أوامر إخلاء إسرائيلية جديدة لعشرات القرى في جنوب لبنان.. تمهيد لاجتياح واسع؟

01 أكتوبر 2024
نازحون من جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، 30 سبتمبر 2024 (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إخلاء القرى الجنوبية وتحذيرات إسرائيلية: طلب جيش الاحتلال الإسرائيلي من سكان جنوب لبنان إخلاء حوالي ثلاثين قرية فوراً، محذراً من استهداف أي بيت يستخدمه حزب الله لأغراض عسكرية. حزب الله نفى دخول قوات إسرائيلية إلى لبنان، بينما يناشد بعض السكان الجيش اللبناني لتأمين خروجهم.

- تحليل استراتيجي وردود فعل: العميد عادل مشموشي أشار إلى أن إسرائيل تستخدم الحرب النفسية لتخويف الأهالي، بينما أكد حزب الله جهوزيته لأي غزو بري.

- مواقف دولية ومحلية: الأمم المتحدة حذرت من انتهاك السيادة اللبنانية، ودعت إلى التراجع عن التصعيد. النائب اللبناني فراس حمدان أكد ضرورة متابعة الموضوع دبلوماسياً.

طلب جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، من سكان جنوب لبنان إخلاء حوالي ثلاثين قرية "فوراً"، وذلك بعد ساعاتٍ على زعمه بدء عملية برية ضد حزب الله في هذه المنطقة، الأمر الذي نفاه الحزب، مؤكداً عدم دخول قوات إسرائيلية إلى لبنان. وقال جيش الاحتلال متوجهاً للمدنيين، إن الجيش "لا يريد المساس بكم، ومن أجل سلامتكم عليكم إخلاء بيوتكم فوراً"، محذراً من أنّ "كل من يكون بالقرب من عناصر حزب الله ومنشآته ووسائله القتالية يعرض حياته للخطر. أي بيت يستخدمه حزب الله لحاجاته العسكرية من المتوقع استهدافه".

وذكر جيش الاحتلال البلدات التالية "يارون، عين إبل، مارون الراس، طيري، حداثا، عيتا الجبل، جميجيمة، تولين، دير عامس، برج قلويه، البياضة، زبقين، جبال البطم، صربين، الشعيتية، كنسية، الحنية، معركة، غندورية، دير قنون – مالكية الساحل، برج الشمالي، إبل السقي، صريفا، دير قانون النهر، العباسية، الرشيدية، بنت جبيل، عيترون"، داعياً المواطنين إلى التوجه فوراً إلى شمال نهر الأولي، قائلاً: "ممنوع عليكم التوجه جنوباً، وأي توجه جنوباً قد يعرّض حياتكم للخطر".

وذكرت مراسلة "العربي الجديد" أن بعض السكان في مناطق جنوبية يناشدون الجيش اللبناني تأمين خروجهم بعد الدعوات الإسرائيلية إلى الإخلاء. ويكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي دعواته إلى السكان في لبنان سواء في الجنوب أو حتى في بيروت، ولا سيما الضاحية الجنوبية، لإخلاء المنازل والمناطق بزعم شنّ هجمات واسعة ضد مراكز عسكرية لحزب الله، علماً أن غالبية المباني التي يقصفها يسكنها مدنيون.

في السياق، يقول المختصّ بالشؤون الأمنية والاستراتيجية العميد عادل مشموشي لـ"العربي الجديد"، إنّ "إسرائيل من خلال دعوتها المواطنين في الجنوب للإخلاء، تلعب على وتيرة الحرب النفسية والدعاية لتخيف الأهالي خصوصاً وتخلق الذعر في نفوسهم، ولتهيئة الرأي العام اللبناني والعالمي أنها اتخذت القرار باجتياح برّي".

من ناحية ثانية، يقول مشموشي إن "الإسرائيليين يتذرعون بأن الاجتياح البري سيكون فقط لكيلومترات محدودة بالتحديد لمجرى نهر الليطاني، إلا أنه في الواقع لا شيء يؤكد ذلك، خصوصاً أن إسرائيل تعمد دائماً إلى إحداث المفاجآت، ومثل هذا القرار لا بد من أن يتخذ على ضوء المستجدات العسكرية ومدى صمود قوات المقاومة على الجبهة بوجه العدو". ويضيف: "لغاية الآن تقول إسرائيل إنها توغلت 500 متر، وحزب الله نفى أي توغل"، مشيراً إلى أنه قد تكون هناك عملية خلف الخطوط أو إنزالات خصوصاً مساءً باستغلال الليل، موضحاً أنه يتم أحياناً اللجوء إلى البر لاستكشاف ما هناك من خطوط دفاعية، ولاستقراء كيف يمكن التوغل برياً، ومواقع الضعف لدخول الأراضي اللبنانية.

ويشير العميد مشموشي إلى أنه "على الدولة اللبنانية والجهات المعنية أن تأخذ بالحسبان أنه ممكن لإسرائيل أن تنفذ اجتياحاً برياً واسعاً، إذ لا شيء مستبعد، ويستقرأ الأمر من دعوة النازحين على الحدود إلى ما بعد مجرى نهر الأولي، وهو بعيدٌ جداً عن مجرى نهر الليطاني، وكأنها تهيئ نفسياً لاجتياح بكل منطقة الجنوب، وربما نستقرئ أيضاً بقولها إنها لن تدخل المدن الجنوبية، وكأنها تسعى شرقاً على امتداد السلسلة الغربية لإقامة منطقة عازلة، عدا عن سيناريوهات أخرى أكثر سوءاً قد تلجأ إليها، كما فعلت أيام فترات العدوان في الماضي، ما يحتم الاستعداد للاحتمالات كافة".

