إشارات دولية نحو عالم خالٍ من الانبعاثات السامة تسبق مؤتمر المناخ

23 أكتوبر 2021
يُعقد مؤتمر المناخ في اسكتلندا بين 31 أكتوبر و12 نوفمبر (Getty)
+ الخط -

من المقرّر أن يجتمع ممثلو أكثر من 200 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ، المعروف باسم "كوب 26"، في الفترة من الحادي والثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول إلى الثاني عشر من نوفمبر/تشرين الثاني في غلاسكو باسكتلندا، لمناقشة أهداف جديدة لخفض أو كبح الانبعاثات التي تساهم في تغير المناخ

"مبادرة السعودية الخضراء"

وقبل نحو أسبوع على انعقاد المؤتمر، عُقدت في السعودية، اليوم السبت، فعاليات "مبادرة السعودية الخضراء"، التي تستهدف خفض 278 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً، ارتفاعاً من هدف سابق بخفضها 130 مليون طن، والتي التزمت فيها المملكة، أكبر منتج للنفط في العالم، الوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2060. يأتي المؤتمر بعد يومين من تسريبات حصلت عليها منظمة "غرينبيس"، تكشف كيف تضغط الدول الرئيسة المنتجة للوقود الأحفوري واللحوم ضد العمل المناخي المفترض تضمينه في تقرير رئيسي سيصدر عن الأمم المتحدة.

ومن بين الدول التي أشارت إليها التسريبات وتمارس ضغوطاً، السعودية وأستراليا والبرازيل والأرجنتين واليابان. وبحسب الوثائق المسرّبة، فإنّ السعودية طلبت من مؤلفي التقرير إزالة جملة تدعو قطاع الطاقة إلى "التحول السريع إلى مصادر خالية من الكربون والتخلص (التدريجي) من جميع أنواع الوقود الأحفوري".

غير أنّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، تعهّد في مؤتمر اليوم، بأن تصل السعودية إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2060، وأن ترفع هدفها السنوي لخفض انبعاثات الكربون بأكثر من مثليه إلى قرابة 280 مليون طن.

وأعلن وليّ العهد في كلمة مسجلة خلال فعاليات مبادرة السعودية الخضراء، وفق "رويترز"، أن المملكة "تستهدف الوصول للحياد الصفري في عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وبما يتوافق مع خطط المملكة التنموية... ويحفظ دور المملكة الريادي في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية". 

بدوره، قال وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، إن المملكة ستتحمل مسؤولية الأهداف المعلنة بشأن الانبعاثات، مشدداً على أنه يجب أن نكون متنبهين إلى أمن الطاقة والنمو الاقتصادي المستدام.

الأمير تشارلز: فرصة محدودة لمكافحة التغير المناخي

وفي الفعاليات نفسها، قال وليّ عهد بريطانيا الأمير تشارلز، إن ثمة فرصة محدودة بشكل خطير لتسريع تحركات مكافحة التغير المناخي. ونقل عن خبراء قولهم إن مؤتمر "كوب 26" يجب أن يتضمن مساهمات محددة وطنياً "بخطوط أساس واضحة"، وأهدافاً للوصول إلى انبعاثات صفرية بحلول 2050.

وقال الأمير تشارلز، في تصريحات مسجلة خلال المؤتمر، إن "مبادرة السعودية الخضراء" و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" الأوسع نطاقاً، التي تستضيفها الرياض يوم الاثنين، ستساهمان في تسريع التقدم الكبير الذي أُحرِز بالفعل.

ومن المقرّر أن يحضر المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري قمة الرياض، الاثنين.

ضغوط لتعديل تقرير أممي عن تغير المناخ

وبالعودة إلى تفاصيل الوثائق المسربة قبل يومين، إلى فريق التحقيق من الصحافيين التابعين لمنظمة "غرينبيس" في المملكة المتحدة، فإنّها تكشف عن ضغوط يمارسها منتجو الوقود الأحفوري، بما في ذلك أستراليا والسعودية ومنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، على الفريق الحكومي الدولي المعنيّ بتغير المناخ "لإزالة أو إضعاف نتيجة رئيسية، مفادها أن العالم بحاجة إلى التخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري"، وفقاً للمنظمة.

وذكرت شبكة "سي إن إن" أنها لم تتمكن من الحصول على المحتويات الكاملة للوثائق أو تأكيدها بشكل مستقل، ولكنها راجعت المقتطفات.

