يواجه ناشطون وناشطات في اليمن خطر الموت بعدما وضعوا على لائحة إعدامات الحوثيين، بتهم العمالة والتخابر لصالح دول أخرى، فيما تسعى الجماعة لتنفيذ الأحكام قريباً.
وفي السياق، كشفت أسرة الناشطة الحقوقية فاطمة العرولي، الخميس الماضي، عن أن الجماعة أبلغتها بعزمها إعدام فاطمة في شهر فبراير/شباط المقبل، بعد سنة ونصف سنة من خطفها.
وقال شقيق فاطمة طارق العرولي، في منشور على منصتَي "إكس" و"فيسبوك"، إنه تلقى اتصالاً من الجماعة تخبره فيها أن يكون جاهزاً في ميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء يوم 21 فبراير المقبل، في إشارة إلى اعتزام الجماعة تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق شقيقته.
وكانت جماعة الحوثيين قد اختطفت العرولي في 14 أغسطس/آب 2022، في نقطة الحوبان شرقي مدينة تعز، وهي في طريقها إلى مدينة عدن، بتهمة السفر بلا محرم. واقتيدت إلى أحد السجون السرية في صنعاء ثم أُخفيت قسراً، لحين إحالتها إلى المحاكمة الصورية بتهمة العمل مع مخابرات أجنبية والتواصل مع دولة الإمارات.
ومطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة التابعة للحوثيين قراراً بالإعدام بحقها بتهمة التخابر مع تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.
وصدر الحكم بالإعدام تعزيراً (تأديب) بعد أكثر من عام على اختطافها ومنع الزيارة عنها، وعقب إجراءات محاكمة وصفتها منظمات حقوقية محلية ودولية بأنها "مسيسة" و"جائرة"، وبأن الحكم بني على "إجراءات قانونية مشوبة بعيوب جوهرية وخطيرة".
وفي سياق ملف إعدامات الحوثيين، قال "المركز الأميركي للعدالة" (ACJ)، الخميس الماضي، إن الجهات القضائية والتنفيذية في صنعاء تستعد لتنفيذ حكم الإعدام "تعزيراً" بحق المواطن محمد يحيى محمد إبراهيم (38 عاماً)، وذلك استناداً إلى الحكم الصادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة، والذي أيدته كل من المحكمة الاستئنافية والمحكمة العليا.
تهم سياسية في ملف إعدامات الحوثيين
وأشار المركز إلى أنه تحصل على معلومات مؤكدة عن أن تلك الجهات ستعرض الحكم، الأسبوع الحالي، على رئيس المجلس السياسي بصنعاء مهدي المشاط، للمصادقة على تنفيذ الحكم على خلفية تهم سياسية.
وأضاف المركز أنه اطلع على ملف قضية إبراهيم، الذي شمل محاضر الشرطة والأمن والمخابرات وتحقيقات النيابة والأحكام التي احتوت على العديد من الانتهاكات. ولفت إلى أن إبراهيم أُخفي قسراً في جهاز الأمن والمخابرات مدة 10 أشهر، من دون أن يعلم أهله أو أسرته عنه أي معلومة، أو مكان توقيفه.
وأحالت النيابة الجزائية، بتاريخ 9 يوليو/تموز 2018، إبراهيم إلى المحاكمة بتهمة إفشاء معلومات لصالح أفراد يعملون لدى "دول العدوان"، والتي هي "في حالة حرب مع الجمهورية اليمنية"، إذ اتُهم بإرسال معلومات عن مواقع الجيش واللجان الشعبية ومخازن الأسلحة في محافظتَي صعدة وحجة، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
وبتاريخ 14 يوليو 2018، مَثل إبراهيم أمام المحكمة الجزائية الابتدائية ليحاكم بتلك الاتهامات، فيما حُكم عليه في نفس الجلسة بالإعدام "تعزيراً"، من دون وجود محام يمثله أمام المحكمة.
