كررت إيران، اليوم السبت، نفيها تزويد روسيا بأسلحة "للاستخدام في حرب أوكرانيا"، مؤكدة موقفها عدم مساندة طرف ضد آخر.
وسبق لكييف وعدد من حلفائها الغربيين أن اتهموا موسكو، في الآونة الأخيرة، باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع في استهداف مناطق أوكرانية. ومن المتوقع أن تبحث هذه المسألة في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بعد غد الإثنين.
وخلال اتصال مع نظيره البرتغالي جواو غوميش كرافينيو، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن "الجمهورية الإسلامية لم ولن تقدّم أي سلاح لاستخدامه في حرب أوكرانيا"، وفق ما أفادت الخارجية في طهران اليوم السبت.
واعتبر أن "تسليح أي طرف من أطراف الأزمة سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب. لم ولن نعتبر الحرب الطريق الصحيح، سواء في أوكرانيا أو أفغانستان أو سوريا أو اليمن".
وفي اتصال مع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجمعة، أكد الوزير الإيراني أن التعاون "الدفاعي" بين موسكو وطهران غير مرتبط بالغزو الروسي لأوكرانيا، الذي بدأ في 24 فبراير/شباط.
وقال: "لدينا تعاون دفاعي مع روسيا، لكن سياستنا تجاه الحرب في أوكرانيا هي عدم إرسال أسلحة إلى طرفي النزاع ووقف الحرب وإنهاء نزوح الناس".
واتّهمت أوكرانيا موسكو، في 10 أكتوبر/تشرين الأول، باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع كجزء من عدة ضربات دامية نفّذتها القوات الروسية في أنحاء أوكرانيا.
كما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا استخدمت مسيّرات كهذه لاستهداف منشآت للطاقة في اليوم ذاته. وقلّصت أوكرانيا، في سبتمبر/أيلول، الحضور الدبلوماسي الإيراني في كييف؛ على خلفية قضية المسيّرات، في خطوة أسفت لها طهران واعتبرت أنها تستند إلى تقارير "لا أساس لها".
وقال دبلوماسيان، أمس الجمعة، إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون الاثنين نقل طائرات مسيّرة إيرانية إلى روسيا، وقد يتوصلون إلى اتفاق سياسي بشأن عقوبات مستقبلية تتعلق بالأمر.
وأبلغت أوكرانيا عن سلسلة من الهجمات الروسية باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع من طراز شاهد-136 في الأسابيع الماضية. وتنفي إيران تزويد موسكو بالطائرات المسيرة، بينما لم يعلق الكرملين.
وهاجمت ثلاث طائرات مسيّرة تشغلها القوات الروسية بلدة ماكاريف الصغيرة غرب العاصمة الأوكرانية، في ساعة مبكرة أول من أمس الخميس. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين، لم تذكر هويتهم، إن منشآت البنية التحتية الحيوية تعرضت للقصف بما قالوا إنها طائرات مسيّرة إيرانية الصنع.
وقال المصدران، استشهادا بالاجتماعات التحضيرية قبل الاجتماع الوزاري يوم الاثنين في لوكسمبورغ، إنه جرى تحليل لأنشطة الطائرات المسيّرة هذه، وإن المسألة مطروحة الآن على جدول الأعمال.
وأضافا أنه على الرغم من أن احتمال التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الجديدة التي أُدرجت على جدول الأعمال يوم الاثنين أمر مستبعد، فربما يكون هناك اتفاق سياسي يمهد الطريق لفرض عقوبات في مرحلة لاحقة.
ويستعد الاتحاد الأوروبي بالفعل لفرض حظر سفر وتجميد أصول يوم الاثنين على نحو 15 إيرانياً، شاركوا في حملة قمع بدأت الشهر الماضي ضد التظاهرات التي أعقبت وفاة مهسا أميني (22 عاماً) في حجز للشرطة.
انتهاك لقرار مجلس الأمن
وعبرت فرنسا وألمانيا، وكلاهما طرف في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع إيران، عن اعتقادهما بأنه من الضروري أيضاً فرض عقوبات جديدة في ما يتعلق بالطائرات المسيّرة التي استخدمتها روسيا، وأنه يجب اعتبار نقل الطائرات المسيّرة انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231.
وأيد ذلك القرار الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية، هي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، والذي حد من أنشطة طهران لتخصيب اليورانيوم وجعل من الصعب عليها تطوير أسلحة نووية بينما تسعى لرفع العقوبات الدولية.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن وزراء الخارجية سيناقشون موضوع إيران يوم الاثنين، لكنه رفض التعليق على ما إذا كانت الطائرات المسيّرة الإيرانية أو العقوبات المفروضة على عمليات نقل هذه الطائرات ستكون مطروحة على جدول الأعمال.
