ألمانيا: اعتراضات على عدم امتثال الحكومة لمطالب أوكرانيا بتسليمها أسلحة دفاعية

18 يناير 2022
وزيرة الخارجية الألمانية التقت اليوم نظيرها الروسي سيرغي لافروف في موسكو (تاس)
+ الخط -

أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أمس الإثنين، من كييف، الدعم الألماني لـأوكرانيا، في حال حدوث مزيد من التصعيد من الوجود العسكري الروسي شرقي البلاد، والخطاب التهديدي الذي يصاحبه، معلنة تضامن برلين والحلفاء الغربيين مع حاجة كييف إلى السيادة ووحدة أراضيها. ومع ذلك، فإنّ ألمانيا لا تريد الامتثال لمطلب الدولة الواقعة شرقي أوروبا بتسليمها أسلحة دفاعية، مع التركيز على أنّ الحوار الجاد مع روسيا والدبلوماسية هما فقط الطرق القابلة للتطبيق لنزع فتيل الوضع المتأزم للغاية. ويأتي ذلك، مع تمسّك حكومة "إشارات المرور" بموقفها المتمثّل بسياسة وقف تصدير السلاح إلى مناطق التوتر والأزمات.

ورفض تسليم أسلحة إلى أوكرانيا جاء عملاً بالسياسة الاستراتيجية الخارجية للحكومة الألمانية الجديدة، بقيادة الاشتراكي أولاف شولتز ومشاركة حزبي "الخضر" و"الليبرالي الحر"، وقد استدعى هذا الرفض رداً حازماً من أحزاب المعارضة في البوندستاغ (البرلمان)، حيث حذّر السياسي عن الحزب "المسيحي الديمقراطي"، نوبرت روتغن، من تقليص "إمكانات الردع ضد روسيا"، وقال، لشبكة "إن تي في" الإخبارية: "أنصحُ بشدة، جميع المعنيين من السياسيين، بعدم استبعاد قدرات الردع ضد روسيا في هذه المرحلة الحرجة".

وأضاف أنه ليس للغرب أن يمنع موسكو من ارتكاب أعمال عنف، إلا إذا كان على فلاديمير بوتين أن يأخذ بالحسبان "عواقب غير متوقعة".

بدوره، اتهم زميل روتغن في الحزب، نائب رئيس الكتلة في البوندستاغ، يوهان فاديفول، في حديث مع صحيفة "تاغس شبيغل"، المستشار الاشتراكي أولاف شولتز، بـ"الخمول" وفشل القيادة في السياسة الخارجية، قائلاً: "نحن في أخطر موقف نشهده منذ نهاية الحرب الباردة، ولا يوجد تهديد أقل من حرب في أوروبا، لكن شولتز بالكاد يظهر في السياسة الخارجية والأمنية، وفي ظل الوضع المتوتر فإنّ تحفّظ رئيس الحكومة الاتحادية أمر خطير.. وهذا لا يكفي في الأزمات"، متسائلاً لماذا لا يقوم شولتز بالتواصل مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أو الأميركي جو بايدن؛ من أجل خلق مبادرة لاحتواء الصراع، و"لا سيما أنّ ألمانيا تتحمل مسؤولية خاصة في أوروبا؟".

وفي خضم ذلك، اعتبرت صحيفة "راينشه بوست" الألمانية، أنه من الواضح أنّ روسيا لم تعد تريد زعزعة استقرار أوكرانيا فقط، لكنها تريد توسيع نفوذها ليشمل أجزاء كبيرة من أوروبا، والقليل من التهديد بفرض العقوبات لم يعد كافياً، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يحرر نفسه من الاعتماد على الطاقة الروسية... وحان الوقت لدعم الإيماءات بالأفعال، وهذا لا يشمل بالتأكيد إهمال طلب الأوكرانيين الحصول على أسلحة دفاعية.

وذكّرت الصحيفة بأن ألمانيا زودت الأكراد بمئات الصواريخ المضادة للدبابات في القتال ضد تنظيم "داعش"، علماً أنها استخدمت على الفور، معتبرة أنّ تزويد كييف بالسلاح الدفاعي "يمكن أن يساعد في ردع العدوان، وهذا ليس من المحرمات"، لا سيما وأنّ روسيا أعلنت بعد "الأسبوع الدبلوماسي" في جنيف وبروكسل وفيينا، أنّ المحادثات قد فشلت. وترافق ذلك مع استمرار حشد الأسلحة الثقيلة وتكنولوجيا الحرب الحديثة على الحدود الأوكرانية، ويصعب تفسير كل هذا بأي طريقة أخرى غير التصميم الراسخ على استخدام القوة، وفق الصحيفة.

أما صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" الألمانية، فاعتبرت أنّ التهديد الروسي "يبدو واضحاً"، وسيكون له تداعيات كبيرة في حال انزلاق الوضع إلى عمل عسكري، مشيرة إلى أنه "لا يمكنك الدفاع عن نفسك إذا أظهرت ضعفك أمام حاكم عدواني".

وعلّقت أنّ "هذا التململ بين الأخلاق الرفعية وادعاء الفعل القائم على القيم من ناحية، والفراغ المحرج والتردد من ناحية أخرى عندما يتعلّق الأمر بالدفاع عن هذه القيم؛ هو أمر كلاسيكي في السياسة الخارجية الألمانية، ولاسيما مع الحكومة الجديدة، التي تعتبر تسليم عدد قليل من بنادق القنص إلى أوكرانيا المهددة بالفعل، عملاً بطولياً".

ورأت أنّ "على ألمانيا تكييف ادعاءاتها مع الواقع وإمكانياته، فرغم أنها ليست قوة عظمى فإنّ لديها الوسائل والتأثير للمساعدة في توضيح الأمر لقوة عظمى عدوانية، وإلا سيكون الأمر مؤلماً للغاية".

وفي هذا الإطار، قال الخبير الأمني والرئيس السابق لمؤتمر ميونخ للأمن، فولفغانغ إيشننغر، في لقاء مع صحيفة "بيلد" الألمانية، مساء أمس الإثنين، إنّ خطر الحرب "حقيقي بالتأكيد"، ورأى أنه من الصعب تخيّل أنّ فلاديمير بوتين، وبعد فترة من التهديد، سيستدير فجأة ويعود بقواته إلى قواعدها، موضحاً أنّه "بالمفهوم الروسي ذلك سيكون خسارة لماء الوجه".

وشدّد على أن المطلوب هو "فعل كل شيء لمنع الحرب، كما أنّ الردع من خلال القوة العسكرية والعرض الشامل للحوار، يخدم المفهوم الكلاسيكي لحلف الناتو"، متسائلاً: "ما هي مساهمتنا في الردع؟"، ومجيباً "يجب على ألمانيا أن تسأل نفسها مع شركائها عما ستحققه إذا كانت تتعامل دائماً مع شحنات الأسلحة المحتملة كأنها محرمات، وفي الوقت نفسه مع العقوبات الاقتصادية بشكل سلبي".

المساهمون