إسماعيل رضوان لـ"العربي الجديد": لا يمكن للاحتلال رفض مطالبنا

17 اغسطس 2014
رضوان: المقاومة غيّرت كل المعادلات (العربي الجديد)
+ الخط -
أكد القيادي في حركة "حماس"، إسماعيل رضوان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن فصائل المقاومة استطاعت "تغيير كل المعادلات وحققت توازن للردع والرعب في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من خلال إيقاعها الخسائر بالعدو على جميع الأصعدة". وأوضح أن "إسرائيل تجثو اليوم على ركبتيها، منتظرة موقف حركة حماس، ما إذا كانت تريد التهدئة أم لا".

وجاء حديث رضوان، أثناء تواجده في تونس، ضمن جولة مكوكية في عدد من العواصم، إذ رأى أن "الأداء العسكري النوعي للمقاومة أربك الاحتلال ومن يدعمه، وقد ولّى اليوم الذي كنا نُقتل فيه ولا نستطيع قتل القاتل، اليوم الذي يقتلون فيه نساءنا وأطفالنا ولا نستطيع الرد، فاليوم يقتلون أطفالنا فنقتل ضباطهم، ويدمرون منازلنا فندمر دباباتهم".

وشدد على أن "الاحتلال لا يمكنه رفض المطالب الفلسطينية في مفاوضات القاهرة، وإذا رفض فمن حق المقاومة أن تتخذ الخيارات اللازمة لتحقيق مطالبها". ولفت إلى أن "رفض المطالب الفلسطينية سيفرض على العدو حرب استنزاف طويلة، كما تحدث مسؤول حماس في لبنان، أسامة حمدان".

وأكد أن "المقاومة هي التي تحدد الوسيلة المناسبة لإدارة المعركة المقبلة، لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وهي قادرة على أن تواصل المعركة ضد الاحتلال حتى تجبره ولا خوف عليها".

ورداً على سؤال حول آخر تطورات المفاوضات، قال "في البداية كان العدو يتهرب والمصريون كانوا يقدمون انطباعات، وقدموا ردوداً شفوية، ونحن طالبنا بردود مكتوبة، وجاءت غير ملبية لمطالبنا الستة المعروفة". وأضاف "يحاول العدو إرجاء مسائل الميناء، ورفع الحصار المالي والاقتصادي، وقضية الأسرى، وغيرها إلى ما بعد شهر من المفاوضات، ونحن رفضنا وأبدينا ملاحظاتنا وننتظر الرد".

* ما هي الدوافع السياسية لزيارتكم إلى تونس؟
جئنا إلى تونس، التي طالما احتضنت المقاومة، تلبية لدعوة الرئيس، المنصف المرزوقي، لإطلاعه على مجريات العدوان ونتائجه، وأيضاً على ما سبق العدوان، لأن الاحتلال هو الذي بدأ بالاعتداء علينا ونحن ندافع عن شعبنا وأمتنا، وأطلعناه على نتائج ذلك من مجازر وأضرار مادية وبشرية، وكذلك على مجمل العملية التفاوضية في القاهرة لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني.

ونقلنا إلى الرئيس رسائل من رئيس المكتب السياسي، خالد مشعل، وطلبنا منه أن تمارس تونس مزيداً من الضغوط السياسية، من خلال الدول الأوروبية للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل، ومواصلة الدعم الإنساني العاجل لضحايا العدوان. وكما تعلمون فإنه نتيجة لحجم الدمار الهائل، قدّرت بعض المنظمات تكلفة إعادة إعمار غزة بـ6 مليارات دولار.

وأكد الرئيس المرزوقي، حرص تونس على الاستمرار في دعم القضية الفلسطينية، ووعد بأن يتحدث إلى الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، في هذا الصدد (زار المرزوقي فرنسا للمشاركة في ذكرى إنزال بروفانس في 15 أغسطس/آب)، وأكد أنه ستتم الملاحقة القضائية لإسرائيل.

وأبدى استعداده لاستقبال الجرحى الفلسطينيين في تونس، بالإضافة إلى استقبال مئة طفل فلسطيني من أبناء الشهداء، وهناك طائرتا مساعدات وصلتا إلى غزة وطائرتان في الطريق، وأشاد بالمقاومة التي رفعت هامات الأمة.

