رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، التعديلات التي طلبها لبنان على مقترح ترسيم الحدود الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، ما قد يفتح الباب أمام تصعيد عسكري.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن رئيس وزراء الاحتلال يئير لبيد رفض طلبات المراجعة، موضحاً أن أي مفاوضات أخرى ستتوقف إذا هدد "حزب الله" المدعوم من إيران منصة التنقيب عن الغاز في حقل كاريش.
وحظيت مسودة الاتفاق، التي لم تُعلَن تفاصيلها، بترحيب مبدئي من جانب لبنان والاحتلال الإسرائيلي عند تسلمها من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين مطلع الأسبوع. ولكن كانت هناك معارضة داخلية عند الجانبين، وقدم لبنان طلبات تعديل تسلمتها إسرائيل اليوم الخميس.
وقال مسؤول إسرائيلي إنه جرى إخطار رئيس الوزراء يئير لبيد "بالتفصيل بشأن التغييرات الجوهرية التي يطلب لبنان إدخالها على الاتفاق، ووجه فريق التفاوض لرفضها".
وبالتوازي مع المحادثات غير المباشرة، تواصل إسرائيل الاستعداد لتشغيل منصة غاز كاريش، المتنازع عليها. وسبق أن أطلق حزب الله اللبناني تهديداً مبطناً ضد كاريش، الأمر الذي ضغط لتسريع المسار الدبلوماسي.
واعتبرت إسرائيل أن مسودة الاتفاق مع لبنان، في حال إنجازه، ضمانة لتأمين كاريش. إلا أن هذا الموقف تغير اليوم.
وقال المسؤول: "ستنتج إسرائيل الغاز من منصة كاريش بأسرع وقت ممكن.. وإذا حاول حزب الله أو أي طرف آخر إلحاق ضرر بمنصة كاريش أو تهديدنا، ستتوقف المفاوضات البحرية على الفور".
وزاد وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس من حدة التهديدات، وقال إنه إذا حاول حزب الله ضرب مصالح إسرائيل، فإن "دولة لبنان ستتكبد ثمناً عسكرياً باهظاً".
أزمة مستعصية في المفاوضات
وأفادت مصادر إسرائيلية بأن رفض لبيد التعديلات اللبنانية على مقترح ترسيم الحدود البحرية، يخلق أزمة مستعصية في سياق المفاوضات الجارية بين البلدين في الأشهر الأخيرة. مشيرة إلى أن الأزمة الجديدة تعصف بالاتفاق في مرحلة حرجة للغاية.
وقال موقع "والاه" إن انفجار المحادثات من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد أمني بين إسرائيل وحزب الله على الجبهة الشمالية. ونقل الموقع عن مسؤول سياسي رفيع أن "التعديلات اللبنانية شملت تغييرات جوهرية على صيغة الاتفاق التي ترفض إسرائيل قبولها".
بدوره، أكد مسؤول سياسي، ظهر اليوم، لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن إسرائيل "تسلمت ملاحظات لبنان على مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية الليلة، وترفضها جملة وتفصيلاً".
وقال المصدر، الذي لم تحدد الصحيفة هويته: "أُبلغ رئيس الوزراء يائير لبيد بتفاصيل التغييرات الجوهرية الجديدة التي يسعى لبنان لإدخالها في الاتفاق، وأمر فريق التفاوض برفضها". وأوضح لبيد أن إسرائيل لن تتنازل عن المصالح الأمنية والاقتصادية بأي شكل من الأشكال، حتى لو يعني ذلك عدم وجود اتفاق بالقريب".
وقال المسؤول السياسي إن "إسرائيل ستنتج الغاز من منصة كاريش بأسرع ما يمكن"، وإنه إذا حاول حزب الله أو أي شخص آخر الإضرار بمنشأة "كاريش" أو تهديد إسرائيل، "ستتوقف المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية على الفور. وسيتعين على حسن نصر الله أن يشرح لمواطني لبنان سبب عدم امتلاكهم لمنصة غاز ومستقبل اقتصادي".
وهاجم مجدداً رئيس حكومة الاحتلال الأسبق وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال لبيد، عقب إعلان الأخير رفضه للتعديلات اللبنانية، وقال -حسب ما أوردت الصحيفة- إن "نصر الله هدد ولبيد تراجع. الضغط الشديد الذي مارسته أنا وأصدقائي جعله ينسحب من توقيع اتفاق الاستسلام. على أي حال، هذا الاتفاق غير القانوني الذي حصل دون تصديق الكنيست لن يقيدنا".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول لبناني قوله إن "لبنان لم يتلق رداً إسرائيلياً رسمياً بشأن طلبات تعديل مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية".
وبحسب المسؤول اللبناني، الذي لم تذكر الوكالة هويته، فإن الجانب اللبناني "يريد أن يعرف ما إذا كان الرفض نهائياً أو يمكن التفاوض بشأنه".
وجاء رد لبيد في وقت يجتمع فيه المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، لبحث مقترح اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد استبعدت في وقت سابق أن يصوت "الكابينت" على مقترح الاتفاق، اليوم، إذ أفادت مراسلة الشؤون السياسية في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية غيلي كوهن، بأن لبيد ووزير الأمن بني غانتس اتفقا على طرح الاتفاق لتصديق الحكومة والكنيست، وأن هذا الإجراء سيؤجل توقيع الاتفاق إلى ما بعد الانتخابات، ولا سيما في ظل عدم نشر المستشارة القانونية للحكومة موقفها المهني حتى الآن.
وأحال لبنان، أمس الأربعاء، رده على مسودة الاتفاق، على سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا. وصرّح نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بو صعب، المكلّف من رئيس الجمهورية متابعة ملف التفاوض مع الولايات المتحدة حول الموضوع، بأن لبنان لن يتخذ قراراً نهائياً بشأن الاتفاق إلا بعد تلقي رد أميركي على ملاحظاته على مسودة الاتفاق.
وقال مصدر لبناني رفيع لصحيفة لبنانية، أمس الأربعاء، إنه إذا رفضت حكومة لبيد التعديلات اللبنانية ولم توقع الاتفاق، فسيكون ذلك بمثابة "رسالة من إسرائيل بفتح الباب أمام تصعيد لا يمكن احتواؤه، وسيؤدي ذلك إلى انفجار عسكري على جانبي الحدود".