خاض ممثلو الأحزاب الألمانية الصغرى المشاركة في الانتخابات البرلمانية العامة، خلال حوار تلفزيوني، أمس الاثنين، نقاشات جوهرية أكثر من تلك التي خاضها المرشحون الثلاثة عن الأحزاب الرئيسية لمنصب المستشار، حيث ركز قادة الأحزاب الصغرى في نقاشاتهم على ملفات العدالة الاجتماعية والمعاشات التقاعدية والضريبة والمناخ، وتبين أن لديهم وجهات نظر مختلفة حول العديد من القضايا.
وشارك في الحوار رئيس الحزب الليبرالي الحر كريستيان ليندنر، وزعيمة اليسار جانين فيسلر، ورئيسة كتلة البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي أليس فايدل، والسياسي ألكسندر دوبراندت، زعيم كتلة الحزب الاجتماعي المسيحي الشقيق الأصغر لحزب ميركل.
وفي ملف التقاعد، دعت فيسلر إلى خفض سن التقاعد ودعم المعاش التقاعدي، أما ليندنر فاقترح اعتماد نموذج مرن لبدء التقاعد، ما دفع بالسياسية عن "البديل" للرد على الأخير بأن ليس لديه أي فكرة عن إدارة الأصول التقاعدية، مبرزة أن "البديل" يريد صندوقاً حكومياً لتأمين تلك المعاشات.
وفيما خص آلية التعامل مع التغير المناخي، اعتبرت فايدل، زعيمة أكبر كتلة لحزب معارض في البوندستاغ، أن "ما تقوم به ألمانيا مشكوك فيه، ونحن موضع سخرية دولياً". من جهته، قال زعيم الليبرالي الحر إنه "يجب على ألمانيا أن تدعي أنها زعيمة العالم في مجال التكنولوجيا، وعلى سبيل المثال يجب أن تنتج توربينات الرياح البحرية الهيدروجين الأخضر، أي الصديقة للبيئة".
وفي رد على سؤال، قالت فايدل إنها لن تصوت لمرشح الاتحاد المسيحي، أرمين لاشيت، لمنصب المستشار، كما طالبت بإنهاء العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الصراع مع أوكرانيا، موضحة أن "هناك حاجة إلى روسيا كشريك، وكذلك بحاجة الصين كشريك كما الولايات المتحدة الأميركية".
في المقابل، حذّر السياسي عن الحزب البافاري، دوبراندت، حزبي "البديل من أجل ألمانيا" واليسار من التشكيك في بنية الأمن والتحالف العسكري، مشدداً على ضرورة الحفاظ على الالتزامات تجاه حلف شمال الأطلسي.
وأنهى ممثلو الأحزاب الصغرى المناقشات في مسألة الائتلافات المحتملة. وقالت زعيمة اليسار، جانين فيسلر، إنّه "إذا كانت هناك أغلبية للحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر واليسار، فعلينا أن نتحدث بجدية عن كيفية تشكيل تغيير في السياسة"، وتابعت قائلة: "نريد حل حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتحوله إلى تحالف أمني وجماعي".
لكن ورغم محاولات زعيمة اليسار إثارة الاهتمام والتأكيد على أوجه التشابه في السياسة مع الاشتراكي الديمقراطي، وتلك مع الخضر في السياسة البيئية، يبدو أن الائتلاف مع حزبها صعب، وذلك لأن المرشح الاشتراكي المحتمل لمنصب المستشار، أولاف شولز، يطالب بالتزام واضح تجاه الناتو من كل شريك محتمل في أي تحالف حكومي مستقبلي بقيادته.
وعن إمكانية تحالف الليبرالي الحر مع الاشتراكي والخضر، قال ليندنر: "قد أفتقر إلى الخيال فيما يتعلق بما يمكن أن يقدمه الخضر والاشتراكي... والليبرالي الحر لديه مسؤولية خاصة لتنظيم سياسة وسطية"، وتحدث بوضوح ضد الضرائب المرتفعة.
بدوره اعتبر ألكسندر دوبراندت أن لديه تعاطفاً مع أن يقود "تحالف ألمانيا"، أي الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديمقراطي والليبرالي الحر، الائتلاف الحكومي مستقبلاً.
في المحصلة، قام حزب اليسار بتعديل أفكاره لجهة فرض ضريبة على الأثرياء، وليس لديه أي اعتراض على التأمين الصحي الخاص، فيما قدم "البديل" نفسه في السياسة الضريبية والاقتصادية باعتباره حامي الأعمال التجارية للشركات المتوسطة، كما لم يعد ينكر تماماً أن تغير المناخ من صنع الإنسان.
فيما جدد الليبرالي الحر التزامه بتعزيز نظام المعاشات التقاعدية، واعترف زعيمه بأن الاتحاد المسيحي شريكه المفضل في الائتلاف الحكومي المقبل. أما المسيحي الاجتماعي، الشريك الأصغر في ائتلاف حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، فأطلق العنان لتحفيز الاقتصاد وتحسين الرقمنة.
وأشارت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية إلى أنه، فيما يتعلق بقدرة الأحزاب الأربعة على الحكم، أصبح من الواضح أن "لا أحد يريد تشكيل ائتلاف مع الحزب اليميني الشعبوي، وحزب اليسار هُمش لأسباب تتعلق بسياسته الخارجية، وبالأخص معارضته لحلف شمال الأطلسي، فيما الاتحاد المسيحي وشقيقه الأصغر ليسا بحاجة لإثبات رغبتهما مجدداً في الحكم". وفي المقلب الآخر، فإن الليبرالي الحر يتعرض لضغوط غير معلنة كي لا يتمنع عن المشاركة في الحكومة المقبلة، بعد رفضه عام 2017، وعند مفاوضات تشكيل حكومة ميركل الرابعة ائتلاف جامايكا، أي في تحالف يضمه إلى الاتحاد المسيحي والخضر.