تواجه المنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرة النظام السوري ضغوطاً مختلفة من جانب الأجهزة الأمنية التابعة للنظام بهدف إجبارها على العمل وفق رغبات تلك الأجهزة، تحت التهديد بمضايقتها أو وقف أعمالها.
وذكرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" أن أجهزة النظام أوقفت عدداً من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن العمل وأجبرت الوكالة على فصلهم بحجة أنهم يشكلون خطراً على الأمن.
وأضافت المجموعة، نقلاً عن مصادر خاصة تحفظت على ذكر اسمها، أن الأجهزة الأمنية أوقفت خلال شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول الماضيين ثلاثة موظفين تابعين للأونروا بدمشق، واثنين في المنطقة الشمالية، وموظفاً واحداً بالمنطقة الوسطى.
وأشارت الى أنه بعد المتابعة والتدقيق تبين أن فصل الموظفين كان لأسباب أمنية بحتة، على خلفية انتماء أحد ذويهم لأطراف معارضة للنظام.
واشتكى عدد من اللاجئين الفلسطينيين في سورية من الوساطات والمحسوبيات في عملية قبول الموظفين في وكالة الغوث، وتسلط وهيمنة الأجهزة الأمنية عليها، مشيرين إلى أن الوظائف فيها أصبحت حكراً على المتنفذين وعلى بعض الأسر، "فيما لوحظ في الآونة الأخيرة قيام الوكالة بتوظيف أشخاص ليسوا فلسطينيين ومن طوائف معروفة في سورية لديها نفوذ داخل أجهزة أمن النظام وخاصة فرع فلسطين الذي أصبح يعين موظفين أكثر من المدير العام للأونروا".
وكانت مصادر عدة أكدت في أوقات سابقة ان أجهزة النظام الأمنية باتت تسيطر إلى حد بعيد على مجمل أنشطة وكالة "أونروا" في سورية، وتدفع لجعل عناصرها هم المستفيد الأول من خدمات الوكالة الدولية، بدل اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك الاستحواذ على القروض والمنح التي تقدمها الوكالة للاجئين.
ووفق التقرير السنوي الصادر عن الوكالة الأممية عام 2017، بلغ عدد المستفيدين من برنامج الإقراض الصغير في سورية 11094 شخصاً، لكن عدد اللاجئين الفلسطينيين المستفيدين من هذه القروض هم 288 لاجئاً شكلوا نسبة 2.5 في المائة من إجمالي عدد المستفيدين الكلي لذلك العام. وبلغ مجموع قيمة القروض المصروفة 2.7 مليون دولار، وكان نصيب اللاجئين الفلسطينيين من هذه القروض نحو 79 ألف دولار أميركي فقط.
وأوضح أبو مصطفى القاعود، الموظف السابق في وكالة "أونروا" في سورية، أن برنامج الإقراض رغم وقوعه تحت مظلة وكالة تعنى باللاجئين، لكنه يقدم الخدمة أيضاً للمواطنين السوريين والذين يشكلون الشريحة العظمى من المقترضين، لافتاً إلى أن ذلك كان شرطاً أساسياً وضعه النظام السوري للسماح بعمل الأونروا في سورية.
وأضاف أبو قاعود لـ"العربي الجديد" أن المشكلة ليست في منح قروض للمواطنين السوريين المعوزين كحال اللاجئين الفلسطينيين، لكن اللافت أن معظم المستفيدين هم من عناصر الأجهزة الأمنية للنظام، والذين كثيراً ما يمتنعون عن تسديد القروض، ويهددون موظفي الوكالة المحليين بالاعتقال والسجن في حال جرت مطالبتهم بالسداد.
وتعرضت معظم منشآت وكالة (أونروا) للتدمير أو الضرر نتيجة الأعمال العسكرية في أماكن وجودها، خاصة خلال قصف قوات النظام السوري المكثف لمخيم اليرموك منتصف عام 2018 بحجة محاربة تنظيم "داعش" في المنطقة.
وتقول الوكالة إن 23 منشأة تضم 16 مدرسة في مخيم اليرموك تحتاج جميعها اليوم إلى إصلاحات كبيرة، إذ يحتاج 75 في المائة من هذه الأبنية إلى إعادة بناء بالكامل، فضلاً عن أن مراكز الوكالة الصحية الثلاثة في المخيم قد دمرت بالكامل. وفي مخيم درعا، دمرت جميع مباني الوكالة باستثناء مركز التوزيع فيما تحتاج ست منشآت أخرى، بما فيها ثلاثة مبانٍ مدرسية وعيادة، إلى إصلاحات جذرية.
ويعدّ مخيم اليرموك من أكبر تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في سورية، إذ كان يقطنه نحو 160 ألف لاجئ، إلا أن النظام السوري بدأ بتغيير معالم المخيم بعد سيطرته عليه عام 2018، وغيّر اسمه إلى "حي اليرموك".
ومنذ نهاية عام 2020، سمح النظام السوري لبعض اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى المخيم، وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 5,000 شخص عادوا حتى الآن، بينهم نحو 1400 فلسطيني.
ويعاني العائدون من نقص كبير في الخدمات الأساسية ومحدودية وسائل النقل والبنية التحتية المدمرة إلى حد كبير، فيما تجرى عمليات إزالة الركام بشكل بطيء، مما يؤخر عودة الأهالي إلى بيوتهم، التي تعرضت لنهب كبير من جانب قوات النظام ومليشياته.