أعلنت "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية" إضرابًا عامًّا في الداخل الفلسطيني يوم الثلاثاء القادم، مع تنظيم فعاليات احتجاجية في عموم المدن والبلدات التي يقطنها أصلانيو البلاد، احتجاجًا على سياسة القمع والبطش والتمييز التي تتبناها المؤسسة الإسرائيلية الرسمية ضد الجمهور الفلسطيني داخل الخط الأخضر، وتضامنًا مع الأقصى وأهالي الشيخ جرّاح، مطالبةً كذلك، في رسالة وجّهتها لمؤسسات عالميّة، بالتحرك الفوري لتأمين حماية دولية لفلسطينيي الداخل.
واجتمع وفد من "لجنة المتابعة" ونواب من القائمة العربية المشتركة وناشطون سياسيون في يافا، يوم الأحد، وأعلنوا عقب الاجتماع الإضراب الشامل، إلى جانب القيام بخطوات احتجاجية في اليوم نفسه حسب ما تقرره السلطات المحلية واللجان الشعبية.
وفي خطوة هي الأولى من نوعها، وجهت "لجنة المتابعة" رسالة ووثيقة لمؤسسات دولية وعالمية عديدة، تطالبها بالتحرك الفوري لفرض الحماية لجماهيرنا العربية، في وجه تصعيد سياسات القمع والبطش التي تنتهجها المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، خاصة في الأيام الأخيرة، في سعي لقمع حركة الاحتجاج ضد العدوان على شعبنا الفلسطيني خاصة في القدس وقطاع غزة، واستقدام السلطات لعصابات مستوطنين متطرفة لتشارك في الاعتداء على المواطنين العرب، خاصة في المدن الفلسطينية التاريخية، عكا وحيفا ويافا واللد والرملة".
ووجه رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، الرسالة إلى عدد من المسؤولين من بينهم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، وسفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل، ايمانويلي جوفريه، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، والمنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند؛ كما تم توجيه الرسالة إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الأقليات، فيرناندو دي فانيس ولمقرر الأمم المتحدة حول التمييز العنصري، تندايي أخيومي، وكذلك لعدد من سفراء الدول المعتمدين في البلاد، تشمل بريطانيا وألمانيا وسويسرا.
وجاء في مقدمة الوثيقة والرسالة: "في هذه الأيام، يتعرض المواطنون الفلسطينيون في دولة إسرائيل الى حملة اعتداءات دموية خطيرة ومفرطة في عنفها، وذلك من قبل الشرطة والغوغاء اليميني المتطرف وعصابات المستوطنين. فما بدأ في قمع الجموع الفلسطينية في منطقة باب العمود في القدس المحتلة، وبالذات في منعهم من الاحتفالات وإحياء الأمسيات الرمضانية، إضافة إلى قمع الاحتجاجات على مخطط طرد العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح في المدينة، تلاه تصعيد وتحوّل إلى سلسلة أعمال قمع أخرى مفرطة في عنفها. فقد اقتحمت قوات الاحتلال حرمة المسجد الأقصى، واعتدت على المصلين في مكان عبادتهم وجرحت المئات منهم وهم يحيون الصلوات الرمضانية".
عرضت الوثيقة جوانب تدل على تواطؤ الأجهزة الإسرائيلية مع عصابات المستوطنين ودعم اعتداءاتها
وعددت الرسالة عددا من أشكال القمع وأحداثًا عينية، تعكس وحشية الاعتداء السلطوي، وما تبعه من اعتقال المئات، والإسراع في تقديم لوائح اتهام، عدا عن وقوع عشرات الإصابات في مختلف المدن والقرى، وبالذات في المدن الفلسطينية التاريخية.
وعرضت الوثيقة جوانب تدل على تواطؤ الأجهزة الإسرائيلية مع عصابات المستوطنين ودعم اعتداءاتها، وجاء في الوثيقة: "تمّ تداول مقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي، كما بثّت على شاشات التلفزيونات العالمية اعتداءات تبيّن كيف دعمت الشرطة الإسرائيلية العصابات اليهودية، بمن فيهم المسلحون، وهم يتجولون في الشوارع بهدف واضح هو الاعتداء الدموي على المواطنين العرب".
