نشرت جريدة "الوقائع" الرسمية الفلسطينية، في عددها الصادر يوم الثلاثاء؛ قراراً صادراً عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقالة الوزير إيهاب بسيسو من رئاسة المكتبة الوطنية الفلسطينية التي لم تر النور بعد.
وقد وُقع القرار بتاريخ 27 يونيو/حزيران الماضي، فيما كان "العربي الجديد" نشر عن مصادر خاصة إقالة بسيسو بداية يوليو/ تموز الجاري، على خلفية نشره تدوينات على موقع "فيسبوك" عن مقتل نزار بنات، وعن المتظاهرين الفلسطينيين الذين خرجوا احتجاجاً على مقتله.
وقال بسيسو، في تصريح لـ"العربي الجديد": "إن القرار أنهى علاقته تماماً بمشروع إنشاء المكتبة الوطنية"، حيث أقيل من رئاسة مجلس الإدارة، وكذلك من عضوية المجلس، مضيفًا: "بالإمكان تنحية رئيس مجلس الإدارة، ولكن ما حصل هو إنهاء علاقتي تماماً بمشروع إنشاء المكتبة".
وكان بسيسو يرفض التعليق على القرار، الذي لم يكن منشوراً بشكل رسمي، وبرر اليوم في مقابلته مع "العربي الجديد" ذلك بالقول: "انطلاقاً من احترامي للعمل المؤسساتي والإداري، التزمت الصمت إلى حين صدور قرار رسمي، ولم أرد الدخول بباب التكهنات".
وتابع بسيسو: "اليوم ثبتت الرؤية ونُشر القرار في الجريدة الرسمية. القرار الذي كان محل تكهنات بين مزدوجين خلال الشهر الماضي، أصبح اليوم حقيقة، وما هو منشور في الجريدة الرسمية، وعلينا التعامل معه بشكل جدي ورسمي، وعلينا جميعاً العمل من أجل تعزيز وتمكين حرية التعبير في فلسطين وسيادة القانون؛ فهاتان مسألتان أساسيتان في تعاملنا مع بعضنا وفي رؤيتنا لمستقبل فلسطين".
وحول ارتباط القرار بما كتبه حول مقتل نزار بنات، قال بسيسو: "عندما كتبت في اليوم الأول عن اغتيال نزار بنات انحزت للإنسان وحق الإنسان في الحياة وحقه في التعبير عن رأيه، ليس فقط في حالة نزار، بل في المجمل، ولكن حالة نزار تلخص جميع الحالات".
وتابع: "طالما نتحدث عن دولة، فالدولة عليها اتباع آليات معينة من أجل تحقيق العدالة، والتي تتمثل بالقوانين وحماية المواطن، فالإدانة تأتي دائماً من المحكمة، وعلينا تعزيز فكرة القانون. عندما كتبت عن نزار كتبت عن الحادثة والحزن الذي أصابنا جميعاً، ولكن أيضاً كان نوعا من التأكيد أو الحديث عن رمزية هذه الحادثة بأنه يجب علينا تعزيز سيادة القانون، وتلتها منشورات أخرى عن القانون وسيادته".
وقال بسيسو: "بعد الحديث عن إقالتي بعدة أيام، كان هناك أيضاً إقالة للدكتورة شهد وادي من سفارتنا في البرتغال؛ وهناك حديث عن كثير من الإجراءات التي ربطت بنفس الملف".
وحول مشروع المكتبة الوطنية التي عُين رئيساً لمجلس إدارتها في العام 2019، قال بسيسو إنه أُقيل قبل أن يرى المشروع النور وهو طور الإنشاء، حيث "تم إصدار المراسيم اللازمة، وتم العمل على سلسلة إجراءات من إنشاء لمجلس الإدارة من رؤساء جامعات ومدراء مؤسسات ثقافية كبرى في فلسطين، وقد اجتمع المجلس فعلاً، وتم إقرار الرسومات الهندسية، حيث يتم الحديث عن مساحات كبيرة وهيئة ثقافية كبرى، وجرى العمل على إنشاء الرسومات الهندسية والتواصل وتعزيز العلاقات والشراكات مع مكتبات وطنية إقليمية".
وقال بسيسو إنهم واجهوا في المشروع خلال العامين الماضيين "إشكالات؛ أولها كان الأزمة المالية الأولى"، في إشارة إلى وقف العلاقات مع الاحتلال ووقف استلام أموال المقاصة.
وتابع: "وحين خرجنا من تلك الأزمة دخلنا في أزمة كورونا، ودخل المشروع في نوع من البطء، كنت أتوقع أنه ومع استعادتنا للعافية تدريجياً سنبدأ في تعزيز هذا العمل ودفع مشروع المكتبة الوطنية، لكن للأسف تمت إقالتي من رئاسة مجلس إدارة المكتبة".
وعبر بسيسو عن تخوفه على المشروع، لكنه استدرك بالقول إنه يؤمن بالمؤسسة "بغض النظر عن الأشخاص الذين يأتون ويذهبون".
وقال: "نحن بحاجة إلى رؤية استراتيجية، لأن المكتبة الوطنية ليست مكتبة عامة كما يتبادر للذهن، وأنا دائماً أسميها طابو الثقافة، حيث يتم تسجيل الإنجاز الثقافي الفلسطيني عبر إيداعه وطنياً في المكتبة الوطنية والحصول على رقم إيداع وطني يمكّن من مشاركة هذا الإنتاج مع العالم، ويخلق حالة من التواصل الثقافي، ويثبت الحقوق الفلسطينية في الجانب الثقافي".
وحول مستقبله الشخصي، قال بسيسو إن "خيارات عديدة" مفتوحة أمامه، وعلى رأسها الأكاديميا، موضحا: "جئت من الأكاديمية إلى العمل الرسمي. كنت قبل ذلك أستاذ إعلام في جامعة بيرزيت، ورئيساً لدائرة الإعلام فيها، وعندما ذهبت إلى العمل الرسمي كان بهدف خلق مساحة للعمل والإفادة.. أنا بالأساس أكاديمي، وعودتي إلى الأكاديميا على رأس الخيارات".