جاءت تصريحات رئيس الاستخبارات الخارجية الألمانية برونو كال، بداية الأسبوع، عن مخاطر عودة مظاهر الجماعات الإرهابية، والحملة الأمنية في ولاية "هيسن" ضد مشتبه بهم بدعم وتمويل "داعش"، إضافة إلى المؤشرات عن الخلفية الإسلامية للهجوم المميت الأخير بالسكاكين في فورتسبورغ، والذي قتل فيه الجاني 3 نساء وجرح 7 أشخاص آخرين، لتدفع بسياسيين وأمنيين لإطلاق تحذيرات من التهديد الذي يشكله هذا النوع من الإرهاب في ألمانيا.
في مقابلة مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ"، قال كال إنه "حتى ولو كان هناك نجاحات مثل الانتصار العسكري على تنظيم داعش في مناطقه الأساسية في العراق وسورية، فقد زاد عدد الجهات المتورطة في الإرهاب. اليوم، لا يستطيع المتشددون تنفيذ هجمات في المنطقة وحسب، بل العمل من هناك مرة أخرى إلى العالم الخارجي".
ولفت إلى أن "الخطر الأكبر هو بتوسع الهياكل الإرهابية حيثما تكون سلطة الدولة وهياكلها غير موجودة"، قبل أن يشدد في حديثه على أن هناك طريقة واحدة فقط لمواجهة انتشار الجماعات الإرهابية وهي: "إظهار حضورنا"، وذلك باستمرار المعركة ضد الخلايا الأساسية لتنظيم "داعش".
وأكد أنه "على أوروبا أن تفعل كل ما في وسعها لدعم منطقة الساحل، وأن تدرك أن هذه منطقة مجاورة حيث يكون للمخاطر الأمنية تأثير فوري"، مضيفا أن "تنظيم داعش تحول منذ سقوط خلافته المزعومة إلى شبكة لامركزية مثل تنظيم القاعدة، وتنتشر له تنظيمات فرعية".
وفي السياق نفسه، بينت "هيئة حماية الدستور" في ألمانيا أخيراً، أن "الهجمات المعقدة والمتعددة، والتي تتناسب مع هجوم فورتسبورغ، تظهر أن معظم الهجمات في السنوات الأخيرة كان مرتكبوها أفرادا، ويمكن تصور حدوث مثلها في أي وقت".
وأبرزت الهيئة في تقريرها عن العام 2020 والذي قدمته في شهر يونيو/حزيران الماضي، أن "هناك تقييمات لكيفية حدوث مثل هذه السيناريوهات أو كيف حصلت: وهي مستوحاة من الدعاية الموجهة للعنف أو من خلال الاتصال بمنظمة إرهابية مثل داعش، واستخدم الجناة وسائل الجريمة التي يمكن الحصول عليها بسهولة ضد أهداف سهلة تسهُل مهاجمتها".
وقادت السلطات الأمنية في ولاية هيسن غرب البلاد، يوم الأربعاء، وبأمر من الادعاء العام الاتحادي، حملة تفتيش ومداهمات ضد مشتبه بتبعيتهم لتنظيم "داعش" في سورية يشتبه بقيامهم بالتحضير لعمليات عنف خطيرة تهدد ألمانيا، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، التي أضافت أن السلطات تجري تحقيقات مع عشرة من المشتبه بهم بخصوص تمويل التنظيم في سورية عبرالتبرعات، ومن بينهم سيدتان، وتتراوح أعمارهم بين 20 و51 عاما، وينتمون لجنسيات مختلفة كأفغانستان وتركيا وكوسوفو وألمانيا، وقد تم خلال المداهمات مصادرة العديد من الأدلة بينها ناقلات بيانات وأموال.
وفي السياق، اعتبرت المتحدثة باسم السياسة الداخلية للحزب "الاشتراكي الديمقراطي" داخل البرلمان اوته فوغت، في تصريحات مع صحيفة "فرانكفورتر الغماينه"، أن "التطرف الديني لم يختف أبدا، وكل عمل جديد ينطوي أيضا على مخاطر. ومن المعروف، أن السلطات تصنف حاليا حوالي 600 إسلامي على أنهم خطرون".
بدوره دعا المتحدث باسم السياسة الداخلية لكتلة الحزب "المسيحي الديمقراطي" ماتياس ميدلبرغ، إلى مناقشة صادقة حول الجريمة المرتكبة من المهاجرين، رغم تأكيده أن اللاجئين من السوريين الأقل ارتكاباً للجرائم من المهاجرين، مقابل من يتحدرون من الدول المغاربية أو جورجيا، وشدد على أن المطلوب الآن "ألا نتوانى عن بذل جهودنا لناحية دمج اللاجئين المعترف بهم في سوق العمل والمجتمع، ومن ناحية أخرى لإعادة الأشخاص الذين ليس لديهم حق الإقامة إلى بلدانهم الأصلية، مع ضرورة منع الأشخاص الخطرين من الاختباء قبل الترحيل".
وكانت صحيفة "فرانكفورتر الغماينه" ذكرت أخيرا، أنه ومن خلال استطلاع أجرته قبل مدة، يتبين أن هناك "ما لا يقل عن 134 سجينا إسلاميا على مساحة البلاد، بينهم 31 في ولاية بافاريا و34 شخصا في ولاية شمال الراين فستفاليا".
وذكرت أنه سيتم إطلاق سراح العديد منهم بين أعوام 2021 و2025، ففي ولاية سكسونيا مثلا سيطلق سراح شخصين في العام 2021، فيما ستسرح ولاية سارلاند 3 أشخاص بحلول العام 2022، و5 أشخاص في ولاية بادن فورتمبرغ في العام 2023، وفي العام 2024 سيتم في بافاريا أيضاً الإفراج عن 6 أشخاص قضوا فترة محكوميتهم، إضافة إلى الإفراج عن آخرين في ولايتي هيسن وسكسونيا.