"يديعوت أحرونوت": إسرائيل أصرّت على الوساطة الأميركية في ملف ترسيم الحدود مع لبنان

02 أكتوبر 2020
لبنان في وضع تفاوضي غير جيد (Getty)
+ الخط -

كشف محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان، اليوم الجمعة، أن الاحتلال الإسرائيلي رفض في السابق تحكيما دوليا بشأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، بعدما رأت تل أبيب أن ذلك سيجعلها تخسر عبر مؤسسات الأمم المتحدة مساحة أكبر من "البلوك 9" للغاز في البحر الأبيض المتوسط، وبحثت عوضاً عن ذلك عن تسوية بوساطة أميركية.
ويأتي ذلك بعدما أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، أمس، أنه بعد اكتشاف الغاز: "طالبت عام 2010 الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون بترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط الأزرق، وإثر تمنّعها، وطلبها مساعدة الولايات المتحدة، بادرت شخصياً لطلب المساعدة".
وأضاف: "تناوب على الملف، من الجانب الأميركي، 3 سفراء أميركيين، منذ عام 2011 إلى عام 2019، وأخيراً مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر عام 2020"، مشيراً إلى أنّ "زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عام 2019 للبنان ولقاءنا أعادا الملف إلى طاولة البحث بعدما تعطّل لفترة طويلة".
وبخصوص ذلك، لفت فيشمان إلى أن الجانب اللبناني طالب بتحكيم دولي يكون فيه الأميركيون مجرد مراقبين، مضيفاً أن لبنان طالب بربط ترسيم الحدود البحرية مع تعديل خط الحدود البرية الحالي، غير المقبول لدى حكومة لبنان وبالأساس لدى "حزب الله".
وأشار فيشمان إلى أن مساحة البلوك 9 تمتد على 850 كيلومترا مربعا، وأن دولة الاحتلال كانت مستعدة عام 2012 لنقل نصف المساحة للبنان، لكن اللبنانيين، وعمليا "حزب الله"، رفضوا ذلك.
وفيما أشار بري، أمس، إلى أنه تمنّى على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عندما زار لبنان، أن يتحدّث مع شركة "توتال" الفرنسية للنفط ويطلب منها ألا تتأخر دقيقة واحدة، حيث إن هذا التفاهم يساعد على البدء، فهي بعيدة 25 كيلومترا عن الحد الذي تزعمه إسرائيل، مشدداً على أن "حقنا سنأخذه، ولا نريد أكثر منه"، كشف فيشمان أن دولة الاحتلال كانت هي من عرقل الاتفاقيات التي أبرمها لبنان مع شركات تنقيب إيطالية وفرنسية وروسية، إذ "أوضحت دولة الاحتلال لهذه الدول أنه لا فائدة من بدء أعمال التنقيب، مما أدى إلى تراجع هذه الشركات".
وبحسب فيشمان، فإن "تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان عام 2019 تحت حكومة سعد الحريري السابقة أعاد طرح الموضوع على جدول الأعمال". وقال إن "حزب الله" الذي وجد في أرباح الغاز المتوقعة حلا للضائقة الاقتصادية في لبنان تراجع للمرة الأولى عن موقفه السابق، وأعطى الضوء الأخضر للحكومة اللبنانية لإدارة مفاوضات مع إسرائيل، عبر قيامه بالفصل بين ترسيم الحدود المائية وبين مسألة الحدود البرية.
وهو ما شكل بالنسبة لإسرائيل إنجازا، وفق فيشمان، خصوصا أن الوسيط هو الولايات المتحدة بحضور الأمم المتحدة وليس العكس، مشيراً إلى أنه منذ ذلك الوقت استمرت الاتصالات لبدء محادثات.
ولفت فيشمان إلى أن الغاز المحتمل وجوده في المياه الاقتصادية للبنان هو عمليا "المورد الوحيد الذي يمكن للبنان اليوم طرحه كضمان مقابل تلقي مساعدات من العالم. وبالنسبة لإسرائيل، فإن هذه فرصة جيدة لتحقيق تسوية سعت إليها منذ عقد".
وبحسبه، فإن لمثل هذا الاتفاق تداعيات استراتيجية محتملة على المدى البعيد، ومن شأنه أن يخلق تعاونا إقليميا لتصدير الغاز لأوروبا، عدا عن أن المنطق يقول إنه إذا جرت مفاوضات مهمة لهذه الدرجة للبنان، فإن "حزب الله" سيحافظ على الهدوء عند الحدود على الأقل على المدى القصير.

من جهتها، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم أن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينتس، الذي سيقود الوفد الإسرائيلي في المفاوضات في الناقورة (أقصى جنوب غربي لبنان)، لفت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تجرى فيها مفاوضات مدنية سياسية مع لبنان منذ 30 عاما، في ختام عامين من الاتصالات غير المباشرة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي تقديره أن فرص نجاح المفاوضات هي 50%، مضيفا أنه "إذا شاء اللبنانيون سنصل إلى اتفاق. نريد أن نجعل هذا الخلاف ورائنا، وبضعة مئات من الأمتار لهنا أو لهناك لن تمنعنا من التوصل إلى اتفاق. يبدو أن حزب الله موافق لكن من المهم أن نعرف أن المفاوضات يمكنها أيضا أن تتفجر".

المساهمون