الأميركية بوغدان مارتن أول امرأة في منصب الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات بعد فوزها على منافسها الروسي

30 سبتمبر 2022
بوغدان مارتن تتلقى التهاني بعد انتخابها في بوخارست (فرانس برس)
+ الخط -

انتُخبت الأميركية دورين بوغدان مارتن لمنصب الأمين العام لمنظمة "الاتحاد الدولي للاتصالات"، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة عام 1865، أي قبل 157 عاماً. وانتخاب مارتن  لهذا المنصب المهم في هذه الأوقات بالذات، له رمزية إضافية، لا تتعلق فقط بكونها امرأة، بل بكونها أيضاً أميركية تنافست على المنصب بمواجهة مرشح روسي.

جاء انتخاب بوغدان، الخميس، في العاصمة الرومانية بوخارست، خلال مؤتمر عقدته المنظمة، التي أصبحت وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة في عام 1947.

حصلت المرشحة الأميركية على 139 صوتاً مؤيداً لها، مقابل 25 حصل عليها المرشح الروسي رشيد إسماعيلوف، من أصل 172 صوتاً من الأصوات التي أُدلي بها. ومن غير المعروف كيف صوتت الدول الأعضاء (193 عضواً) على ترشيح المنافسين في التصويت السري.

وفي تصريحات خاصة بـ"العربي الجديد" في نيويورك، قال مدير مكتب الأمم المتحدة في منظمة "كرايسيس غروب" ريتشارد غاون، عن النتائج: "ركّزت الولايات المتحدة على هذا السباق منذ فترة طويلة، لأنها ترى في الاتحاد الدولي للاتصالات ساحة معركة حاسمة لمستقبل الإنترنت". 

رمزية انتخاب المرشحة الأميركية مقابل المرشح الروسي، لا تخفى على أحد، ولا سيما في ظل احتدام العلاقات بين الطرفين بسبب الحرب الأوكرانية. وفي هذا يقول غاون: "من الواضح أنّ أزمة أوكرانيا زادت من تركيزهم (الأميركيين) على السباق، ولا شك أنهم سعداء بالنتيجة".

فازت بوغدان مارتن بأغلبية 139 صوتا من أصل 172 من الأصوات التي تم الإدلاء بها (فرانس برس)
من غير المعروف كيف صوتت الدول الأعضاء (193 عضواً) على ترشيح المنافسين في التصويت السري (فرانس برس)

لم يتأخر الرد الأميركي الرسمي كثيراً بعد إعلان نتيجة التصويت، إذ صرّح وزير الخارجية أنتوني بلينكن قائلاً، في بيان: "تعكس هذه النتيجة التأييد الواسع من قبل الدول الأعضاء لرؤية السيدة بوغدان مارتن للتوصيل العالمي والتمكين الرقمي والقيادة في الاتحاد الدولي للاتصالات التي تتسم بالابتكار والتعاون والشمول. وبانتخابها، أصبح الاتحاد الدولي للاتصالات أكثر شمولاً وتمثيلاً، حيث إنها أول سيدة تنتخب لهذا المنصب منذ تأسيسه قبل 157 عاماً".

وأضاف بلينكن: "يعكس دعم حملة السيدة بوغدان مارتن تصميماً متجدداً من قبل الولايات المتحدة لضمان إدارة المنظمات الدولية بشكل جيد، والاستجابة لعضويتها، والمساءلة عن أدائها"، مذكّراً: "كنا واضحين منذ الأيام الأولى لإدارتنا أنّ القيادة الأميركية في المحافل (الدولية) متعددة الأطراف، بما فيها الأمم المتحدة، أمر بالغ الأهمية من أجل ضمان أن يتمكّن المجتمع الدولي من مجابهة التحديدات المشتركة بشكل أفضل".

تجدر الإشارة إلى أنّ سياسة إدارة بايدن وانخراطها في المؤسسات الدولية تشكل نهجاً معاكساً لسياسة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الذي عكف على تقليص الدور الأميركي في المنظمات الدولية، ولا سيما تلك التابعة للأمم المتحدة، ومعها كذلك مساهماتها المادية، بل حتى وقف عضوية بلاده في بعضها.

لا يأتي الموقف الأميركي، وتركيزه على أهمية المؤسسات الدولية، من باب الحرص على نظام متعدد الأطراف فقط، بل كذلك لضمان استمرار النفوذ الدولي في تلك المنظمات، وفي الساحة الدولية عموماً.

لعل أهمية ما تقوم به المنظمة يلخصها اقتباس أوردته المنظمة ذاتها على صفحتها الرسمية، وجاء على لسان الأمينة العامة المنتخبة حديثاً، حين قالت: "يواجه العالم تحديات كبيرة، الصراعات المتصاعدة، وأزمة المناخ، والأمن الغذائي، وعدم المساواة بين الجنسين، و2.7 مليار شخص لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت. أعتقد أن لدينا ولدى أعضائنا، في الاتحاد الدولي للاتصالات، فرصة لتقديم مساهمة تحويلية. يمكن أن يكون الابتكار المستمر عاملاً تمكينياً رئيسياً لتسهيل حل العديد من هذه القضايا".

ويأتي انتخاب مارتن في وقت تقيّد فيه عديد من الدول حول العالم، كإيران حالياً في خضم الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، حرية الإنترنت، وتعوق وصول مواطنيها إلى المنصات المختلفة بحرية. ويستخدم الإنترنت، الذي يشكل فرصة وإمكانية جوهرية للنمو الاقتصادي وحرية التعبير والتنمية البشرية، كذلك أداة للقمع والملاحقة والتجسس في عديد من الدول، ولا يقتصر ذلك على الدول غير الديمقراطية، وإن اختلفت درجته وطريقته، بل إنّ دولاً ذات أنظمة ديمقراطية كذلك، كالولايات المتحدة تستخدمه أيضاً، للتجسس على مواطنيها ولأغراض مختلفة، على عكس ما تدعيه.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

مهما يكن، فإنّ دور الاتحاد الدولي للاتصالات يبقى رئيسياً في ما يخص السياسات المستقبلية حول تمكين مليارات الناس من الوصول إلى الإنترنت وشبكات الاتصال المختلفة.

فمنذ تأسيس الاتحاد، في عام 1865، يعمل بحسب موقعه على "تسهيل التوصيلية الدولية لشبكات الاتصالات، نضطلع بمسؤولية توزيع الطيف الراديوي ومدارات الأقمار الصناعية... ونضع المعايير التقنية التي تضمن سلاسة التوصيل بين الشبكات والتكنولوجيات، ونسعى جاهدين لتحسين الوصول إلى تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لفائدة المجتمعات المحلية التي تعاني من نقص الخدمات في جميع أنحاء العالم".

قد ترى الإدارة الأميركية في فوزها على منافسها الروسي رمزية كبيرة، في وقت يحتدم فيه التوتر بين البلدين حول أوكرانيا، والفوز بجولة أخرى على روسيا، وإن كان هذا المنصب لا علاقة مباشرة له بما يحدث في جارتها.

وفي نيويورك سيشهد مجلس الأمن الدولي تصويتاً على مشروع قرار أميركي حول قرار روسيا ضم أربع مقاطعات أوكرانية. ومن التوقع أن تستخدم روسيا الفيتو ضد مشروع القرار، ما يعني أنّ الولايات المتحدة ستحيل التصويت عليه إلى الجمعية العامة. لم يحدد رسمياً موعد التصويت، لكن من المتوقع أن يحدث خلال أيام قليلة مقبلة.

المساهمون