تتعقّد أكثر فأكثر قضية المعارض الروسي أليكسي نافالني داخلياً وخارجياً، ففي وقت دعا أنصاره إلى التظاهر الأحد المقبل في جميع أنحاء روسيا، أطل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً للرد على اتهامه بامتلاك القصر فقط، من دون التطرق إلى الوضع الداخلي، واصفاً الفيلم الذي نشره نافالني بأنه "محاولة لغسل أدمغة" الروس.
واليوم، الإثنين، دعا فريق المعارض الروسي أليكسي نافالني إلى تظاهرات جديدة في كافة أنحاء البلاد، الأحد، بعد نجاح التعبئة التي نظمت في نهاية الأسبوع الماضي.
وكتب ليونيد فولكوف، وهو حليف مقرب للمعارض المسجون، على "تويتر": "في 31 يناير/ كانون الثاني عند الساعة 12.00. كل مدن روسيا. من أجل الإفراج عن نافالني. من أجل الحرية للجميع، من أجل العدالة".
31 января, 12:00.
— Leonid Volkov (@leonidvolkov) January 25, 2021
Все города России.
За свободу для Навального.
За свободу для всех.
За справедливость.
Все подробности сегодня позже.
في المقابل، نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يكون القصر الذي عرضه فيلم استقصائي لنافالني بعنوان "قصر بوتين" مملوكاً له أو لأي من أقاربه.
وقال بوتين في اجتماع عبر الفيديو مع طلاب جامعيين: "لم أشاهد الفيلم، لعدم وجود وقت فراغ لدي لمشاهدة مثل هذه الأخبار، ولكني تصفحت مقاطع فيديو أحضرها لي المساعدون"، مشدداً على أنه "لا شيء من الأشياء المشار إليها على أنها ملكي تتبع لي أو لأي من الأقرباء المقربين ولم تكن ملكاً لنا أبداً".
ورأى بوتين أن عرض الفيديو حول القصر يعد محاولة من أجل "غسل أدمغة" الروس، مشيراً إلى أنّ "هذه المعلومات تتسرب منذ أكثر من عشر سنوات، والآن وفي ظل وضع مناسب دمجوا الكل (المعلومات السابقة) وقرروا غسل أدمغة مواطنينا ، وعرضوا في الإنترنت أفلاماً".
ولفت بوتين إلى أنه بخصوص أي عقارات مشابهة يجب أن تكون هناك وثائق ما، ومعلومات عن التحويلات المصرفية، و"على الأقل أي توثيق عند الكاتب العدلي، وهناك آثار يجب أن تبقى في سجلات كاتب العدل الإلكترونية".
وأكد بوتين أن كل شخص له حق التعبير عن وجهة نظره، ولكن بالوسائل القانونية، مشدداً على أن تجاوز القانون له ليس فقط نتائج عكسية بل وخطيرة تؤدي إلى زعزعة المجتمع.
While trying to deny Navalny’s palace/vineyard investigation, Putin can’t help but brag about a winery in his vault, saying that one of his advisers (Boris Titov) owns it. “Maybe I’ll take a job as his expert adviser,” says Putin, discussing retirement. pic.twitter.com/yoVX4MMyBY
— Kevin Rothrock (@KevinRothrock) January 25, 2021
وقال بوتين: "لقد تحدثت عن هذه المسائل عدة مرات وأريد أن أؤكد: كل الناس لديهم الحق في التعبير عن وجهة نظرهم ضمن الإطار الذي ينص عليه القانون. أي تصرف يتجاوز القانون له ليس مجرد نتيجة عكسية، ولكنه خطير".
رسالة دولية بشأن قضية نافالني
توازياً، قرّر الأوروبيون، اليوم الإثنين، إيفاد وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل إلى موسكو في مطلع فبراير/ شباط، وينظرون في فرض عقوبات إذا واصل بوتين قمع المعارضة، كما أفادت عدة مصادر دبلوماسية لوكالة "فرانس برس".
