن بيان يوم الخميس على عكس البيان المشترك الذي صدر مع الولايات المتحدة الأربعاء.
وكان مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تبنّى، مساء الأربعاء، بأغلبية كبيرة في فيينا، قراراً ينتقد إيران رسمياً على عدم تعاونها، كما قالت مصادر دبلوماسية لوكالة "فرانس برس".
وهذا النص الذي قدمته الولايات المتحدة ومجموعة الدول الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، أول انتقاد لطهران تصوّت عليه وكالة الأمم المتحدة منذ يونيو/ حزيران 2020، على خلفية تسريع البرنامج النووي الإيراني، وتوقف المفاوضات الرامية إلى إحياء اتفاق عام 2015.
ووافق 30 عضواً على القرار الذي عارضته روسيا والصين، وفق دبلوماسيين، فيما امتنعت الهند وليبيا وباكستان عن التصويت.
وقبل إعلان تبني القرار، بادرت طهران إلى وقف عمل كاميرتين وضعتهما الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة أنشطتها النووية.
وقال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي، الذي راقب فصل الكاميرتين، إن طهران "تدرس إجراءات أخرى"، آملاً عودة الغربيين والوكالة إلى "رشدهم وأن يردوا على تعاون طهران بالتعاون".
واستنكرت وزارة الخارجية الإيرانية، مساء الأربعاء، في بيان، إصدار قرار ضد طهران في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واصفة إياه بأنه "خطوة سياسية غير صحيحة وغير بناءة".
وأعلنت أنها "اتخذت خطوات عملية، منها تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وإطفاء كاميرات مراقبة كانت موضوعة خارج اتفاق الضمانات" التابع لمعاهدة انتشار الأسلحة النووية.
وقالت الخارجية الإيرانية إن هذه الخطوات جاءت رداً على ما وصفته بأنه "التوجه غير البناء للوكالة الدولية للطاقة الذرية وإقرار القرار" الغربي ضد إيران في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.