أولويات المقاربة المصرية في حرب السودان

11 أكتوبر 2024
مدينة الغضارف السودانية، 28 يوليو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اتهامات حميدتي لمصر: اتهم قائد قوات الدعم السريع، حميدتي، الجيش المصري بشن ضربات جوية ضد قواته، وهو ما نفته مصر، مؤكدة تركيزها على وقف الحرب وحماية المدنيين، وسط تحركات دولية لإنهاء الصراع في السودان.

- العلاقات المصرية السودانية: أكد معتصم عبد القادر الحسن على أهمية السودان كعمق أمني لمصر، مشيرًا إلى العلاقات الاستراتيجية بين البلدين ودعم مصر للجيش السوداني، معتبراً الاتهامات لمصر محاولة لتغطية هزائم قوات حميدتي.

- الموقف المصري والإماراتي: تناولت نجلاء مرعي رفض مصر التدخل في الشؤون السودانية، ودعم الإمارات لهذا الموقف، مع تأكيد مصر على ضرورة حل سياسي يشمل جميع الأطراف الوطنية الفاعلة.

اتهام هو الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب في السودان (في 15 إبريل/نيسان 2023)، وجهه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى الجيش المصري بالاشتراك في توجيه ضربات جوية لقواته التي تحارب الجيش السوداني، وهو ما نفته القاهرة، قائلة في بيان لخارجيتها إن "تلك المزاعم تأتي في خضم تحركات مصرية حثيثة لوقف الحرب وحماية المدنيين وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية للمتضررين من حرب السودان الجارية".

وكان وفد من مجلس الأمن والسلم الأفريقي برئاسة مصر، قد أجرى مباحثات مع المسؤولين السودانيين لبحث سبل إنهاء حرب السودان المستمرة منذ عام ونصف عام، وعودة كل الأطراف إلى التفاوض. وزار الوفد العاصمة المؤقتة في السودان، بورتسودان، يوم الخميس 3 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، لإطلاع اللجنة الرباعية الأفريقية المخصصة للسودان، بقيادة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، على الأوضاع، من أجل عقد اللجنة اجتماعاً عاجلاً لمتابعة تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير الوفد.


معتصم عبد القادر الحسن: السودان هو العمق الأمني الجنوبي لمصر

السودان العمق الأمني الجنوبي لمصر

المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، معتصم عبد القادر الحسن، أكد في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الموقف المصري تجاه السودان، موقف مبدئي يرتبط بالتأثير الاستراتيجي العميق والمتشعب للسودان على مصر من النواحي كافة، وخصوصاً الأمنية المتمثلة بأن السودان هو العمق الأمني الجنوبي لمصر، كذلك فإن الأمن المائي الوجودي لمصر يرتبط بالسودان، لذلك نجد أن مصر وإريتريا من الدول المتفردة التي دعمت الجيش والحكومة السودانية منذ بداية حربها لمجابهة تمرد مليشيا الدعم السريع". ورأى الحسن أن "العلاقات المصرية السودانية راسخة، وكانت مصر هي الملاذ الآمن الذي استوعب أكبر عدد من اللاجئين السودانيين بفارق عددي ونوعي كبير عن بقية دول الجوار في حرب السودان والحروب السابقة".

وحول اتهامات حميدتي لمصر، قال الحسن إن "الخطاب الذي بث بصوت حميدتي وهيئته، ناتج عن هزيمة مليشياته والوضع المزري الذي تعيشه، إذ أسفرت المعارك الأخيرة على محاور القتال كافة في ولايات سنار والجزيرة والخرطوم ودارفور، عن هزائم للمليشيات ومقتل قياداتها وهروب جنودها، وهو ما اعترف به حميدتي في خطابه". وتابع: "العلاقات المصرية السودانية راسخة، وسبق للرئيس المصري أن أعلن قبل الحرب عدم القبول بحكم المليشيات في المنطقة، في إشارة للأوضاع في السودان وليبيا".

