إسرائيل تقايض زيادة المساعدات لغزة بأسلحة أميركية لمواصلة الإبادة

16 أكتوبر 2024
فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة/ 12 أكتوبر 2024 (رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تستجيب إسرائيل لضغوط أميركية لزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، مع السعي للحصول على أسلحة أميركية لمواجهة التهديدات الإقليمية. تضمنت الرسالة الأميركية "إنذاراً قاسياً" لتحسين الوضع الإنساني دون وقف إمدادات الأسلحة.

- جرت محادثات بين مسؤولين إسرائيليين والبيت الأبيض لتجنب تصاعد الأزمة، وأكدت إسرائيل جديتها في تحسين الوضع الإنساني بغزة. من المتوقع اتخاذ قرارات في "الكابينت" قريباً.

- المطالب الأميركية تشمل السماح بزيارات الصليب الأحمر ووقف تشريعات الأونروا، مما يتطلب تصويت "الكابينت". تعكس الرسالة الأميركية عدم ثقة في النوايا الإسرائيلية وتحذر من عواقب سلبية إذا لم تتحسن الأوضاع.

تتجه دولة الاحتلال الإسرائيلي للاستجابة لطلب الولايات المتحدة بزيادة المساعدات الإنسانية التي تسمح بدخولها إلى قطاع غزة، الذي يعاني جراء التجويع والإبادة الاسرائيلية، حرصاً على حصولها على مزيد من الأسلحة الأميركية المستخدمة في إبادة الفلسطينيين، وأسلحة أخرى دفاعية في مواجهة حزب الله وإيران ومجموعاتها المسلحة في المنطقة.

ونقل موقع والاه العبري، اليوم الأربعاء، عن مسؤولين إسرائيليين كبيرين لم يسمّهما قولهما إن "إسرائيل أوضحت للولايات المتحدة أمس أنها ستتحرك بسرعة للاستجابة للمطالب الأميركية لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة"، كما أشار إلى تأكيد مسؤولين أميركيين كبار لم يسمّهم أن الرسالة التي وجهتها واشنطن الى تل أبيب، وتضمّنت "إنذاراً قاسياً"، لم يكن المقصود منها التمهيد لوقف إمدادات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل، بل منع ذلك، من خلال إحداث تغيير في السلوك الإسرائيلي في ما يتعلق بالوضع الإنساني في غزة.

ويعترف مسؤولون إسرائيليون كبار بأنه على الرغم من استياء تل أبيب من الإنذار الأميركي شديد اللهجة، إلا أن الرسالة تمثّل فرصة منحتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل لتصحيح تدهور الوضع، والعودة إلى تنفيذ السياسة التي وضعها المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، وبموجبها، يخدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع "المجهود" الحربي هناك. ويعني هذا أن الاحتلال يتعامل مع المساعدات الإنسانية باعتبارها ورقة تمنحه مزيداً من "الشرعية" لمواصلة جرائم الإبادة وحرق الناس أحياء، والتدمير في غزة.

وجرت أمس الثلاثاء عدة محادثات بين مسؤولين سياسيين إسرائيليين رفيعي المستوى والبيت الأبيض لتوضيح الأمور والتأكد من عدم خروج "الأزمة" عن السيطرة، والتأكيد على أن إسرائيل ستتخذ خطوات لعكس الاتجاه السائد حالياً، أي تخفيف عرقلتها دخول المساعدات.  وقال مسؤول إسرائيلي مطّلع للموقع العبري: "لقد تلقيّنا الرسالة الأميركية وتمت مراجعتها من قبل المؤسسة الأمنية. إن إسرائيل تأخذ هذه القضية على محمل الجد، وسنرد على المخاوف التي أثارها نظراؤنا الأميركيون في الرسالة".