* كيف تقيّمون الدور العربي إبان العدوان؟
نحن نقسم الموقف العربي إلى ثلاثة أقسام، الأول موالٍ للعدوان، وهذا ما أكده رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بنفسه، وإسرائيل هي التي ذكرت ذلك عنهم. ونحن نربأ بالعرب عن ذلك ولا نرضاه لهم، ويكفي أن ينفوا هذه التهمة عن أنفسهم وسنقبل بهذا النفي.

وموقف ثانٍ صامت على العدوان ولا يحرك ساكناً، وهو لا يقل عن الأول لأنه يشجع بدوره على العدوان. والموقف الثالث هوالرافض للعدوان والداعم للمقاومة، مثل تونس وقطر وتركيا والسودان واليمن والجزائر، وإن تفاوت مستوى تضامنهم.

ونحن نثمّن دعوة الرئيس المرزوقي، لعقد لقاء قمة عربية، ولكنها فشلت وقوبلت بالرفض من معظم الدول العربية، وهذا محزن لأنها مواقف مهينة ومريبة، والرئيس المرزوقي يفكر الآن في عقد مؤتمر عالمي، على مستوى أكبر من الدول العربية والإسلامية، لدعم غزة والقضية الفلسطينية.

إن المتابع لما يحدث من تطورات، يلاحظ أن هناك متغيرات جذرية في هذه الحرب، فقد اختلفت قواعد اللعبة الآن. فبعد معركة "الفرقان" و"حجارة من سجّيل"، واليوم "العصف المأكول"، غيّرت المقاومة المعادلة تماماً، وما بعد هذه الحرب ليس كما قبلها بالتأكيد.

وقد تغيّر توازن الرعب والردع، من خلال إيقاع الخسائر بالعدو على الصعيد الأمني والعسكري والإلكتروني والأخلاقي في المعركة. وأربك الأداء العسكري النوعي للمقاومة الاحتلال ومن يدعمه، وقد ولّى اليوم الذي كنا نُقتل فيه ولا نستطيع قتل القاتل، اليوم الذي يقتلون فيه نساءنا وأطفالنا ولا نستطيع الرد، اليوم يقتلون أطفالنا فنقتل ضباطهم، ويدمرون منازلنا فندمر دباباتهم.

وهناك اليوم أيضاً وحدة في الموقف الفلسطيني، فالشعب ملتف حول المقاومة بشكل لم يسبق له مثيل، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه، وهناك وحدة الوفد المفاوض، وكلها عوامل قوة.


* ولكن هناك محاولات لتفتيت الوفد المفاوض؟
 بلا شك هناك محاولات تفتيت الوفد المفاوض بين الفصائل والسلطة، أو بيننا وبين مصر، ونحن نسعى لأن تكون العلاقة مع مصر إيجابية بما يخدم القضية.

ونأمل من الشقيقة مصر أن تطوي صفحة الخلاف وصفحة المعاملة غير السوية مع "حماس"، وأن تكون العلاقة على أساس المصلحة المشتركة ومصلحة القضية الفلسطينية، ونعتقد أنه آن الأوان أن تطوى هذه الصفحة، ومعها كل الافتراءات والفبركات والأكاذيب في الإعلام غير الموضوعي، وأن يتم التعامل مع المقاومة على أساس أنها ذخر استراتيجي لمصر و لكل العرب.

فنحن نقاوم ونحارب نيابة عن الأمة، ومن حقنا على أمتنا أن تدعمنا بكل الوسائل السياسية والمادية والإعلامية والإعمار، ولولا فضل الله أولاً، ثم المقاومة، لفكّر الاحتلال أن يدخل إلى عواصم عربية.

وعلى صعيد آخر، هناك تأثير كبير لنتائج هذه الحرب في العلاقة الفلسطينية ــ الفلسطينية، فتحققت وحدة الفصائل في الميدان، وفي المفاوضات، وستدفع في اتجاه انجاح حكومة التوافق والوحدة في كل مساراتها.