وقال أحد هؤلاء الدبلوماسيين إن "جوزيب بوريل سيتوجه إلى موسكو في مطلع فبراير حاملاً رسالة واضحة من الاتحاد الأوروبي، وسيعرض الوضع في روسيا خلال الاجتماع المقبل لوزراء خارجية الاتحاد في 22 فبراير/ شباط المقبل".
ويجتمع الدبلوماسيون من دول الاتحاد الـ27 في بروكسل في يوم من المحادثات المكثفة حول مواضيع تتناول علاقات أوروبا مع الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، وجهود إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني. لكن توقيف نافالني، أبرز منتقدي بوتين، واحتجاز آلاف المتظاهرين، سيكونان من أكثر القضايا تعقيداً.
وقال وزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبيرغيس، لدى وصوله لحضور الاجتماع: "أعتقد أنّ الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى توجيه رسالة واضحة وحاسمة مفادها أن هذا الأمر غير مقبول".
وقال دبلوماسيون أوروبيون، لوكالة "فرانس برس"، إنّ الوزراء لا يتوقعون التوصل إلى عقوبات، الإثنين، رغم مساعي بعض العواصم لاتخاذ موقف متشدد.
ومن المتوقع أن تنتظر بروكسل حتى يمثل نافالني أمام القضاء في أوائل فبراير/شباط لمعرفة ما إذا كان الكرملين سيضعه خلف القضبان لفترة طويلة.
ويواجه نافالني عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة لاتهامه بانتهاك شروط المراقبة القضائية المفروضة عليه في إطار حكم سابق فيما كان يتعافى في ألمانيا من تسمم بمادة "نوفيتشوك".
وأثار توقيفه لدى عودته إلى روسيا موجة من الاحتجاجات، السبت الماضي، قامت خلالها شرطة مكافحة الشغب بتوقيف أكثر من 3500 شخص.
وفيما يبدو أنه من غير المرجح فرض عقوبات في الوقت الراهن، سيواجه وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ضغوطاً للتخلي عن رحلة إلى موسكو مقررة الشهر المقبل.
وندد بوريل بـ"التوقيفات الكثيفة" و"الاستخدام غير المتكافئ للقوة" خلال التظاهرات التي شهدتها روسيا، السبت، للمطالبة بالإفراج عن نافالني.
وفرضت بروكسل في السابق عقوبات على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم وتأجيج الصراع في أوكرانيا.
أوكرانيا: ندعم نافالني لأنه "عدو" بوتين
بدورها، دخلت أوكرانيا بقوة على خط الأزمة، إذ قال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إن بلاده تدعم المعارض الروسي البارز، وتدعو لإطلاق سراحه لأنه "عدو" للرئيس فلاديمير بوتين.
وأضاف كوليبا في تصريحات لقناة تلفزيونية محلية، مساء الأحد، "عدو عدوي صديقي، لذا فإننا ندعم نافالني، بما أنه عدو بوتين، الأمر بهذه البساطة".
غير أن كوليبا لفت إلى أنه من الضروري أن يتجنب الأوكرانيون الإعجاب بنافالني كثيرا، لأنه "سيتعين عليه الاعتذار لأوكرانيا على العدوان الروسي (ضم شبه جزيرة القرم) في حال شغل منصباً سياسياً في روسيا مستقبلاً".
روسيا تقدم "احتجاجاً شديداً"
في المقابل، قدمت موسكو، اليوم الاثنين، احتجاجاً على دور تتهم السفارة الأميركية بلعبه و"تدخل" شركات الإنترنت الكبرى، بعد التظاهرات التي شارك فيها عشرات آلاف الأشخاص عبر أنحاء روسيا، السبت، وفقاً لوكالة "فرانس برس".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إنّ السفير الأميركي في موسكو جون ساليفان، التقى نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، الذي أبلغه بـ"الاحتجاجات" الروسية.