إبعاد الحشد الشعبي عن الشريط الأمني بين نينوى وأربيل لمنع الهجمات

08 أكتوبر 2020
تتخذ قوات "التحالف" من المطار مقراً لها (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

من المقرر أن تبحث لجنةٌ أمنية من مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، مع مسؤولين عراقيين في قيادة العمليات المشتركة بالعاصمة بغداد، يوم السبت المقبل، ما تمّ التوافق عليه شفهياً بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما بعد ساعات من الهجوم الصاروخي الذي استهدف مطار أربيل الدولي، يوم الأربعاء الماضي، حيث يقع معسكر لقوات "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة. وتؤكد مصادر عراقية رفيعة في بغداد وأخرى في أربيل، لـ"العربي الجديد"، أن هناك تفاهماً مبدئياً بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم على توسيع الشريط الأمني الفاصل بين محافظتي نينوى وأربيل، من خلال إعادة نشر القوات العراقية وإبعاد عناصر "الحشد الشعبي" من تلك المنطقة بشكل كامل، وإيجاد صيغة تُسرّع اتفاق مراكز التنسيق المشترك بين الجانبين لإدارة ملف المناطق المتنازع عليها. 

أظهرت نتائج التحقيق في الهجوم وجود 7 مشتبه بهم من لواء "حشد الشبك" التابع لـ"الحشد الشعبي"

وعلمت "العربي الجديد"، نقلاً عن ضابط بارز في قيادة العمليات المشتركة، أن نتائج التحقيق في الهجوم الصاروخي الذي استهدف مطار أربيل الأربعاء الماضي، بواسطة 6 صواريخ "كاتيوشا" من قرية شيخ أمير، على أطراف بلدة برطلة ضمن سهل نينوى المحاذي لمحافظة أربيل، أثبتت وجود 7 مشتبه بهم من عناصر لواء "حشد الشبك". كما أظهرت التحقيقات وجود مؤشرات إلى أن وعد القدو، زعيم المليشيا الذي تمت إقالته الأسبوع الماضي من قبل رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفياض، متورط بشكل مباشر في الاعتداء، وأنه ما زال فعلياً يدير عناصر الفصيل المسلح، وأن قرار إقالته كان مجرد إجراءٍ شكلي من دون أي أثر فعلي على أرض الواقع. وأكد المصدر أن تحقيقاً يجري مع القدو، علماً أن اثنين أيضاً من بين السبعة المشتبه بهم، هما من أقربائه. 

ووفقاً للمسؤول العراقي، فإن جميع المشتبه في تورطهم بالاعتداء متوارون عن الأنظار منذ ليلة الهجوم، باستثناء القدو الذي يحظى بدعم كبير من قيادات وزعامات مليشيات "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"العصائب"، لمنع أي إجراء يتخذ بحقه ضمن التحقيق. واعتبر المصدر أن أخطر ما في الهجوم هو مدى الصواريخ التي استخدمت فيه، وهي من نوع "غراد"، طراز "بي أم 21" المعدلة محلياً، والتي يصل مداها إلى نحو 50 كيلومتراً، ما يعني أن هناك إمكانية لتكرار الهجوم على مواقع أخرى يفترض أنها محصنة، مثل قاعدة عين الأسد، غرب الأنبار، و"حرير"، شمال أربيل. وبحسب المصدر، يهدف التحقيق لمعرفة مصدر الصواريخ وتفتيش مستودعات الفصائل الموجودة في المنطقة، موضحاً أن رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض، أبدى تعاوناً كبيراً في هذا المجال. ولفت إلى أن الاعتقاد السائد حالياً هو أن العملية لم تنفذ بشكل ذاتي، بل إن عناصر "الحشد" كانوا مجرد منفذين (لأوامر صدرت من جهات معينة).
وكانت وزارة الداخلية في إقليم كردستان العراق قد وجهت اتهامات غير مباشرة لمليشيا "حشد الشبك"، في بيان قالت فيه إن المعلومات المتوفرة لديها عن هجوم أربيل الصاروخي هي أن الصواريخ انطلقت من شاحنة داخل حدود سيطرة "اللواء 30" في الحشد الشعبي". و"اللواء 30" هو "حشد الشبك"، الذي ينتشر في مناطق مختلفة من سهل نينوى. وتوعد البيان بالرد على أي اعتداء، مطالباً بغداد بـ"اتخاذ التدابير اللازمة". 
في المقابل، كشف العضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل كريم عقراوي، لـ"العربي الجديد"، عمّا وصفه بتفهم حكومة الكاظمي لمطلب أن تتمركز القوات النظامية فقط على حدود الإقليم، وإبعاد الفصائل المسلحة ضمن "الحشد" عن حدود محافظة أربيل. وقال عقراوي إن "الإقليم يجد في إبعاد الفصائل عن حدوده مسألة بالغة الأهمية"، معتبراً أن "هجمات الصواريخ من الممكن أن تتكرر". ولفت إلى أن أربيل "بانتظار إبعاد الفصائل غير المنضبطة عن حدود الإقليم، والإعلان عن نتائج التحقيق"، مؤكداً دعم "التحالف الدولي" لهذه المطالب. 

يصل مدى الصواريخ التي استخدمت إلى  50 كيلومتراً، ما يعني إمكانية تكرار الهجوم على مواقع أخرى

في الأثناء، تحدثت تحدث مصادر كردية أخرى لـ"العربي الجديد"، عن إبعاد الفصائل لمسافة تصل إلى 7 كيلومترات من الشريط الفاصل بين حدود الإقليم الإدارية ومحافظة نينوى، على اعتبار أنها أكثر المحافظات قرباً من أربيل ودهوك. وبحسب المصادر، فإن تلك المناطق سيتولى تأمينها الجيش العراقي، بالتنسيق مع قوات البشمركة الكردية، وقد تبدأ الإجراءات الفعلية لهذا التفاهم خلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين. 
وكان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، قد أكد، أول من أمس الثلاثاء، أن حكومة الإقليم "لن تسكت على تهديد أمنها". وقال زيباري في تصريح متلفز، إن "الإقليم لديه معلومات كاملة عن الصواريخ التي استهدفت أربيل، والتي انطلقت من مناطق خاضعة لسيطرة لواء 30 في الحشد، الذي يقوده وعد القدو، الذي لا يزال يمارس عمله على الرغم من صدور قرار حكومي بإعفائه من منصبه". وأكد أن "حكومة الإقليم لن تسكت على تهديد أمن أربيل، وستكون عواقب تلك الهجمات وخيمة"، مشدداً على "اتخاذ كافة الإجراءات الرادعة لمنع أي اعتداء جديد". 
وتعليقاً على ذلك، رأى الخبير الأمني في إقليم كردستان، العنصر السابق في البشمركة علي بابا الشيخ، أن الهجوم الصاروخي وضع ملفاً جديداً في دائرة الحوار بين بغداد وأربيل، إذ تجد الأخيرة نفسها مهددة في أمنها من قبل الفصائل المقربة من إيران. واعتبر الشيخ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تكرار الهجوم قد يحفز "التحالف الدولي" على اتخاذه حجّة لتوجيه ضربات جديدة تستهدف مواقع ومقرات المليشيات، فأربيل تحمل بعداً استراتيجياً لقوات "التحالف" عموماً. ورأى الخبير الأمني أن الحكومة العراقية "تحاول اليوم، ومن خلال هيئة الحشد الشعبي، إبعاد الفصائل غير الثقة عن حدود الإقليم من دون إحداث مشاكل".

المساهمون