بدوره قال السفير السوداني السابق لدى الولايات المتحدة، الخضر هارون: "لعله لا يغيب عن إدراك أجهزة صنع القرار في مصر، الأهمية القصوى لأمن مصر في أن يكون السودان موحداً ومستقراً"، مشيراً إلى أن تقدم الجيش السوداني يصبّ بلا شك في مصلحة مصر وأمنها، وأن لمصر القدرة على قول ذلك للإمارات. مع العلم أن العلاقات بين الجيش السوداني والإمارات تشهد توتراً مستمراً على خلفية الاتهامات الموجهة من الخرطوم لأبو ظبي بدعم قوات الدعم السريع.

وعن اتهامات حميدتي لمصر، قال هارون: "إن حميدتي يعلم علم اليقين سلفاً أن الطيران السوداني قادر على حسم حرب السودان في نهاية المطاف، لذلك سارع مع بدء حربه لمهاجمة مطار مروي، حيث توجد قاعدة سلاح الطيران، بغية تحييد الطيران لعلمه بذلك"، مضيفاً أن "اتهام مصر تغطية للهزائم المتلاحقة لقواته في كل الجبهات، ولا تسنده الأدلة، فضلا عن أن مصر لا ترسل جيشها إلى خارج الحدود المصرية، إلا في مواجهة دول أخرى تشكل خطراً على مصالحها الحيوية".

دعم الجيش في حرب السودان

من ناحيته، قال الكاتب محمد خليفة، إن "الدبلوماسية المصرية ستحاول بحنكتها طمأنة الإمارات بأن دعمها للجيش السوداني والحكومة برئاسة قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، هو لضمان أمنها القومي في حدودها الجنوبية، وأن أي انهيار للجيش الوطني يعني انفراط العقد في السودان، وبالتالي فإن تداعياته أكثر سلبية على الأوضاع الهشة في المنطقة برمتها". وأضاف أن "الإمارات من جانبها، ستحاول ممارسة الضغوط على مصر لممارسة دور أكبر في التأثير بالجيش السوداني، لتخفيف وتيرة تقدمه والقبول بمفاوضات تضمن الطرف المدعوم إماراتياً للبقاء في المشهد السوداني".


نجلاء مرعي: الإمارات تدعم الموقف المصري بعدم التدخل في الشؤون السودانية

الخبيرة في الشؤون الأفريقية، نجلاء مرعي، قالت في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المعارك الحاسمة في الخرطوم منذ عدة أيام، وتقدم الجيش من خلال هذه المواجهات العنيفة مع الدعم السريع، أثّرا فعلاً بالمقاربة المصرية في السودان لجهة الوجود والدعم"، مضيفة: "بالطبع، من المهم جداً التأكيد أن تقدم الجيش السوداني يخدم الموقف المصري، لأن مصر منذ اللحظة الأولى رفضت التعامل مع أي مليشيات مسلحة خارج النطاق الرسمي، وخارج إطار المؤسسة العسكرية، ولكن مع ذلك، فإنها لن تتحايل على طرف من دون الآخر، بل حاولت أن يكون هناك توافق بين الطرفين".

وأضافت مرعي: أظن أن العلاقات الإماراتية المصرية حالياً في مرحلة جيدة، وبالتالي فإن أبو ظبي تدعم الموقف المصري بعدم التدخل في الشؤون السودانية، ومصر دائماً متمسكة بالدولة السودانية ومؤسساتها، وأكدت ذلك أكثر من مرة، لكنها في الوقت ذاته أكدت أن أي عملية سياسية مستقبلية يجب أن تشمل كل الأطراف الوطنية الفاعلة في الساحة الداخلية للسودان، حتى إن ما صدر في مصر عن مؤتمر القوى المدنية السودانية، أكد ضرورة التوافق عبر حوار وطني سوداني سوداني، يتأسس على رؤية سودانية خالصة، وهذا موقف ثابت لا يمكن أن تحيد عنه مصر. وتابعت مرعي: "من الجانب السياسي شهدنا كيف رفضت مصر فكرة إرسال قوات أفريقية إلى السودان، وهذا ما أكده السفير المصري في الاتحاد الأفريقي (محمد جاد)، وكما نعلم، فإن المبعوث الأميركي الخاص بالسودان (توم بيرييلو)، أعلن أنه يحاول فتح قنوات اتصال مع الاتحاد لتجهيز قوات للتدخل بهدف حماية المدنيين، ومصر رفضت هذا بشكل قاطع".

المساهمون