أثار قرار السلطات الجزائرية، أمس الأربعاء، إغلاق مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، ردود فعل واسعة في المغرب توزعت بين استهجان القرار لـ"معاكسته" للوحدة المغاربية والتقارب ما بين الشعبين الشقيقين، وبين اعتباره "تصعيداً واستفزازاً".
وبينما لم يصدر حتى الساعة أي تعليق رسمي عن الجانب المغربي، قال مصدر حكومي، لـ"العربي الجديد"، إنّ القرار الجزائري "لم يشكل مفاجأة للرباط باعتباره يدخل في سياق منطق التصعيد الذي اتخذته السلطات في الجارة الشرقية خلال الأسابيع الماضية".
من جهته، اعتبر رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) المنتهية ولايته، يوسف غرابي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ قرار السلطات الجزائرية إغلاق مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، هو "استمرار لنهج العبث بالمستقبل المغاربي"، مبيّناً أن للقرار "كلفة على المواطنين الجزائريين والمغاربة المقيمين في البلدين، إذ سيصعب عليهم التنقل لزيارة أسرهم وذويهم وسيكلّفهم المزيد من المال والوقت".
ويعدّ الخط الجوي الرابط بين الجزائر العاصمة والدار البيضاء المغربية، المنفذ الوحيد بين البلدين منذ إغلاق الحدود البرية في عام 1994، للجزائريين المقيمين في المغرب ويعدون بعشرات الآلاف، وللمغاربة المقيمين في الجزائر ويتعدى عددهم 200 ألف.
ويرى غرابي أنّ "الخلافات بين الدول تحل بالحوار والنقاش كما يجري حالياً بين فرنسا والولايات المتحدة الأميركية على خلفية أزمة بيع الغواصات لأستراليا، وليس بالتصعيد والدفع في اتجاه الحرب التي تبقى خيار الحمقى بالنظر لكلفتها بالنسبة لبلدين يمتلكان مقدرات عسكرية مهمة".
قرار إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام المغرب سيؤثر على 15 رحلة
بدوره، أشار الباحث في العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ من شأن القرار الجزائري بإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية والعسكرية، أن يؤثر بعض الشيء على رحلات الطيران المغربي نحو بعض الدول المغاربية والشرق أوسطية.
وبحسب مصادر من شركة الخطوط الملكية المغربية، فإنّ عدد الرحلات الجوية التي ستتأثر بالقرار الجزائري لا تتجاوز 15 رحلة، تهم بالأساس الرحلات المتوجهة إلى تونس ومصر وتركيا، مشيرة إلى أنّ ذلك التأثير "لن يكون كبيراً، إذ إنّ تحويل الطائرات التابعة للشركة لمسارها نحو البحر الأبيض المتوسط، لا يتطلب إلا دقائق قليلة".
في غضون ذلك، غصت شبكات التواصل الاجتماعي بتعليقات حول الموضوع، حيث كتب الكاتب الصحافي ومدير قناة "المغربية"، عبد الصمد بن شريف، في تدوينة له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنه "بقرار إغلاق مجاله الجوي في وجه الطائرات المغربية مدنية وعسكرية، اختار الجار الشرقي التصعيد نهجاً في علاقته مع المغرب".
في السياق نفسه، علّق وزير التشغيل المغربي السابق، جمال أغماني، في تدوينة له، على قرار إغلاق الأجواء الجزائرية أمام الطائرات المغربية، بالقول: "على هامش القرارات الاستفزازية المتتالية لم يتبق إلا خطوط الهاتف والإنترنت والماء والهواء والشمس والدوريات الرياضية القارية والدولية".
وشكّل إعلان الجزائر، في 24 أغسطس/آب الماضي، قطع العلاقات مع المغرب ذروة التصعيد بين البلدين بعدما هيمن التوتر بينهما طيلة الفترة الماضية. ويحدث قطع العلاقات للمرة الثانية، وهذه المرة بقرار جزائري بعدما كان في المرة الأولى عام 1976، بقرار مغربي.
وكان وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، قد أعلن، في مؤتمر صحافي في أغسطس/آب الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، كرد على "استفزاز المملكة المغربية (للجزائر) الذي بلغ ذروته"، وكذلك لـ"تخلي المغرب عن الالتزامات الأساسية للعلاقات مع الجزائر".
بالمقابل، وصفت وزارة الخارجية المغربية قرار السلطات الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط بـ"الأحادي الجانب" و"غير المبرَّر تماماً"، معبِّرة عن "رفض المملكة القاطع المبررات الزائفة، بل العبثية التي انبنى عليها" القرار.
وأعلنت الوزارة أنّ المملكة ستظل "من جهتها شريكاً صادقاً ومخلصاً للشعب الجزائري، وستواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية صحية ومثمرة".