وقال مسؤول إسرائيلي كبير آخر حول المتطلّبات الأميركية المتعلّقة بالمعابر الحدودية وأعداد الشاحنات (التي تدخل غزة)، والقضايا اللوجستية، وإجراءات المساعدات الإنسانية، إنه "من المتوقّع أن يتغير الوضع إلى الأفضل خلال أيام قليلة". وبحسب المسؤول، من أجل تنفيذ جزء كبير من المطالب الأميركية التي ظهرت في الرسالة، سيكون من الضروري عقد "الكابينت" ​​في أقرب وقت ممكن واتخاذ قرارات بشأن خطوات لتحسين الوضع الإنساني في غزة.

وأضاف أحد المسؤولين الذين تحدثوا للموقع أن بعض القضايا التي وردت في الرسالة الأميركية، مثل السماح لمئات الآلاف من الفلسطينيين بالانتقال من المواصي في قطاع غزة شرقاً نحو خانيونس ورفح، ستتطلب قراراً من المستوى السياسي. ووفقا له، فإن المطالب الأميركية، من قبيل السماح بزيارات الصليب الأحمر لمراكز الاعتقال في إسرائيل، أو وقف التشريعات المتعلقة بالأونروا، أو صدور إعلان رسمي بأن إسرائيل لن تقوم بإجلاء سكان شمال قطاع غزة قسراً، هي قضايا مشحونة سياسياً وستتطلب على الأرجح تصويتاً في "الكابينت".

ويقول مسؤولون إسرائيليون كبار إن المناقشات التي جرت في الأيام الأخيرة حول موضوع الهجوم على إيران في "الكابينت" وأطر أخرى عقدها نتنياهو، أوضحت للعديد من الوزراء مدى اعتماد إسرائيل العميق على الولايات المتحدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتسلّح، والدفاع الصاروخي، ما قد يقلل من حدة المعارضة في "الكابينت" للموافقة على الإجراءات التي يطلبها الأميركيون.

من جانبها، أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت، في عددها الصادر اليوم، إلى أن رسالة التهديد الأميركية الجديدة بفرض حظر أسلحة على اسرائيل إذا لم تسمح بدخول مساعدات إنسانية إلى غزة، هي أمر "غير عادي على الإطلاق"، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين، لم تسمّهم، قولهم إن "هذه هي الرسالة الأكثر حدّة التي ترسلها الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ عقود، وخاصة في كل ما يتعلق بتوريد الأسلحة. سيتعين على إسرائيل قريباً جداً القيام بإجراءات مهمة لزيادة المساعدات الإنسانية، إذا كانت لا تريد الدخول في أزمة مع الأميركيين".

ووفقاً للمسؤولين الإسرائيليين، لم يكن هناك تغيير فعلي في سياسة إسرائيل المتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية، والرسالة شديدة اللهجة تعكس عدم ثقة الإدارة الأميركية في النوايا الإسرائيلية. ويخشى الأميركيون تجويع دولة الاحتلال غزة في إطار "خطة الجنرالات"، القائمة بالأساس على عزل شمال القطاع وتجويع سكانه وتهجيرهم وفرض السيطرة الإسرائيلية عليه.

والاثنين، أرسل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن رسالة إلى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ووزير الأمن يوآف غالانت، طالبا فيها إسرائيل باتخاذ خطوات خلال 30 يوماً لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، من أجل "تجنب العواقب السلبية لتوريد الأسلحة الأميركية لإسرائيل".

وبحسب القانون الأميركي ومذكرة الأمن القومي التي وقعها الرئيس الأميركي جو بايدن في فبراير/شباط، يجب على الدول التي تتلقى مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة والتي تخوض صراعاً عسكرياً أن تسمح بنقل المساعدات الإنسانية الأميركية أو المدعومة من الولايات المتحدة دون عوائق. وإذا لم تسمح هذه الدول بذلك، فسيتم تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لها على الفور. وتشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، خاصة في ظل النشاط المتجدد لجيش الاحتلال الإسرائيلي في شمال قطاع غزة، وتعليق نقل شاحنات المساعدات إلى شمال القطاع لمدة أسبوعين. 

المساهمون