ووفقاً لـ"غرينبيس"، تُظهر الوثائق أن المملكة العربية السعودية طلبت من مؤلفي التقرير إزالة جملة تدعو قطاع الطاقة إلى "التحول السريع إلى مصادر خالية من الكربون والتخلص (التدريجي) من جميع أنواع الوقود الأحفوري".

وكانت الوثائق التي استعرضتها المنظمة تتعلق بالمسودة الثانية لمساهمة مجموعة العمل الثالثة في تقرير التقييم السادس التاريخي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، الذي من المقرّر نشره العام المقبل.

وقالت المنظمة إن أستراليا رفضت بياناً في مسودة التقرير، مفاده أن إيقاف محطات الطاقة التي تعمل بالفحم ضروري لتحقيق انبعاثات صفرية في أنظمة الطاقة، وطلبت من مؤلفي التقرير حذف بيان يقول إن الضغط على الوقود الأحفوري عرقل العمل المناخي في أستراليا.

وبحسب ما ورد، طلبت اليابان من المؤلفين حذف التقديرات أو إضافة سياق إضافي لما وصفته بفقرة "مضللة" حول تقاعد محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري حتى يتمكن العالم من تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.

وأشارت الوثائق المسربة أيضاً إلى أن البرازيل والأرجنتين، وهما من أكبر منتجي لحوم البقر في العالم، "تضغطان لحذف الرسائل المتعلقة بالفوائد المناخية للترويج للأنظمة الغذائية النباتية والحد من استهلاك اللحوم والألبان"، وفقاً للمنظمة.

وزعمت الوثائق أن البرازيل طلبت إزالة الطريقة التي اقترحت أن التحول إلى نظام غذائي يحتوي على المزيد من البروتين النباتي مفيد للصحة، ويمكن أن يساعد في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بينما ورد أن الأرجنتين أرادت حذف فقرة كاملة حول الفوائد المناخية للنظم الغذائية النباتية.

واعتبرت منظمة "غرينبيس" أن الوثائق المسربة تثير تساؤلات عن استعداد الدول للالتزام بإجراءات مناخية حاسمة قبل أيام فقط من قمة "كوب 26" المناخية في غلاسكو.

خطة لبنغلادش

وفي إطار الخطط الدولية حول المناخ، أعلنت بنغلادش أنها تعتزم تقديم "خطة ازدهار المناخ" الخاصة بها التي تهدف إلى التخفيف من آثار الاحتباس الحراري على التنمية الاقتصادية، في محادثات المناخ المقبلة للأمم المتحدة في غلاسكو، حسبما قال مسؤول بنغلادشي معنيّ بالمناخ.

وتُبنى الخطة على تصور تعزيز الطاقة المتجددة، وجعل الزراعة أكثر مقاومة للصدمات المناخية، وإيجاد حلول في الطبيعة للتحديات التي يفرضها الاحتباس الحراري، مثل استعادة أشجار المانغروف لحماية السواحل من الأعاصير.

وتقول الدولة الواقعة في جنوب آسيا، إنها ستشجع الدول الأخرى المعرضة للخطر بشكل مماثل على صياغة خططها الخاصة.

ونظراً لتكدس معظم سكانها البالغ عددهم 160 مليون نسمة في المناطق المنخفضة على طول خليج البنغال، تعتبر بنغلادش عرضة بشكل خاص للفيضانات والطقس القاسي وفقدان الأراضي الزراعية بسبب ارتفاع مستويات المحيط.

وبالاعتماد على مواردها الخاصة، وبدعم من المجتمع الدولي، لا يزال بإمكان بنغلادش أن تجعل دلتا نهر الغانج – التي تهيمن على معظم أنحاء البلاد – مزدهرة، حسبما قال المسؤول البنغلادشي أبو الكلام آزاد، في مقابلة مع "أسوشييتد برس"، أمس الجمعة. وأضاف آزاد، وهو المبعوث الخاص للحكومة إلى منتدى تغير المناخ الذي يضم مجموعة من الدول الأكثر عرضة لتغير المناخ: "نأمل أن نحمل هذه الخطة إلى مؤتمر كوب 26، ونطلب من جميع البلدان المعرضة للخطر أن يكون لديها خطط ازدهار خاصة بها تتطلع إلى قضاياها ومشاكلها ومواردها الخاصة".

المساهمون