وقال أحد الدبلوماسيين، لوكالة "رويترز": "سيُطرح الأمر للنقاش، لكن العقوبات لن تُفرض الآن".
حظر السلاح على إيران
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، الخميس، إنها ستتشاور مع شركائها في الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية الرد على استخدام الطائرات المسيّرة، وربطت لأول مرة الإمدادات الإيرانية المحتملة بقرار مجلس الأمن، قائلة إن مثل هذا العمل يعد انتهاكاً له.
وبموجب القرار، ظل حظر السلاح على إيران سارياً حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2020. وعلى الرغم من الجهود الأميركية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي انسحبت بلاده من الاتفاق في عام 2018، لتمديد الحظر، فقد رفض مجلس الأمن ذلك ليمهد الطريق أمام إيران لاستئناف تصدير الأسلحة.
ومع ذلك، لا يزال القرار يتضمن قيوداً على الصواريخ والتقنيات ذات الصلة، والتي يستمر سريانها حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتشمل تصدير أنظمة عسكرية متطورة أو شراءها.
عقوبات بشأن حقوق الإنسان
وقال مصدر دبلوماسي، لوكالة "رويترز"، إن الطائرات المسيّرة المعنية تقع تحت طائلة (نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ)، وهو مفهوم سياسي غير رسمي بين حوالي 35 دولة تسعى للحد من انتشار الصواريخ وتقنياتها. وستُشكل مبيعات هذه الطائرات انتهاكا للقرار الذي لا يشير إلى ذلك النظام، وإيران ليست طرفا فيه.
ولم يتطرق القرار إلى نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ، لكنه يشير إلى رسالة قدمتها الولايات المتحدة لمجلس الأمن بشأن النظام، ويعود تاريخها إلى اليوم اللاحق لإبرام الاتفاق النووي. وإيران ليست طرفاً في نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ الذي تتولى روسيا قيادته حالياً.
وفرضت الولايات المتحدة، في التاسع من سبتمبر/ أيلول، عقوبات على شركة إيرانية، اتهمتها بتنسيق رحلات جوية عسكرية لنقل طائرات مسيّرة إيرانية إلى روسيا، وثلاث شركات أخرى قالت إنها متورطة في إنتاج هذه الطائرات.
وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي للصحافيين إن الاتحاد سيتخذ إجراءات، لكن ليس من المقرر أن يُتخذ أي قرار يوم الاثنين.
ويأتي النقاش بشأن الطائرات المسيّرة في الوقت الذي يستعد فيه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إيران يوم الاثنين، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان خلال حملة قمع المحتجين.
ويقول دبلوماسيون أوروبيون إن هذه الحزمة من العقوبات، التي اتفق عليها بالفعل مبعوثو الاتحاد الأوروبي، تضم نحو 15 شخصاً وكياناً وتشمل تجميد أصول وحظر سفر وتتبع عقوبات مماثلة فرضتها الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا.
ودفعت حزمة العقوبات إيران إلى إرسال رسالة دبلوماسية للسفراء الأوروبيين. وقال الدبلوماسيون، الذين اطلعوا على الرسالة، إن إيران فوجئت برد فعل الاتحاد الأوروبي على الحملة، وبما وصفته بأنه سرد كاذب للأحداث، وحذرت من الإضرار بالعلاقات مع طهران، وبالتبعية بجهود إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والتي اصطدمت بحجر عثرة منذ مارس/ آذار.
وأشارت الرسالة إلى سقوط ضحايا في صفوف قوات الأمن الإيرانية لدى مواجهتها "جميع أشكال الشغب"، وكررت تصريحات الحكومة بأن أميني التي توفيت في حجز للشرطة، ما أطلق شرارة الاحتجاجات، توفيت نتيجة مرض.
وجاء في الرسالة أيضاً أن عوامل خارجية كانت السبب وراء خروج الاحتجاجات، وأن كيانات أجنبية تسيطر على المتظاهرين.
وقال أحد الدبلوماسيين: "أوضحنا أنه ينبغي عليهم التفكير في ما يحدث بالداخل، وأنه لا يمكنهم توقع أن يلتزم الاتحاد الأوروبي الصمت في مواجهة هذه الانتهاكات الجماعية لحقوق الإنسان".
(فرانس برس، رويترز)