تنشط الجهود الدبلوماسية بين أنقرة والدوحة خلال الساعات المقبلة من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزّة، إذ يتوقع أن ينتقل الرئيس الفلسطيني محمود عباس من تركيا إلى قطر، يوم غدٍ الأحد، لمتابعة جهوده في هذا السياق.
وفيما تتمسك القاهرة بورقة المبادرة التي طرحتها بخصوص التهدئة في غزّة، رغم أنّها تكشف عن حجم التنسيق المصري الإسرائيلي، وتصب في صالح الاحتلال، تعمل كل من قطر وتركيا على تعزيز شروط المقاومة في أي اتفاق ممكن.
وأكدت مصادر مطلعة في القيادة الفلسطينية لـ "العربي الجديد"، أنّه بعد ثماني ساعات من اجتماع الرئيس محمود عباس والوفد الفلسطيني مع الرئيس التركي عبد الله غول، لم يتم التوصل لأي تقدّم، إذ أعلنت تركيا دعمها المطلق لشروط المقاومة الفلسطينية بخصوص التهدئة.
ورغم إصرار الرئيس عباس على الخروج بموقف من تركيا التي تساند حركة "حماس" وتعتبر حجر عثرة، على حد تعبير المصدر، غير أنه لم يفلح بذلك. مع أنّ أنقرة أبدت تفهماً كبيراً لموقف الرئيس الفلسطيني الذي لا يريد تصعيد الأزمة أكثر، والحريص في الوقت نفسه على العلاقة مع مصر كحليف استراتيجي.
وعلى مدار الساعات الماضية، جرى الاتصال بمختلف الأطراف الفاعلة في ملف وقف إطلاق النار؛ رئيس المكتب السياسي في "حماس" خالد مشعل، في قطر، والأمين العام للجهاد الإسلامي، رمضان شلح، والجانب المصري، والاحتلال الإسرائيلي، بغرض مناقشة سبل وقف إطلاق النار.
وكان لافتاً أنّ الرئيس عباس، بحسب المصدر، أطلع نظيره التركي أن القيادة الفلسطينية هي من بادرت إلى الاتصال بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وطلبت منه التدخل عبر مبادرة لوقف إطلاق النار، وهذا ما حصل، إذ تقدّموا بمبادرة تنطلق من اتفاق 2012، وتعتمد على وقف إطلاق النار الفوري، وبعد ذلك يتم التفاوض على كل القضايا، وقبلها الطرف الإسرائيلي، غير أنّ فصائل المقاومة رفضتها.
وقال المصدر نفسه إن عباس أصرّ "على ضرورة قبول المبادرة لوقف شلال الدم الفلسطيني، وإحراج إسرائيل أمام العالم".
وفي السياق نفسه، أكّدت مصادر قريبة من حركتي "الجهاد الإسلامي" و"حماس" ومتواجدة في مصر أن "الحركتين قامتا بتسليم أبو مازن ورقة المقاومة لوقف إطلاق النار". وأكدت أنه " لا وقف لإطلاق النار قبل القبول بالشروط السابقة، فالاتفاق رزمة واحدة". وتابعت "لن نوقف إطلاق النار لنقوم بعدها بالتفاوض على رفع الحصار سنوات مع الاحتلال".
ولفتت المصادر إلى امتعاض القيادة الفلسطينية وعدم رضاها عن هذه الشروط التي توافقت عليها الحركتان "حماس" والجهاد الإسلامي" ضمن ما أسمته "ورقة المقاومة"، وقدّمها نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد نخالة لعباس مساء الخميس في القاهرة.
وحول سبب رفض حركة "حماس" لقاء أبو مازن مساء الخميس، أكدت المصادر أن "السبب يعود لإصدار أبو مازن بياناً مشتركاً مع الرئيس السيسي يحمل فيه "حماس" مسؤولية الدم الفلسطيني".
عباس إلى الدوحة
في هذه الأثناء، يواصل الرئيس الفلسطيني لقاءاته في تركيا اليوم، على أن ينتقل غداً الأحد إلى قطر، حيث يتوقع أن يلتقي مشعل. وأكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، عزت الرشق، لـ "العربي الجديد"، أنه لا يوجد ما يحول دون عقد اجتماع بين الرئيس الفلسطيني، ومشعل، مشيراً إلى أن "هذا اللقاء وارد ومتوقع، رغم انه لم يجر ترتيب حتى هذه اللحظة لعقده".
وأوضح الرشق أن حركة "حماس" تعتبر "المبادرة المصرية" لوقف إطلاق النار في غزّة، قد انتهت، وهي لا تقبل بحثها، لكن "حماس" في المقابل لا تقفل الباب أمام أية جهود من أي طرف كان لإيجاد حل، يضمن تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني ومطالب المقاومة الفلسطينية.
وحول الاتهامات المصرية لحركة "حماس"، برفضها للدور المصري، قال الرشق "ليس هناك أي فيتو على أية جهود مصرية، و"حماس" ليست ضدّ أي طرف يسعى لإنهاء الحرب والاجرام الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني؛ فهي اعترضت على مضمون المبادرة المصرية التي لم تحقق مصالح الشعب الفلسطيني ولم تستجب لمطالب المقاومة الفلسطينية، ولكنها مستعدة للبحث ودراسة اية مبادرة مصرية جديدة". غير أنه أضاف "لا توجد اتصالات جديدة مع الجانب المصري لهذا الغرض".
وأكد الرشق أن هناك جهوداً قطرية تركية لوقف العدوان، واتصالات مع مختلف الأطراف تبذل من أجل وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، والطرفان القطري والتركي على تواصل مع حركة "حماس" بهذا الشأن، "ونأمل أن تنتج هذه الجهود القطرية التركية، وقفاً للعدوان". وأضاف أن "المساعي القطرية التركية مستمرة وهي تحمل أفكاراً إيجابية نأمل أن تتبلور قريباً بمبادرة تنجح في وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وعلى الشعب الفلسطيني".
القاهرة متمسكة بمبادرتها
غير أن وزير الخارجية المصري سامح شكري، قال إن المبادرة المصرية "لا تزال المبادرة الوحيدة التي تدرس من قبل طرفي الحرب، وأن المجتمع الدولي يؤيدها تماماً ولم يدرس مبادرات أخرى. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده صباح اليوم، مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، في قصر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة.
وقال شكري إن بلاده لا تعتزم تعديل مبادرتها لوقف إطلاق النار. وزعم أن المبادرة "تلبي احتياجات كلا الطرفين. بالتالي سوف نستمر في طرحها ونأمل أن تحظى بموافقتهم في القريب العاجل."
وجاءت التصريحات بعد إجراء فابيوس محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صباح اليوم السبت، بشأن الأزمة في غزّة.
وأعرب فابيوس عن أمله في أن تحظى المبادرة المصرية خلال الأيام القادمة بتأييد الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، موضحاً أنه سيتوجه إلى الأردن وبعدها للأراضي المحتلة للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محاولة لوقف إطلاق النار فوراً.