إسرائيل تدرس محاكمة أسرى المقاومة بإجراءات سريعة دون سماع الأدلة بالمحكمة

11 فبراير 2024
سيتيح الاقتراح للمحكمة الحكم بسجن المقاومين إلى أجل غير مسمى (فرانس برس)
+ الخط -

تتخوف إسرائيل من أن يكون للاقتراح تداعيات بمحكمة العدل الدولية

يتيح الاقتراح محاكمة المقاومين بناءً على وثائق مكتوبة دون سماعهم

قد يحصل المقاومون على إمكانية للمثول أمام المحكمة مرة واحدة

تدرس دولة الاحتلال الإسرائيلي، إمكانية التخلي عن المحاكمات الجنائية ضد المئات من عناصر المقاومة في حركة حماس، الذين اعتقلتهم في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عقب عملية "طوفان الأقصى"، وخلال العملية البرية في قطاع غزة، ومحاكمتهم بإجراءات سريعة، مع إبقائهم رهن الاعتقال الإداري "كمقاتلين غير شرعيين"، وفق ما أوردته صحيفة "هآرتس" العبرية اليوم الأحد.

ووفقاً للاقتراح الذي ينظر فيه الاحتلال، سيُعدَّل قانون سجن "المقاتلين غير الشرعيين"، من المنظور الإسرائيلي، بطريقة تسمح بإنشاء محكمة خاصة، مدنية أو عسكرية، تحاكمهم على أساس توثيقات ووثائق مكتوبة، دون سماع الأدلة في المحكمة، كما هو معتاد في القانون الجنائي.

 إلا أن مصادر في وزارة القضاء قالت لـ"هآرتس" إن الخيار المفضّل إجراء محاكمات جنائية ضد عناصر حماس.

وقد وضع اعتقال المقاومين واستجوابهم إسرائيل أمام معضلات كبيرة لم تواجهها في الماضي، أكثرها تعقيداً على الإطلاق كيفية محاكمة مئات المقاومين وتحت أي تهم ينبغي محاكمتهم، وفقاً للصحيفة العبرية.

وسيُتَّخَذ القرار النهائي بالتشاور بين المستوى السياسي وجهات الاستشارة القانونية. ومن المتوقع أن يتأثر ذلك بصفقة إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، التي تجري مناقشتها هذه الأيام، خصوصاً إذا أطلقت إسرائيل سراح أسرى فلسطينيين في إطار الصفقة.

ونُقل في الأونة الأخيرة رأي المدير السابق للقسم الدولي في مكتب المدعي العام الإسرائيلي، المحامي يوفال كابلنسكي، الذي يؤيد إجراءات سريعة ضد المقاومين، مع السماح باحتجازهم "كمقاتلين غير شرعيين"، إلى مكتب المدعي العام، ووزارة القضاء، ولجنة الدستور والقانون البرلمانية في الكنيست الإسرائيلي.

ويسمح قانون "المقاتلين غير الشرعيين"، الذي صدر عام 2002، لإسرائيل، بحسب قوانينها، باحتجاز المقاومين "الذين تصرّفوا بشكل ينتهك قوانين الحرب الدولية لفترات طويلة، دون منحهم حقوق أسرى الحرب أو حقوق المعتقلين في الاعتقال الجنائي العادي".

وبدأت الإجراءات التشريعية للقانون بعد أن قضت المحكمة العليا في إبريل/ نيسان عام 2000، بعدم جواز استمرار إسرائيل في الاعتقال الإداري للأسيرين اللبنانيين مصطفى الديراني وعبد الكريم عبيد، اللذين اختطفتهما دورية تابعة لجيش الاحتلال إلى إسرائيل.

محكمة خاصة للتحقيق مع عناصر "النخبة" في حماس

وبحسب الاقتراح الذي تدرسه دولة الاحتلال، سيُعدَّل قانون سجن "المقاتلين غير الشرعيين"، بشكل يسمح بإنشاء محكمة خاصة، قد تكون عسكرية، لإجراء تحقيق سريع مع عناصر "النخبة" في حماس، بالاعتماد أساساً على وثائق، جمعتها الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك)، المكلّفين التحقيق معهم.

وفي هذا الإطار، ستقرر المحكمة ما إذا كانت ترى ضرورة لاستدعاء بعض الشهود والاستماع إليهم، فيما يحصل المقاومون على إمكانية المثول أمامها مرة واحدة قبل صدور القرار في قضيتهم.

ووفقاً للاقتراح، سيُطلب من المحكمة تحديد ما إذا كانوا "متورطين في جرائم حرب خطيرة يحددها القانون"، بما في ذلك "جريمة حرب تشمل القتل الجماعي". وإذا اقتنعت المحكمة بحدوث "جرائم حرب خطيرة"، من المنظور الإسرائيلي، يمكنها أن تأمر بسجنهم إلى أجل غير مسمى.