إلى ذلك، قال مصدر نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد": "سنكون بالمرصاد لأي غزو إسرائيلي بري، نحن حاضرون ومستعدّون وما بدأ الأمين العام حسن نصر الله به سنكمله وفق الآلية نفسها، وسبق أن بحثنا هذا السيناريو"، مضيفاً أن "الكلمة ستبقى دائماً للميدان والمقاومة لا تزال تملك كل القدرات ولا سيما العسكرية". وأشار المصدر إلى أننا "حتى الساعة لم نرصد أي توغل برّي، ولم يحصل أي اشتباك، لكن بكل الأحوال نحن نكرّر جهوزيتنا لكل الاحتمالات".

لبنان ينفي أي توغل بري في أراضيه

ونفى حزب الله اليوم الثلاثاء أن تكون قوات إسرائيلية دخلت إلى لبنان وخاضت اشتباكات مع مقاتليه، وفق ما أكد مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمّد عفيف لقناة الجزيرة، على ضوء إعلان اسرائيل دخولها الجنوب في إطار عملية "برية محدودة" وخوضها "قتالاً عنيفاً". وقال عفيف، وفق تصريحات وزعها إعلام حزب الله: "كل الادعاءات الصهيونية أن قوات الاحتلال دخلت إلى لبنان هي ادعاءات كاذبة". وأوضح أنه "لم يحدث أي اشتباك بري مباشر بعد بين مجاهدي المقاومة وقوات الاحتلال"، مؤكداً في الوقت عينه جهوزية مقاتلي الحزب "للمواجهة المباشرة" مع القوات الإسرائيلية التي "تتجرأ أو تحاول دخول" لبنان.

وأكد مصدر في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد"، "أننا لم نرصد على الأرض بعد أي توغل بري لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ولا تحركات حالياً داخل الأراضي اللبنانية". وقال الناطق باسم قوات يونيفيل أندريا تيننتي لـ"العربي الجديد"، إن "الغزو البري يشكل مصدر قلق خطيراً، لكننا لا نرى حتى الآن أي تحركات داخل الأراضي اللبنانية، ونحن مستمرون بوجودنا على الأرض". وقالت قوة الأمم المتحدة في لبنان إنّ جيش الاحتلال أبلغها يوم أمس عن نيّته القيام بعمليات توغل برية محدودة داخل لبنان.

وأضافت في بيان اليوم الثلاثاء: "رغم هذا التطور الخطير، فإن حفظة السلام لا يزالون في مواقعهم. نحن نعمل بانتظام على تعديل وضعنا وأنشطتنا، ولدينا خطط طوارئ جاهزة للتفعيل إذا لزم الأمر. إن سلامة وأمن قوات حفظ السلام أمر بالغ الأهمية، ونذكّر جميع الأطراف بالتزاماتها إزاء احترام ذلك". وأشارت إلى أن "أي عبور إلى لبنان يشكل انتهاكاً للسيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان، وانتهاكاً للقرار 1701". وحثت يونيفيل جميع الأطراف على التراجع عن مثل هذه الأعمال التصعيدية التي لن تؤدي إلا إلى المزيد من العنف وإراقة المزيد من الدماء.

وقالت إن "ثمن الاستمرار في مسار العمل الحالي باهظ للغاية، وتجب حماية المدنيين، وعدم استهداف البنية الأساسية المدنية، واحترام القانون الدولي. وإننا نحث الأطراف بقوة على إعادة الالتزام بقرارات مجلس الأمن والقرار 1701 (2006) باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة".

وفي السياق، قال النائب في البرلمان اللبناني فراس حمدان لـ"العربي الجديد"، إنّ هذه الدعوات لإخلاء القرى والبلدات الجنوبية، وحتى في بيروت، تأتي ضمن سياق العدوان المستمرّ من قبل الاحتلال الإسرائيلي على البلد، والإجرام المعتمد ضد السكان والمدنيين، فنحن بحالة حرب، مشيراً إلى أننا رصدنا نزوح مئات العائلات التي تعيش تحت القصف.

وأشار النائب عن الجنوب إلى "أنّنا نتابع الإخلاءات على القرى الحدودية التي هي عملياً شبه فارغة منذ بدء الحرب، واستمرار العدوان الإسرائيلي والقصف الذي لا يفارق البلدات والقرى، حيث إنّ الوضع متوتر على الحدود منذ ما يقارب السنة، وقد زاد حجم التصعيد في الفترة الأخيرة خصوصاً بعد تفجيرات أجهزة الاتصال واغتيال قادة في حزب الله ضمنهم أمينه العام حسن نصر الله، حيث إن إسرائيل تعتمد سياسة الأرض المحروقة، وقد شهدنا نزوح نحو مليون شخص".

وشدد حمدان على أنّ "متابعة الموضوع يجب أن تتم من قبل الحكومة اللبنانية والأجهزة المعنية من الجيش والقوى الأمنية، التي يجب أن تمارس أقصى الضغوطات والجهود الممكنة لوقف الحرب"، مؤكداً أن لا خيار أمامنا سوى الحل الدبلوماسي، وكل الخيارات الأخرى أصبحت غير مجدية، وعلينا تحصين المؤسسات الدستورية والتضامن وطنياً والعمل وفق مبدأ السيادة واستقلال البلد. وأشار حمدان إلى أن "الجنوبيين للأسف متروكون، بينما العدو يستهدفهم في كل يوم والدولة غائبة عن شعبها، حتى إن خطة الطوارئ الحكومية بقيت حبراً على ورق".

المساهمون