رفضت الحكومة الإثيوبية الدعوات لإجراء تحقيقات مستقلة في الصراع الدامي في منطقة تيغراي، وأكدت أنها "لا تحتاج إلى جليسة أطفال" في المنطقة.
ويأتي الإعلان وسط دعوات دولية لمزيد من الشفافية في الصراع الدائر منذ نحو شهر بين القوات الإثيوبية والقوات الموالية لحكومة إقليم تيغراي الهاربة، والذي يُعتقد أنه أدى إلى مقتل الآلاف، بينهم مدنيون، إذ تم توثيق مذبحة واسعة النطاق على الأقل، في الوقت الذي يخشى فيه البعض من حدوث مذابح أخرى.
وقال مسؤول لجنة الطوارئ الإثيوبية رضوان حسين، للصحافيين، مساء أمس الثلاثاء، إن إثيوبيا ستدعو الآخرين للمساعدة فقط إذا شعرت أنها "فشلت في التحقيق"، مشيراً إلى أن افتراض عدم قدرة الحكومة على إجراء مثل هذه التحقيقات "يقلل من شأن الحكومة".
وتزايدت حالة الإحباط مع استمرار عزلة منطقة تيغراي إلى حد كبير عن العالم الخارجي، إذ تشتد حاجة السكان البالغ عددهم 6 ملايين نسمة إلى الغذاء والأدوية، ويعتقد الآن أن نحو مليون شخص منهم قد نزحوا من الإقليم. وأدى غياب الشفافية، نظرًا لانقطاع الاتصالات وتوقف خطوط النقل، إلى تعقيد الجهود المبذولة للتحقق من مزاعم الجانبين المتحاربين.
كما يضر بالجهود المبذولة لإدراك حجم الفظائع التي ارتكبت منذ إعلان رئيس الوزراء آبي أحمد، في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدء القتال مع جبهة تحرير تيغراي، التي هيمنت على الحكومة والجيش الإثيوبيين لما يقرب من ثلاثة عقود قبل وصوله إلى السلطة وتهميشها.
وتتبادل كلا الحكومتين الاتهامات بعدم الشرعية، حيث تعترض الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على تأجيل الانتخابات التشريعية حتى العام المقبل بسبب جائحة كورونا وترى أن ولاية آبي انتهت.
ورفضت حكومة إثيوبيا ما وصفته "بالتدخل الخارجي"، بدءا من جهود الحوار إلى إيصال المساعدات، مستفيدة من تاريخها كدولة أفريقية نادرة لم تُستعمر مطلقا، وهو ما يشكل مصدر فخر وطني كبير.
وعبرت الحكومة عن رغبتها في إدارة توزيع المساعدات، وأعلنت، أمس الثلاثاء، إطلاق قواتها النار على موظفي الأمم المتحدة واحتجازهم، لاقتحامهم نقاط التفتيش أثناء محاولتهم الوصول إلى مناطق "لم يكن من المفترض أن يذهبوا إليها".
وقال رضوان إن إطلاق نار متقطع لا يزال يُسمع في تيغراي، وإن المساعدات الإنسانية يجب أن ترافقها قوات الدفاع.
وقالت الأمم المتحدة، التي شعرت بالقلق، إنها "تنخرط في اتصالات على أعلى مستوى مع الحكومة الاتحادية للتعبير عن مخاوفنا" بعد أكثر من أسبوع من توقيعها والحكومة على اتفاق للسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
وأبلغت مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه، الأربعاء، الصحافيين أن الوضع في إثيوبيا "مضطرب ومقلق بشكل كبير" مع استمرار القتال في مناطق محيطة بعاصمة تيغراي، ميكيلي، وبلدتي شيرارو وأكسوم "بالرغم من مزاعم الحكومة المعاكسة".
وقالت "وصلتنا معلومات عن انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان وإساءات تتضمن الهجمات العشوائية على مدنيين ونهب أغراض مدنية، وجرائم خطف وعنف جنسي ضد نساء وفتيات. هناك أنباء عن تجنيد قسري لشباب تيغراي للقتال ضد مجتمعاتهم نفسها".
وأضافت أن هناك "عقبة رئيسية هي الاتصال في الإقليم والذي مازال محدودا، ولم نتمكن من الوصول للمناطق الأكثر تضررا، لذا لا نستطيع التأكد بالكامل من مصداقية هذه المزاعم". ويسمح الاتفاق، بشكل حاسم، بوصول المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الاتحادية فقط.
وفي حين تقول الحكومة الإثيوبية إن القتال توقف، أكد زعماء جبهة تحرير شعب تيغراي الهاربين أن الصراع مستمر.
ومع تزايد المزاعم بوقوع مذابح وهجمات على مخيمات اللاجئين داخل تيغراي، لم يرد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على سؤال حول ما إذا كان قد بدأ التحقيق في جرائم حرب محتملة. في الوقت نفسه، فإن الحاجة إلى المساعدة أصبحت ضرورية.
و قال المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر روبرت مارديني، للصحافيين، أمس الثلاثاء، إن ميكيلي، عاصمة إقليم تيغراي، المدينة التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة، تعيش اليوم بشكل أساسي بدون رعاية طبية. وأضاف أن إمدادات مستشفى أيدر ريفيرال بالمدينة نفدت، بما في ذلك الوقود اللازم لمولدات الكهرباء.
وقال مارديني إن "الأطباء والممرضات أُجبروا على اتخاذ قرارات مروعة بشأن الحياة والموت، فقد علقوا خدمات العناية المركزة وهم يكافحون حقاً لرعاية حالات مثل ولادة الأطفال أو توفير علاج غسيل الكلى"، موضحاً أن قافلة مشتركة للجنة الدولية والصليب الأحمر الإثيوبي تحمل إمدادات لمئات الجرحى جاهزة للتوجه إلى ميكيلي بانتظار الموافقة، وستكون أول قافلة دولية تصل المدينة منذ بدء القتال.
وقال مارديني إنه بينما لا يزال خطر انعدام الأمن قائماً في عاصمة تيغراي، لا يوجد قتال نشط. وبشكل عام، قال إن "المواطنين في تيغراي فقدوا الخدمات على مدى شهر تقريبا، وأنه ليست لديهم اتصالات هاتفية ولا إنترنت ولا كهرباء ولا وقود، والنقد ينفد. وهذا بالطبع يزيد من حدة التوتر".
(أسوشييتد برس)