وجاء هذا النشر أمس، بعد أيام من الضجة التي أثيرت في دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ الخميس الماضي، مع الكشف عن تمكن الاستخبارات الإيرانية قبل أشهر من اختراق الهاتف المحمول لغانتس، وعلى ما يبدو لوزير آخر من المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، بما يؤكد صحة تحذيرات رئيس جهاز "الشاباك"، نداف أرجمان، من حرب السايبر التي تشنها إيران ضد إسرائيل، وتحذيراته من خطر تدخل أطراف خارجية عبر السايبر بالانتخابات الإسرائيلية العامة المقررة في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وفي وقتٍ اكتفى غانتس، يوم الجمعة الماضي، بنفي أن يكون جهازه المخترق يحمل مضامين أمنية أو سرّية، أو حتى مواد "محرجة" قد تجعله عرضة للابتزاز من قبل إيران، شن حزب "الليكود" بقيادة بنيامين نتنياهو حملة شعواء، محاولاً استغلال الاختراق الإيراني لتوظيفه في المعركة الانتخابية، وصولاً إلى نشر شريط دعائي زعم فيه اليمين الإسرائيلي أن إيران معنية بانتصار غانتس في الانتخابات.
في المقابل، قال تقرير موسع للصحافي الإسرائيلي رونين بيرغمان، المختص في تغطية الأجهزة السرّية والاستخبارات، إن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن وزارة الاستخبارات الإيرانية هي التي تقف وراء عملية اختراق جهاز الجنرال غانتس، وإن مندوبين عن جهاز "الشاباك" أبلغوا الأخير قبل أسابيع، أنه من المحتمل أن يكون الإيرانيون حصلوا على مواد ومعلومات تجعل منه فريسة لمحاولات الابتزاز.
وبحسب بيرغمان، نقلاً عن مصدر رفيع المستوى في "الشاباك" الإسرائيلي، إن إيران تشن حربها في مجال السايبر منذ سنوات طويلة عبر وزارة الاستخبارات وعبر القوة الثانية، وهي "فيلق القدس"، التابع للحرس الجمهوري.
ويكشف بيرغمان، بحسب ادعاءات الأجهزة الإسرائيلية، أن إسرائيل والولايات المتحدة استثمرا جهوداً ضخمة في العقود الثلاثة الأخيرة، لاخترق أجهزة الأمن الإيرانية، حيث كان يبدو أحياناً أن وزارة الاستخبارات الإيرانية هي الأهم في حرب السايبر ضد إسرائيل، وأحياناً الحرس الجمهوري، لكن التقديرات في مسألة الهجومين ضد السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين عام 1992، وضد مركز الجالية اليهودية في أمايا عام 1994، أشارت إلى أن عناصر وزارة الاستخبارات الإيرانية هم الذين ساندوا ودعموا خلية "حزب الله" في تنفيذ العملية.
هذه التطورات وما تبعها من بناء علاقة وثيقة بين وزارة الاستخبارات الإيرانية و"حزب الله"، ثم لاحقاً مع "الجهاد الإسلامي" وحركة "حماس"، زادت من الاهتمام الإسرائيلي بمراقبة هذا الجهاز (وزارة الاستخبارات الإيرانية) وجمع المعلومات عنه، لا سيما في ظلّ وجود قوة موازية في إيران لرئاسة أركان الجيش، هي "الحرس الثوري"، وفق ما قاله للصحيفة رئيس "الموساد" السابق تمير باردو، الذي ادعى أن وزارة الاستخبارات الإيرانية هي الفريدة من نوعها التي تملك ذراعاً تنفيذية، وإن كان جل عملها في جمع المعلومات عبر فروعٍ منظمة في مختلف السفارات الإيرانية في الخارج كباقي الأجهزة المشابهة في الدول الأخرى، ولو كان هناك فيلق القدس السري كلياً".
وادعى التقرير أن الاستخبارات الإيرانية حاولت تنفيذ جملة عمليات في الخارج ضد شخصيات إسرائيلية، لكن الموساد تمكن من إحباط هذه المحاولات، باستثناء العملية التفجيرية في بورغيس في بلغاريا، وإصابة زوجة دبلوماسي إسرائيلي بجراح في عملية تفجير في نيودلهي.
ووفقاً للتقرير، فإن وزارة الاستخبارات الإيرانية هي التي جندت الوزير الإسرائيلي السابق غونين سيجف في العام 2012 ليصبح عميلاً لها، وقد تمكن الموساد من كشف ذلك واعتقال سيجف عندما كان في غينيا، ثم أحضر إلى الأراضي المحتلة حيث حوكم وحكم عليه بالسجن.
واعتبر التقرير أنه بالرغم من أن اختراق هاتف غانتس هو حدث له دلالات، إلا أن حقيقة تمكن الاستخبارات الإسرائيلية من كشف الأمر وتحذيره، إلى جانب إنجازات أخرى، تؤكد قدرات إسرائيل على كشف ومعرفة نوايا وخطط الإيرانيين.