إضراب قضاة تونس يشلّ أعمال المحاكم

06 يونيو 2022
تعطلت جلسات محاكم تونس الكبرى وعلّقت الأعمال الإدارية والقضائية (العربي الجديد)
+ الخط -

تعيش أغلبية المحاكم التونسية، اليوم، على وقع الإضراب العام الذي دعت إليه جمعية القضاة التونسيين، حيث أغلقت قاعات الجلسات تماما، وكذلك كل الأعمال القضائية الأخرى، العدلية والمالية والإدارية. 

وحضر في المحكمة الابتدائية في تونس عدد هام من القضاة وبعض السياسيين والشخصيات الوطنية والمحامين للتعبير عن مساندتهم لإضراب القضاة.

وقال رئيس الجمعية التونسية للقضاة أنس الحمايدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أغلب المحاكم التي تم الاتصال بها، وعددها نحو 15 محكمة، بلغت فيها نسبة نجاح الإضراب مائة بالمائة"، مؤكدا أن "نسبة النجاح ستكون قياسية ولم تحصل في تاريخ تونس بحسب المؤشرات الأولية، سواء على مستوى المحاكم والأقطاب القضائية والنيابة العمومية"، مشيرًا إلى أنّ "أغلب الجلسات تعطلت في محاكم تونس الكبرى وأغلقت المحاكم بشكل تام"، وعلّقت الأعمال الإدارية والقضائية.

وأوضح الحمايدي أن "هذا الإضراب يجسد وحدة القضاة والهياكل القضائية وفئات القضاء العدلي والإداري والمالي وجميع الأصناف، وهناك رسالة واحدة مفادها ألا مساس بالسلطة القضائية".

إضراب قضاة تونس
عبر القضاة عن رفضهم لمحاولة جعلهم "آلية لتنفيذ مشروع رئيس الجمهورية" (العربي الجديد)

وتابع أن "هذه الخطوة تتجاوز الدفاع عن قائمة القضاة الـ57 المشمولين بالظلم والإعفاء، وهو دفاع عن  القضاء المستقل والبناء الديمقراطي وعن الحقوق والحريات".

وأضاف أنه "تم إعفاء القضاة لأنهم قالوا لا للظلم ولا لانتهاك الحرمات ورفضوا التعليمات وتجاوز القانون"، مبينا أن "من حق المواطن التونسي توفر قضاء نزيه وعادل ومحايد".

ولفت إلى أنه "خلال انتهاك السلطة القضائية، وبالشكل الذي أقدم عليه رئيس الجمهورية، لا يمكن الحديث مستقبلًا عن دولة القانون، ولا عن حماية حقوق ولا سيادة وطنية ولا قضاء مستقل"، وأضاف أن "الدعوة اليوم موجهة لرئيس الجمهورية للتراجع عن قراره الجائر، وهم لا يريدون الذهاب بتونس إلى ما لا تحمد عقباه، والى مراحل قد يخسر فيها الجميع، وأن يرفع يده عن السلطة القضائية".

وحول الخطوات المقبلة، قال الحمايدي إن "هذا الإضراب سيتواصل طالما لم تتحقق الأهداف، وفي خطوة أولية تم تحديد مهلة أسبوع قابلة للتمديد، وتعليق الإضراب مرتبط بصدور قرار من رئيس الجمهورية، والخطوة الآن ليست في قصور العدالة بل في قصر قرطاج".

وأكدت الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونسيبن روضة القرافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الإعفاءات وتعيين مجلس أعلى للقضاء مقترن بأهداف يريد تحقيقها رئيس الجمهورية قيس سعيد؛ فالوقت يضغط عليه وهو يريد تفريغ بعض مناصب القضاة ورئاسة المحاكم"، وبينت أنّ سعيّد كان قد قرر "بعد 25 جويلية (يوليو/ تموز) أن يرأس النيابة العمومية، وحصلت ردة فعل حينها دفعته إلى التراجع؛ ولكنه اليوم يرأس النيابة العمومية بصفة فعلية"، وتابعت أنّ "رئيس الجمهورية يريد من النيابة العمومية في هذه القضايا أن تصدر بطاقات إيداع (إيقاف وسجن)، وإلا فإنه يعتبر ذلك تصدّياً للفصل 23 ولذلك قام بتصفية القضاة".

وشددت القرافي على أن "حالة الغضب والاحتقان والصدمة كبيرة، ورسالة السلطة واضحة وهي إما تطبيق التعليمات أو الإعفاء، ولا حق في الطعن والتظلم أيضا".

وقال المحامي والأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، الذي حضر للتعبير عن تضامنه مع القضاة، إن "الإشكال ليس في وجود شبهات حول بعض القضاة، بل في القضاة الشرفاء والنزهاء الذين تم عزلهم من مناصبهم لرفضهم تطبيق التعليمات وتوصيات السلطة التنفيذية ومن قبل وزيرة العدل".

وأضاف، في تصريح لـ"العربي الجديد "، أن "هذه التدخلات والتعليمات هي لتطويع القضاة وجعلهم آلية لتنفيذ مشروع رئيس الجمهورية والتنكيل بكل من يعارض هذا المسار".

وأوضح الشواشي أن "محاولة وضع اليد على القضاء تأتي بعد تدابير 25 يوليو ووضع اليد على كل السلطات والتي كرسها في الأمر الرئاسي 117"، مؤكدًا أن "الرئيس ماض في اتجاه وضع اليد على السلطة القضائية، أهم سلطة، وبدأ بحل المجلس الأعلى للقضاء ولم يكتف بوضع مجلس موال له، بل ذهب حتى إلى تجاوزه وقام بنفسه بعزل مجموعة من القضاة في أغلبهم رافضين لقراراته".

رئيس الفرع الجهوي للمحامين محمد الهادفي، قال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الآلية المتبعة في المساءلة مرفوضة اليوم، وبقطع النظر عن القائمة وما تضمنته من شخصيات قضائية والمظلومة من عدمها، فإن الإجابة تكون بتحديد آليات المساءلة قبل إجراء المساءلة وقبل قرار الإعفاء".

وأوضح أن "قرارات الإعفاء من قبل رئيس الجمهورية دون محاسبة ودون الحق في الطعن والدفاع تعتبر إعداما ونسفا للقضاء"، مشيرا إلى أن "القضاة، مثل النواب والرئيس، يتمتعون بحصانة ويسيّرون مرفقا عاما ولا يمكن محاسبتهم دون  تحقيق العدالة".

ودخل القضاة التونسيون، بداية من اليوم الإثنين، في إضراب عام شمل كل المحاكم التونسية لمدة أسبوع قابل للتجديد، وتنفيذ اعتصام مفتوح بكلّ مقرات الهياكل القضائية.

وكان المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة، الذي انعقد السبت، قد أقر مبدأ الإضراب بإجماع كل الهياكل القضائية، جمعية القضاة ونقابة القضاة التونسيين واتحاد القضاة الإداريين وجمعية القاضيات التونسيات وجمعية القضاة الشبان.

المساهمون