انطلقت، اليوم الأحد، أولى الانتخابات الولائية في ألمانيا، التي تعيش في 2021 عاماً انتخابياً بامتياز.
وبعد انتخابات اليوم في كل من ولايتي بادن فورتمبرغ وراينلاند بفالس، ستجرى انتخابات نيابية في أربع ولايات أخرى، هي تورينغن وساكسونيا انهالت وبرلين ومكلنبورغ فوربومرن حتى الموعد المنتظر خلال الخريف للانتخابات البرلمانية العامة، والتي على ما يبدو أنها ستشهد منافسة محتدمة، وعنوانها الأبرز مكافحة كورونا، بعد أن شكلت أزمة اللاجئين محوراً لانتخابات عام 2017، وسمحت لليمين الشعبوي بالوصول إلى البوندستاغ لأول مرة.
وتبرز استطلاعات الرأي الحضور القوي لحزب الخضر، الذي تأسس عام 1980، وهو الذي اعتبر حزباً بيئياً صغيراً على مر العقود الماضية، وحمل شعارات حماية البيئة والمناخ ومقاومة الطاقة النووية، قبل أن يتمدد على مساحة البلاد، ويتحول من حزب الاحتجاج إلى قوة سياسية مستقرة في النظام الحزبي.
وفي انتخابات ولاية بادن فوتمبيرغ (11 مليون نسمة) من غير المتوقع حدوث أي مفاجآت سوى تراجع حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، المسيحي الديمقراطي.
ويتجه الخضر مع رئيس وزراء ولاية وينفرد كريتشمان، الذي يحكم الولاية منذ عام 2011، لتحقيق نصر واضح، وهو الذي يعتمد على تقدم بثماني إلى عشر نقاط أمام المسيحي الديمقراطي، وينال ما نسبته 33 % من الأصوات وفق "بارومتر" القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي إف"، وقد تكون النتيجة مؤشراً حقيقياً وبمثابة اختبار للمزاج قبل الانتخابات العامة المقررة في 26 سبتمبر/ أيلول 2021.
تتزامن هذه المعطيات مع ركود يعيشه حزب ميركل، لا سيما أنه من المتوقع أن يحقق أسوأ نتيجة في تاريخه بعد فضيحة الفساد التي طاولت أخيراً نائبين في البوندستاغ، استفادا من عمولات صفقة أقنعة واقية من كورونا بمئات آلاف اليوروهات، عدا عن السخط على وزير الصحة الاتحادي ينس شبان، وسياسة التعامل مع التلقيحات من كورونا، إلى الانتقادات التي تطاول وزير الاقتصاد بيتر التماير في ما يخص التأخير في دفع المساعدات الطارئة للشركات والعاملين لحسابهم الخاص.
من جهته، يعيش الحزب الاشتراكي الديمقراطي حالة إنهاك في بادن فوتمبيرغ، ويمكن أن يصبح القوة الخامسة بنسبة 10% بعد البديل اليميني الشعبوي.
من المتوقع أن يحقق حزب ميركل أسوأ نتيجة في تاريخه بعد فضيحة الفساد التي طالت أخيرا نائبين في البوندستاغ، استفادا من عمولات صفقة أقنعة واقية من كورونا بمئات آلاف اليوروهات، عدا عن السخط على وزير الصحة الاتحادي ينس شبان، وسياسة التعامل مع التلقيحات من كورونا، إلى الانتقادات التي تطال وزير الاقتصاد بيتر التماير
وفي المقابل، يحافظ الاشتراكي على الصدارة في ولاية راينلاند بفالس (4 ملايين نسمة). ومن المفترض أن يعاود الخضر تحالفه معه والليبرالي الحر في الحكومة المستقبلية، والتي يأمل كثيرون أن ينسحب هذا النوع من التحالف إلى ائتلاف حاكم في برلين بعد الانتخابات العامة المقبلة.
ورغم عدم وجود بيان انتخابي رسمي، يبدو أن حزب الخضر يتحضر لاتخاذ قرار واضح بحلول شهر مايو/ أيار المقبل حول الشخصية الحزبية التي ستخوض معركة المستشارية، حيث من المرجح أن يكون أحد الزعيمين المشاركين للحزب أنالينا بربوك وروبيرت هابيك.
وتبدو فرصة الحزب سانحة أكثر من أي وقت مضى للمشاركة في الحكم، في وقت يأمل أرمين لاشيت، زعيم المسيحي الديمقراطي المنتخب حديثاً، والمرشح المحتمل لخلافة ميركل في المستشارية، أن لا تكون الانتخابات الولائية انتاكسته الثانية، وألا ترهقه الأزمات التي أصابت الاتحاد المسيحي، وآخرها فضيحة الفساد المتعلقة بالعمولات.
فيما مرشح الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولز منهمك في ترتيب موازنة مثقلة بديون بالمليارات بعد أن تطلبت أزمة كورونا اعتماد المزيد من أموال الدعم، ويتماهى إلى حد كبير مع المستشارة في الكثير من الطروحات.
وفي السياق، أبرزت "تاغس شبيغل" أخيراً أن الخضر راكم من أعداد المنتسبين خلال العام الماضي، وزادت نسبتهم عن 10% بالمقارنة مع عام 2019، وعددهم وصل إلى 107307 أعضاء، وتشكل النساء 41,7%، مع انضمام مزيد من الناشطات وسيدات الأعمال والنقابيات.
وأشار السياسي عن الخضر ميشائيل كلنر، مع الصحيفة نفسها، أن حزبه، ومع الحضور القوي في الولايات الغربية، حقق نمواً أكبر خلال السنوات الأخيرة في الولايات الشرقية، حيث تجرى ثلاثة انتخابات ولائية في عام 2021.
وأبرز أن ما يدفع الناس للانضمام إلى حزبه أن "المجتمع بات أبعد بكثير من سياسات الائتلاف الكبير والهجمات التي طاولت الديمقراطية، هذا عدا عن أن الحزب عكس أهمية التعددية ودعواتنا للحد من عدم التنوع في المجتمع"، قبل أن يوضح أنه ورغم زيادة عدد الأعضاء، فـ"الحزب لديه أموال أقل من المسيحي الديمقراطي والاشتراكي، لذا نقوم بتعويض النقص من خلال التبرعات"، معرباً عن أن حزبه "يؤيّد تحديد سقوف للتبرعات، ولدينا إصرار على اللوائح القانونية الواضحة".
وشارك الخضر عام 1998 لأول مرة مسؤولية في الحكومة الاتحادية خلال حكم المستشار الاشتراكي غيرهارد شرودر، وتولى أحد سياسييه يوشكا فيشر وزارة الخارجية الاتحادية، وكان أيضاً شريكاً في التحالف خلال ولاية شرودر الثانية بين عامي 2002 و2005، والتي تميزت بالتحول في السياسات الاجتماعية التي تمثلت بتعديلات لقوانين العمل، إلا أنه وبعد أن عانى في انتخابات عام 2005، عاد الخضر إلى المعارضة.