وبحسب تقديرات كابلينسكي، التي قُدِّمَت إلى مكتب المدعي العام، يمكن إكمال مثل هذا الإجراء في غضون بضعة أشهر، على عكس الإجراء القانوني الجنائي العادي الذي قد يستمر لسنوات.

ونقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة القضاء الإسرائيلية لم تسمّها، أن "الاقتراح له مزايا مقارنة بالملاحقة الجنائية العادية". ويشرح كابلنسكي بالتفصيل مزايا هذا الإجراء، بما في ذلك حقيقة أنه في القانون الجنائي العادي، يجب أن تتضمن القضية لائحة اتهام مفصّلة ستواجه انتقادات محلية ودولية، كما يمكن أن تظهر صعوبات تتعلق بالأدلة.

وعليه "سيكون من الصعب إثبات وجود عمليات الاغتصاب، بسبب عدم وجود توثيق كافٍ للاعتداءات الجنسية التي وقعت في 7 أكتوبر". ويذكر هنا أنه رغم ترويج إسرائيل لمزاعم وجود عمليات اغتصاب، حدثت في 7 أكتوبر، إلا أنها لم تستطع حتى اليوم تقديم أدلة على ذلك.

وتضيف الصحيفة أن الاقتراح المقدّم قد يساعد في حلّ مسألة التمثيل القانوني، في حين أنّ من الواضح أنه سيكون من الصعب العثور على محامين يوافقون على تمثيل عناصر المقاومة، ومن الممكن ألا يحصل تمثيلهم على الإطلاق.

وبحسب الاقتراح، إن تجنب الإجراءات الجنائية العادية سيخفف العبء عن الشرطة وسلطة السجون والمخاطر الأمنية، بسبب الحاجة إلى نقل مئات المقاومين إلى جلسات استماع عديدة في المحاكم وتأمينهم، وسط احتكاك مع الجمهور ووسائل الاعلام.

كذلك إن إبقاء عناصر المقاومة "كمقاتلين غير شرعيين قد يوفّر أيضًا على الضحايا الصعوبة والمعاناة الكبيرتين المتمثلتين بالاضطرار إلى الإدلاء بشهادتهم في المحكمة ومواجهة الاستجوابات الصعبة".

وإلى جانب الفكرة التي تُبحَث، أجرت وزارة القضاء ومكتب المدعي العام الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، مناقشات أظهرت حاجة إلى إنشاء قسم مخصص يضم عشرات المحامين لإدارة القضايا الجنائية ضد عناصر حماس وتحديد معايير مخصصة لهذا الغرض.

وحتى في هذه الحالة، تضيف الصحيفة: "فإن مسار المقاتلين غير الشرعيين سيجعل من الممكن تجنب الإجراءات الجنائية العادية وتخفيف الكثير من القوى العاملة والموارد". وعلى الرغم من ذلك، تفضّل وزارة القضاء إجراء محاكمات جنائية، تشمل شهادات الضحايا.

تخوفات من الانتقادات العالمية

وتابعت الصحيفة بأن أحد سلبيات اقتراح كابلينسكي، أنه قد يثير انتقادات في إسرائيل وفي مختلف أنحاء العالم، بسبب حقيقة أن إسرائيل تسجن المقاومين دون إجراء عملية قانونية سليمة ومقبولة للتأكد من أنهم مذنبون.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الاقتراح لا يتوافق مع مصلحة إسرائيل، في الحفاظ على إجراءات قانونية سليمة، حيث تزعم إسرائيل أنها دولة قانون ديمقراطية تتخذ إجراءات عادلة ضد كل متهم، في حين أن هذا التوجه يتناقض مع مزاعمها.

 كذلك قد يكون لاختيار هذا الاقتراح تداعيات سلبية ضد اسرائيل في المحاكمة الجارية ضدها في محكمة العدل الدولية في لاهاي واتهام جنوب أفريقيا لها بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.

وهناك اعتبار آخر مهم بالنسبة إلى إسرائيل، في تقديم عناصر المقاومة إلى محاكمة جنائية بحضور الشهود ووجود أدلة، "وهو رغبة إسرائيل في الكشف للعالم عن الجرائم التي ارتكبت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وعقد جلسة استماع علنية لشهادات الضحايا"، وفق ما ذكرته الصحيفة، معتبرة أنّ من شأن هذا الأمر "تعزيز الشرعية الدولية التي ستسمح لإسرائيل بمواصلة الحرب وإعادة المختطفين، في حين أن اختيار المسار السريع سيمنع، أو على الأقل يقلل، من سماع هذه الشهادات".

المساهمون