أول اختبار للمرشحين الجمهوريين في أميركا: دونالد ترامب في المقدمة

16 يناير 2024
خروج ترامب رابحاً أكبر في اختبار أيوا كان متوقعاً (Getty)
+ الخط -

دخلت أميركا رسمياً في موسم انتخابات الرئاسة، فقد دشّنت ولاية أيوا، مساء الاثنين، انتخابات المرحلة الأولى باختيار الناخبين فيها لمرشحهم الجمهوري المفضل من بين خمسة مرشحين (ثلاثةٌ جديون بينهم الرئيس السابق دونالد ترامب، و1 انسحب وآخر على الطريق). وبنهاية هذه المرحلة في وقت ما من الربيع المقبل، يرسو الاختيار على من يحظى من بينهم بالتأييد الأوسع في صفوف الناخبين الجمهوريين والمقربين من حزبهم في الولايات كافة، ليخوض المنافسة ضد المرشح الديمقراطي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

خروج ترامب رابحاً أكبر في اختبار أيوا كان متوقعاً؛ فاز بأكثر من 55 ألف صوت، ما يعادل أكثر من 51% من أصوات الجمهوريين في الولاية، وهو يبقى المرجح ما لم تستجد معطيات معاكسة، لحسم معركة الترشيح الجمهوري لمصلحته في وقت لا يتعدى إبريل/ نيسان المقبل، وبما سيجعل 2024 نسخة عن معركة 2020 بينه وبين الرئيس الأميركي جو بايدن.

لكن ذلك غير مضمون في ضوء أرقام الليلة، كما كان الاعتقاد في بدايات الحملة الانتخابية عندما كان الفارق بينه وبين أقرب المنافسين له يفوق الـ 45 نقطة. بعد أيوا، هبط هذا الفارق إلى 29 نقطة تفصله عن المنافس الثاني رون ديسانتس. وهذا في ولاية محافظة غالبية سكانها من عتاة المحافظين البيض الذين يتحكم المعتقد الديني بخياراتهم السياسية. وفي انتخابات 2020، أعطته أيوا 97% من الجمهوريين؛ 40% أكثر من هذه المرة، رغم أن 61% من بينهم ما زالوا يشاركونه الزعم بأن رئاسة بايدن غير شرعية. هذه النسبة (40%) توزعت بين ديسانتس الذي نال 21% من الأصوات، وبين نيكي هيلي، 19%. نأي هذه الشريحة عنه يُعزى إلى مشاكله القانونية وأدائه وإلى شيء من "التعب منه"، فضلاً عن مسؤوليته عن اقتحام الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021.

أرضية قابلة لبديل عن ترامب

وفي أي حال، لا تعد أيوا المقياس؛ فالفوز فيها رمزي أكثر مما هو بوصلة، إذ لا ينسحب بالضرورة على غيرها من الولايات ولا بالتأكيد على عموم الحملة الانتخابية ونتائج التصويت. فقط 3 مرات منذ 1972، تمكن الفائز بهذه الولاية من أن يواصل طريقه إلى البيت الأبيض: جيمي كارتر عام 1976، وجورج بوش الابن في 2000 وباراك أوباما في 2008. وكثيرون ممن خسروا جولتها، استعادوا المبادرة لكسب السباق ومنهم دونالد ترامب. فهي فقط مفتاح الدخول إلى عملية طويلة معقدة تتحكم فيها عوامل عديدة بدءاً من التمويل مروراً بصياغة الخطاب الانتخابي القادر على التسويق وانتهاء بالأداء، ودائما بتوظيف الوضع الاقتصادي، سلباً أم إيجاباً. وأهميتها أنها توفر للمرشح منصّة يكسب من خلالها وضعية المرشح الرئاسي من دون أن تلعب دور المؤشر على وجهة الانتخابات.

ومع هذا، تأخذ أيوا من الاهتمام والأضواء والكلفة الانتخابية (هذه السنة بلغت 105 ملايين دولار للدعاية في وسائل الإعلام) ما لا تناله ولايات عديدة. ولذلك تعطي المرشح الفائز دفعة زخم كبيرة لمتابعة حملته، لكن هذه الدفعة قد لا تكون كافية لترامب. التحديات كثيرة في طريقه.

صعود ديسنتاس وهيلي في الآونة الأخيرة وفي أيوا بالذات، يشير إلى وجود أرضية قابلة لبديل عن ترامب، ربما ليست جاهزة بعد لكنها قائمة كاحتمال. الامتحان سيكون في الولايات القادمة، خاصة الاثنين القادم في ولاية نيو همبشاير، التي تعتبر المدخل التقليدي تاريخيا لانتخابات الرئاسة. وضع هيلي جيد فيها حسب الاستطلاعات. وترجح فيها كفة التنوع المشكّل من الجمهوري المنتمي إلى مؤسسة الحزب ومن المستقلين من ذوي الميول نحو الجمهوريين المعتدلين. يضاف إلى ذلك أن حاكم هذه الولاية كريس سنونو (المتحدر من عائلة عربية) من مؤيديها ويوظف رصيده الانتخابي لمصلحتها.

وعليه، فإن حظوظ هيلي في نيو هامبشاير لا بأس بها، ومن حسن حظها أيضاً أن الانتخابات تنتقل قريباً إلى ولاية ساوث كارولينا التي سبق وشغلت فيها هيلي منصب حاكم الولاية، فلو حسمت في الاثنين، لصارت بعدهما في وضعية المرشح القادر على مواصلة السباق وتهديد ترامب. وكذلك هو حال ديسانتس في ضوء نتائج أيوا. الطريق أمامهما في أقله ليست مقفلة.

لكن منافسة ترامب في الحالات العادية، على الفوز بالترشيح عن الحزب الجمهوري عملية صعبة، لأن الحزب صار عملياً في قبضته، خصوصا قاعدته الانتخابية في معظمها. ويذكر أن الحزب الديمقراطي أجرى انتخابات التصفية في أيوا بالبريد وتعلن النتائج في 5 مارس/آذار المقبل، لكن الأمر بقي خارج الأضواء لأن الترشيح محسوم حتى الآن للرئيس بايدن، الذي يواجه ترشيحات صورية ضده، لأنها قد تنسف فرصته لتجديد رئاسته لو حصلت على نسبة ولو ضئيلة من الأصوات تكون كافية لترجيح كفة الجمهوري، لكن حتى ذلك الحين قد تحصل تطورات تقلب كل الحسابات رأساً على عقب.

المساهمون