إدانات دولية لوضع مصر رامي شعث وزياد العليمي على قوائم الإرهاب

13 فبراير 2021
الأمم المتحدة تطالب بالإفراج الفوري عن الناشطين (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

أدانت الأمم المتحدة استخدام حكومة مصر "السيّئ" لقوانين مكافحة الإرهاب في قمع المعارضين السلميين ونشطاء حقوق الإنسان، وطالبتها في بيان رسمي، يوم الأربعاء، بالإفراج الفوري عن الناشطَين البارزَين رامي شعث وزياد العليمي ورفع اسميهما من قوائم الإرهاب.

وندد البيان بتعسف الحكومة المصرية في استخدامها لتلك القوانين، معبّراً عن القلق البالغ إزاء التأثيرات السلبية على حياة شعث والعليمي وغيرهم من النشطاء وعلى حياة أسرهم.

وأعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء إدراج شعث والعليمي على قوائم الإرهاب، وقالوا إنهم "قلقون بشدة بشأن التأثيرات السلبية على حقوق رامي شعث وزياد العليمي والمترتبة عن إدراجهما بقائمة الأشخاص والكيانات الإرهابية العام الماضي".

وتتضمن تلك التأثيرات حرمانهم "الحق في الإجراءات النزيهة وحرية التجمع وتشكيل الجمعيات، بالإضافة إلى الأثر السلبي على حياتهما الأسرية وحقهما في العمل والمشاركة في الشؤون العامة".

ورامي شعث نجل وزير الخارجية الفلسطيني، نبيل شَعث، الذي عمل أيضاً نائباً لرئيس الوزراء. واعتُقِل رامي شعث فجر الخامس من يوليو/ تموز 2019، من منزله في القاهرة بعد أن اقتحمه عدد كبير من رجال الأمن المدججين بالسلاح وفتشوا مقر إقامته دون تقديم أي وثيقة قانونية تسمح لهم بذلك.

أما العليمي، فهو نائب سابق بالبرلمان، في أثناء فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، إذ خاض انتخابات مجلس الشعب 2011-2012، واشتهر في البرلمان بمعارضته وصداماته مع نواب الإخوان، وشارك أيضاً في تأسيس الحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي".

وشارك العليمي في تأسيس "ائتلاف شباب الثورة" بعد ثورة 25 يناير مباشرة، وشغل منصب المتحدث الرسمي باسمه، وكان عضواً في الحملة الانتخابية لمحمد البرادعي، قبل قراره الانسحاب من الانتخابات الرئاسية في 2012.

وكانت محكمة مصرية قد أجّلت قرارها بالنطق بحكمها المتعلق بطعن شعث والعليمي على القرار "الجائر وغير الدستوري" بإدراجهما بقائمة "الكيانات والأشخاص الإرهابية" إلى يوم 10 مارس/ آذار المقبل عقب استماعها إلى مرافعة محامي شعث والعليمي المدعومة بالأدلة. 
وحسب المحامي الحقوقي المصري، خالد علي، الذي يترافع في القضية، فإن قانون الكيانات الإرهابية يتيح للنيابة أن تقدم طلب للمحكمة لإدراج المواطنين على تلك القوائم، ويكون للمحكمة الموافقة على طلب النيابة أو رفضه، دون أن تستمع إلى المتهم أو دفاعه، ودون أن تواجهه بطلب النيابة ومستنداتها حتى يتمكن من الرد عليها، والذي لا يعلم تقريباً بقرار المحكمة إلا من خلال النشر بالجريدة الرسمية. وأوضح علي أنه لا يكون أمام المحامين إلا الطعن بنقض ذلك القرار.

يشار إلى أن قانون "تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين"، صدر في ظروف تختلف عن إصدار أي قانون آخر، حيث أصدره الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في غيبة البرلمان، بما يملكه من سلطة إصدار القوانين. وعُرض القانون على مجلس الدولة، الذي وافق عليه إعمالاً لما توجبه المادة 190 من الدستور، وذلك في 17 فبراير/ شباط 2015، وبدأ العمل به في اليوم التالي، ليطبق على الكيانات والأفراد أيضاً. 

وفي 3 مارس/ آذار 2020، صدر القانون رقم 14 لسنة 2020، لتعديل "قانون الكيانات الإرهابية"، وهمت التعديلات المادة 7 الخاصة بآثار الإدراج حيث حذفت جملة "متى كانت الأموال مستخدمة في ممارسة الإرهاب"، وهي الجملة التي اعتادت محكمة النقض استخدامها لإلغاء أحكام إدراج متهمين على قوائم الإرهاب وتجميد أموالهم، ليصبح الأمر غير مرتبط بممارسة نشاط إرهابي.

وأضاف التعديل آثاراً جديدة تترتب على الإدراج على قوائم الإرهاب، مثل تجميد الأموال أو الأصول المملوكة للشخص بشكل كامل أو غير كامل، وحظر ممارسته أنشطة أهلية أو جمع الأموال أو التبرعات له، وحتى وقف عضويته في النقابات أو الشركات والجمعيات شبه الحكومية، وحتى الأندية والاتحادات الرياضية، كما يضيف التعديل المنع من تحويل أو تلقي أي أموال. 

ووفقاً للمذكرة الإيضاحية للقانون وأعماله التحضيرية، فإن الهدف من إصداره توصيف الكيانات الإرهابية والإرهابي وتمويل الأعمال الإرهابية، بقصد تجفيف منابع الإرهاب، وهو ما يعني أن هذا القانون ليس قانوناً عقابياً، حيث إنه لا يحدد أنماطاً من السلوك ويمنعها ويقرر عقوبة على من يرتكبها، لكن القانون يكتفي فقط بتقرير تدابير احترازية انتظاراً للحكم الجنائي النهائي الذي قد يصدر بالإدانة، ما يؤيد وصف الكيان أو الفرد بالإرهاب، أو يصدر الحكم بالبراءة، ما يزيل هذا التوصيف، وبالتالي زوال جميع الآثار المترتبة عنه.

ومع ذلك، تحول الإدراج على قوائم الإرهاب، من إجراء احترازي مؤقت، إلى عقوبة ممتدة لا يوجد ميعاد حقيقي واضح لإسقاطها على عدد من المعارضين السياسيين والمشتغلين بالمجال العام، وذلك جنباً إلى جنب مع تمديد فترات الحبس الاحتياطي، بما يزيد على العامين، في ما يعرف بـ"التدوير"، وهو قيام الأجهزة الأمنية والنيابة العامة باتهام المحبوسين احتياطياً في قضايا جديدة، تجعل من حبسهم، حبساً لما لا نهاية، ودون صدور حكم قضائي يدينهم بمخالفة القانون.

المفارقة تكمن في أن القانون رغم تعريفه الكيانات الإرهابية والإرهابيين، إلا أنه لم يضع تعريفاً للإرهاب نفسه، إذ إن تعريف الإرهاب ما زال أمراً ملتبساً على الصعيد الدولي، الأمر الذي سمح في حالة القانون المصري الذي أضفى صفة الإرهاب على قائمة تطول يوماً بعد يوم لتشمل عدداً أكبر من الجرائم والأفعال.

المساهمون