وتابعت: "لقد فاقم السياسيون الإسرائيليون الوضع وبثّوا الدعم للغوغاء وعصاباتهم، وكان أحد تجليات ذلك هو تبرير جريمة قتل موسى حسونة في اللد، باعتبارها (على ما يبدو) دفاعًا عن النفس. علاوة على ذلك، صرّح وزير الأمن الداخلي، أمير أوحانا، بأن، "اعتقال مطلق النار في اللد وأصدقائه الذين تصرفوا على ما يبدو دفاعًا عن النفس هو أمر مروّع. فهؤلاء المواطنون المنصاعون للقانون والذين يحملون السلاح يعززون من قوة سلطات الأمن، في سعيها للتدارك الفوري للتهديد والخطر".
وتابع البيان أنه "في حالات متعددة شوهدت قوات الشرطة ترافق الغوغاء الإسرائيليين اليهود، بينما تقوم هي بقمع عنيف للغاية لمبادرات الفلسطينيين العرب في البلدات والأحياء لحماية انفسهم وجمهورهم الأعزل، كما حدث في حي وادي النسناس في حيفا يوم الأربعاء (12 أيار)".
ومضت الوثيقة إلى القول: "نظرًا لأن سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية تقاعست عن حماية المواطنين العرب الفلسطينيين بشكل فعال من عنف عصابات المواطنين الإسرائيليين اليهود، فإننا، ممثلي الجماهير العربية الفلسطينية، ندعو المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لحماية مجتمعنا من الاعتداءات الدموية المنظمة والخطيرة والانتهاك الفظ لحقوقنا من قبل الدولة. إننا نطالبكم باستخدام مختلف الإجراءات لإلزام دولة إسرائيل باتخاذ خطوات فورية لحماية الجماهير العربية الفلسطينية ووقف الاعتداءات عليها".
حملة الاعتقالات مستمرة
وتستمر في الأثناء حملة الاعتقالات الشرسة في الداخل الفلسطيني من قبل الشرطة والمخابرات الإسرائيلية، وطاولت اليوم العشرات من جميع المدن والبلدات الفلسطينية، في حين بدأت النيابة في تقديم لوائح الاتهام لبعض المعتقلين.
وفي حديث مع أمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي السابق عوض عبد الفتاح عن الاعتقالات والوضع الراهن، رأى أن تلك الهجمة البوليسية تعود لأمرين "الأمر الأول أن هذا النظام قمعي وحشي من الأساس معروف؛ الأمر الثاني أن إسرائيل تفاجأ مرة أخرى بهذا الجيل الصاعد الذي ينتفض مجددا ويلتحم مع شعبه. هذه مسألة بديهية ومفهومة، لذلك إسرائيل تريد أن تقمع هذ الهبة قبل أن تتوسع وتترسخ بين الناس؛ نحن الآن أمام لحظة تاريخية فارقة ونعتقد أنها في غاية الأهمية وعلينا أن نقوم بتأطيرها وحماية الشباب من أجل استمرار هذه الهبة واستمرار الالتحام مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض إلى أبشع حملة دموية منذ سنوات. ونحن في حالة صراع مستمر مع هذا الكيان الصهيوني ولذلك نحن الآن هنا أمام المحكمة متواجدون مع أهالي المعتقلين نمدهم المساندة والعون حتى نستطيع أن نصمد. لا سبيل لنا غير الصمود والتأطر مجددا من أجل خوض معركتنا بنجاح".
من جانبه، يبيّن المحامي رمزي اكتيلات من يافا أن الشرطة "اعتقلت شبابا لكونهم موجودين في مجموعات و(اتس اب) مخترقة ومفبركة من قبل الشرطة، ويتم فيها الدعوة إلى أعمال معينة؛ هناك قاصرون تم اعتقالهم كونهم أعضاء بهذه المجموعات، وتوجه النيابة تهما لهم مثل (الحرق)، (عضوية مجموعات واتس اب)، و(الاعتداء)؛ لذا نحذر الشباب من الالتفات إلى هذه المجموعات وفقط الانضمام إلى مجموعات مع أعضاء معروفين مسبقا".