وهناك رسائل على المستوى الاستراتيجي الخارجي، فنحن أعدنا الأمل إلى الأمة بأن روح المقاومة تسري فيها، وغيّرنا النظرة التي تقول بأن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، وأقمنا الحجة على الجيوش العربية التي كانت تقول إن التوازن الاستراتيجي غير ممكن، فالمقاومة بوسائل بسيطة هزمت اسرائيل، فما بالك بالأمة.

ويعترف الاحتلال أنه، وعلى الرغم من الغطاء الدولي والإقليمي، لم يستطع الاستمرار في المعركة، وطلب التهدئة وهذا يعني أن بيته أوهن من بيت العنكبوت. نحن نؤمن بأن هذه المرحلة ستؤسس للمرحلة المقبلة، وهي مرحلة التحرير وحق العودة.

* شكل المفاوضات هذه المرة تغيّر بشكل جذريّ؟

هذا صحيح، وأنت اليوم لا تسمع لغة الإملاءات كما كان الأمر من قبل، اليوم المفاوض هو المقاتل الذي لا يتنازل عن تضحياته، وهو يفاوض معززاً بالانتصار، ولن يقبل الفلسطيني اليوم بأن يفرض عليه أمر بالقوة، كما كانت المفاوضات من قبل على مدى عشرين عاماً، من قِبل وفد يقلِم أظافر المقاومة، ثم يذهب ليستجدي على موائد الصهاينة إنجازات سياسية. إسرائيل اليوم هي التي تجثو على ركبتيها، منتظرة موقف حماس إذا كانت تريد التهدئة أم لا.

* كيف تتطوّر المفاوضات حتى الآن؟
في البداية كان العدو يتهرّب، والمصريون كانوا يقدمون انطباعات، كما قدموا ردوداً شفوية ونحن طالبنا بردود مكتوبة، وجاءت غير ملبيّة لمطالبنا الستة المعروفة، وتحاول أن ترجئ إلى ما بعد شهر من المفاوضات مسائل الميناء، ورفع الحصار المالي والاقتصادي، وقضية الأسرى، وغيرها، ونحن طبعاً رفضنا وأبدينا ملاحظاتنا وننتظر الرد.

* وإذا رفض الإسرائيليون المطالب الفلسطينية، ماذا سيحدث؟
لا يمكن للاحتلال أن يرفض وهناك أجواء سياسية بالدفع لتحقيق هذه المطالب، وإذا رفض فمن حق المقاومة أن تتخذ الخيارات اللازمة لتحقيق مطالبها. وقد أكد مسؤول حماس في لبنان، أسامة حمدان، أن رفض المطالب الفلسطينية، سيفرض على العدو حرب استنزاف طويلة، وهذا ما أعلنته، كتائب القسام.

المقاومة هي التي تحدد الوسيلة المناسبة لإدارة المعركة المقبلة، لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وهي قادرة على أن تواصل المعركة ضد الاحتلال حتى تجبره ولا خوف عليها.

ولقد بلغنا أن إسرائيل موافقة على الميناء، ولكن هناك طرفاً آخر يرفض، نحن لا نعتمد على التسريبات، نحن نريد موافقة صريحة ومعلنة.

ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن أنه يسمح بدخول مواد البناء وفتح المعابر تهرباً من الالتزام الرسمي، وبعد أن انهزم عسكرياً يريد أن يلتف سياسياً. وسنرى مستقبلاً أن هناك لجان تحقيق ستفتح حول نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، للتحقيق في هزيمة الجيش الذي لا يقهر.

* هل باتت الممارسة السياسية في الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، براغماتية، وتتعامل مع المتغيرات بعقلانية؟
نحن نتعامل مع واقعنا بموضوعية وبراغماتية واضحة وواقعية، لأننا نؤمن أن قضيتنا تحتاج إلى كل القوى، بمعزل عن الانتماء الفكري أو السياسي، وأوجه رسالة إلى كل الأخوة في تونس ومصر وكل الدول، لتجسيد الوحدة فيما بينها وتحقيقها لأن دولاً عربية آمنة وقوية، بإمكانها أن تنتصر لقضايا أمتها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

المساهمون