وشدد المركز على أن حكم الإعدام الحالي ليس الأول من نوعه، إذ إن سجلّ جماعة الحوثيين مليء بمئات الأحكام المماثلة، فيما نفذت بعضها، وأبرز إعدامات الحوثيين كان تنفيذ الحكم بإعدام 9 أشخاص في سبتمبر/أيلول 2021، بتهمة قتل أحد قياديها، وهو رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد.
ودعا المركز إلى وقف تنفيذ حكم الإعدام بحق إبراهيم، وكذلك كافة أحكام إعدامات الحوثيين في ظل غياب القضاء النزيه والمحايد والمستقل.
كما حثّ المبعوثَين، الأممي هانس غروندبرغ والأميركي تيم ليندركينغ، إلى جانب الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، على ضرورة التحرك العاجل والضغط على الجماعة لوقف المحاكمات السياسية، واستخدام القضاء أداةً من أدوات الانتقام لملاحقة خصومها.
مسارات قانونية لتنفيذ إعدامات الحوثيين
المحامي عبد المجيد صبرة قال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الحكم الخاص بالعرولي لم يستكمل إلى هذه اللحظة الطرق القانونية ليكون صالحاً للتنفيذ. وأوضح أن الحكم القابل للتنفيذ لا بد أن يكون باتاً، ما يقتضي عرضه على المحكمة العليا، "حيث يصدر حكم منها بالقضية إما بتأييد الحكم الابتدائي أو إلغائه".
وتابع: "فإذا أيدته، يجب أن يعرض على رئيس الجمهورية (المشاط) للمصادقة عليه، وفي نفس الوقت، يجب أن تعلم به المحكوم عليها"، إذ لا يزال "من حقها تقديم التماس إعادة النظر بالحكم.
صبرة: لا نستبعد تجاوز الحوثيين الطرق القانونية
وأضاف: "فإذا لم تفعل، وجرت المصادقة على الحكم، ففي هذه الحالة، يكون صالحاً للتنفيذ". وفي وقت أشار فيه إلى أن "هذا هو الطريق القانوني ليكون الحكم صالحاً للتنفيذ"، لفت صبرة إلى أنه في ظل سلطة الحوثيين "لا نستبعد تجاوز هذه الطرق"، مضيفاً أن "كل شيء وارد".
أما بالنسبة لإبراهيم، فقد قال صبرة إن الحكم بحقه صدر من المحكمة العليا، بمعنى أنه صار باتاً، كما جرى إعلام المحكوم عليه بالحكم، وإرسال أصول الأحكام إلى رئاسة المكتب السياسي لجماعة الحوثيين. وتابع: "لكننا سنقدم التماساً أو تظلماً للمكتب".
محاكمات مستعجلة
من جهته، اعتبر الناشط السياسي مكرم عبد الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن محاكمة العرولي "تفتقر إلى أبسط مقومات المحاكمة العادلة، فبالإضافة إلى أنه جرى تلفيق تهم كيدية لها، واختطافها من دون مسوغ قانوني، فقد حوكمت بأسلوب هزلي في محاكمة مستعجلة تفتقر إلى أبسط حق مكفول قانونياً، وهو حق أن يكون لها محامٍ للدفاع عنها".
عبد الله: محاكمات جماعة الحوثيين صورية للنيل من خصومها
وأضاف أن جماعة الحوثيين عملت "على شرعنة سلوك القمع والانتهاك بحق خصومها السياسيين، وقد أصدرت مئات الأحكام غير القانونية بحق سياسيين ونشطاء يُحاكمون بتهم كاذبة". وأبرز تلك التهم، وفق عبد الله، "التعاون مع العدوان، وهي محاكمات صورية تستهدف النيل من خصوم الجماعة، والإمعان في إحكام القبضة الحديدية لها، وبث الرعب والخوف في صدور الناس في مناطق سيطرة الجماعة".