كشف موقع "أكسيوس" عن بعض الأدوار التي يلعبها جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" في تطوير العلاقات مع تشاد، ويأتي ذلك تزامناً مع زيارة الرئيس التشادي المؤقت محمد إدريس ديبي للأراضي المحتلة، وإعلانه افتتاح سفارة لبلاده في تل أبيب.
ما أهمية الإعلان؟
يذهب تقرير لموقع "أكسيوس" الأميركي، نُشر أمس الأربعاء، أنه بعد سبعة وأربعين عاماً من قطع تشاد، الدولة ذات الأغلبية المسلمة، العلاقات مع إسرائيل، أعاد البلدان في يناير 2019 العلاقات الدبلوماسية. لكن بعد مقتل الرئيس السابق إدريس ديبي إيتنو، والد الزعيم الحالي الذي حكم البلاد لمدة 30 عاماً، في إبريل/ نيسان 2021، تراجعت العلاقات مع إسرائيل.
ويرجع ذلك في حدّ كبير إلى أنّ محمد إدريس ديبي اتخذ نهجاً أكثر حرصاً في عملية التطبيع، كما يقول المسؤولون الإسرائيليون، وأنه عندما أصبح زعيماً جديداً لتشاد، نظر إلى العلاقات مع إسرائيل على أنها عبء أكثر من كونها مصدر قوة.
أي دور للموساد؟
أضاف الموقع أنه خلف الكواليس، نُظّمت زيارة ديبي لإسرائيل هذا الأسبوع من قبل الموساد، الذي أخذ زمام المبادرة في التعامل مع العلاقة الدقيقة والحديثة لمنعها من الانهيار، وفق مسؤولين إسرائيليين، وهو ما أكده لاحقاً بيان للموساد.
وشمل ذلك إحضار شقيق الرئيس الحالي وذراعه اليمنى، عبد الكريم إدريس ديبي، إلى القدس في زيارة سرية في عام 2021، وفقاً لثلاثة مسؤولين إسرائيليين.
خلال العام الماضي، كان للموساد علاقة مستمرة مع الشقيقين. وتمكنوا من إنعاش العلاقات.
في أول إشارة علنية إلى تحسن العلاقات مرة أخرى، قدم دبلوماسي إسرائيلي أوراق اعتماده إلى ديبي في مايو/ أيار الماضي.
بعد أداء الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين، دعا مدير الموساد ديفيد بارنيا ديبي لزيارة إسرائيل، ولقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقبل أسبوعين، سافر بارنيا سراً إلى نجامينا للقاء ديبي وشقيقه، لوضع اللمسات الأخيرة لموعد الزيارة.
لماذا بقيت الزيارة سرية؟
بحسب مسؤولين إسرائيليين، ظلّت الزيارة سرّية إلى أن وصل ديبي إلى إسرائيل هذا الأسبوع، بسبب مخاوف من أن دولاً مثل الجزائر ستضغط على ديبي كي لا يذهب.
التالي: يأمل المسؤولون الإسرائيليون أن يبعث الزخم المتجدد مع تشاد رسالة إلى دول عربية وإسلامية أخرى في المنطقة مثل النيجر والسودان لتجديد الجهود لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل.
ما أهمية العلاقات مع تشاد بالنسبة إلى إسرائيل؟
ونقل الموقع عن بارنيا قوله، في بيان: "آمل جداً أن يستلهم هذا الاتفاق المهم (بين تشاد وإسرائيل) زعماء إضافيين في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأن يعززوا علاقاتهم بإسرائيل". وأضاف أن الموساد سيواصل اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتعزيز العلاقات مع كل دولة، وتوظيف كل العناصر الممكنة لتحقيق السلام معها، الأمر الذي يحقق المصلحة الإسرائيلية.
وختم تقرير أوكزيوس، مذكراً بأن المسؤولين الإسرائيليين رأوا في إعادة العلاقات مع تشاد خطوة أولية خلقت الأجواء التي أدت إلى اتفاقيات أبراهام، التي فتحت الطريق للتطبيع بين إسرائيل وعدة دول عربية، بعد 18 شهراً.
ماذا طلبت إسرائيل من تشاد؟
بحسب بيان لمكتب وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، أثار الوزير، خلال لقائه ديبي، مخاوف المسؤولين الإسرائيليين من نفوذ إيران و"حزب الله" في منطقة الساحل في أفريقيا، وأنه شدد على أهمية بذل تشاد جهوداً في تضييق الخناق على إيران و"حزب الله" في الساحل، لضمان الاستقرار وإحباط تصدير الإرهاب.
ولطالما كان النفوذ الإيراني في الساحل محل نزاع كبير، إذ قطع المغرب العلاقات مع إيران في 2018 بعد أن اتهمها بالعمل بالتعاون مع "حزب الله" اللبناني على تدريب وتسليح عناصر من جبهة "البوليساريو"، محذراً من التغلغل الإيراني في منطقة الساحل من خلال البوابة الجزائرية.
ونفت الجزائر وجبهة "البوليساريو" الاتهامات، فيما يقول محللون إنه لا يوجد أي دليل على مثل هذا النشاط الإيراني في الساحل.
سفارة تشادية في إسرائيل
ودشّن محمد إدريس ديبي، الذي يزور إسرائيل، سفارة بلاده في تل أبيب، في حفل شارك فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال نتنياهو في تغريدة على "تويتر": "افتتحت اليوم سفارة تشاد في إسرائيل مع الرئيس التشادي محمد ديبي"، معتبراً أنّها "لحظة تاريخية نضجت بعد سنوات من الاتصالات". وأضاف نتنياهو: "معاً سنرتقي بعلاقاتنا إلى آفاق جديدة".
بالمقابل، قال مسؤول إسرائيلي إنه لا توجد خطة لفتح سفارة إسرائيلية في نجامينا، وإن الاتصالات مع تشاد تُجرى من السفارة الإسرائيلية في السنغال.
وكان رئيس تشاد قد وصل إلى إسرائيل الأربعاء، والتقى نتنياهو والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ورئيس جهاز "الموساد" ديفيد برنيع، ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت.