ذكر موقع "أكسيوس" الأميركي، اليوم الأربعاء، أن العلاقات الأميركية الإسرائيلية في أزمة كاملة، بعد أقل من ثلاثة أشهر على عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
ولفت الموقع إلى استدعاء الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايك هيرتسوغ، للاحتجاج على قانون إسرائيلي تمّ تمريره في وقت سابق من اليوم نفسه، والذي ألغى فك الارتباط الإسرائيلي عام 2005 عن شمال الضفة الغربية المحتلة.
ويأتي هذا "التوبيخ الأميركي" النادر لأحد أقرب الحلفاء، بعد أسابيع من التوترات المتصاعدة بين الجانبين.
كيف بلغت العلاقات هذه المرحلة؟
يقول مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن للموقع إنهم كانوا يعلمون بأن أزمة مع الحكومة الإسرائيلية ستحصل في وقت ما، لكنهم حاولوا تأجيلها قدر الإمكان. وقد عبّرت الإدارة عن مخاوفها حتى قبل أن يؤدي نتنياهو اليمين، بما في ذلك ما يتعلّق بالمناصب الوزارية التي كان من المقرّر أن يمنحها لشركاء معينين من اليمين المتطرف في ائتلافه. لكن في ذلك الوقت، كما يقول المسؤولون الأميركيون، أرادت إدارة بايدن تجنّب المواجهة، حتى تتمكن من العمل مباشرة مع نتنياهو في مواجهة إيران، وتوسيع اتفاقيات التطبيع.
من جانبه، سعى نتنياهو إلى طمأنة المخاوف الدولية بشأن حكومته، قائلاً لوسائل الإعلام الأميركية إنه سيتولّى القيادة، وليس شركاءه اليمينيين المتطرفين في الائتلاف.
وعلى الرغم من ذلك، بدأت التوترات تتفاقم، وفق الموقع، بعد أسابيع فقط من أداء الحكومة الإسرائيلية اليمين الدستورية، عندما قدّم الائتلاف الحكومي خطته لإضعاف المحكمة العليا، والمؤسسات الديمقراطية الأخرى. وقد عبّر المسؤولون الأميركيون، بمن فيهم بايدن، عن مخاوفهم بشأن ما ستعنيه هذه الخطة بالنسبة للديمقراطية الإسرائيلية.
وتصاعدت التوترات أيضاً بشأن حوادث عدة في الضفة الغربية، بما في ذلك دعوة وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى "محو" قرية حوارة الفلسطينية، وهي دعوة حاول بعدها التراجع عنها. وقد قاد هذا التعليق البيت الأبيض إلى الإعلان علانية عن أن إدارة بايدن ستقاطع سموتريتش خلال زيارته إلى واشنطن، في وقت درست وزارة الخارجية عدم منحه تأشيرة.
ويشير الموقع إلى أن التوترات استمرّت في الظهور، عندما دان البيت الأبيض سموتريتش مرة أخرى، وهذه المرة لادعائه أن الشعب الفلسطيني كان "اختراعاً"، ولا وجود له. وتفاقمت هذه التوترات عندما ألغى الكنيست الإسرائيلي، الثلاثاء، قانون فك الارتباط لعام 2005.
وتسمح هذه الخطوة للمستوطنين الإسرائيليين بالدخول إلى المنطقة الواقعة بين مدينتي جنين ونابلس، والتي كانوا قد أخلوها عام 2005. ويمكن لهذه الخطوة أن تزيد بشكل كبير احتمالات الاحتكاك بين المستوطنين والفلسطينيين في المنطقة الأكثر حساسية واضطراباً في الضفة الغربية المحتلة. ووصفت الولايات المتحدة هذه الخطوة بأنها "استفزاز"، وانتهاك للالتزامات التي تعهدت بها الحكومة الإسرائيلية للولايات المتحدة.
تفاصيل استدعاء السفير الإسرائيلي
يؤكد مصدران إسرائيلي وأميركي، أن هيرتسوغ استُدعي في مهلة قصيرة للقاء نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان.
وينقل الموقع عن مصدر مطلع على اللقاء، قوله إن الاجتماع بين شيرمان وهيرتسوغ كان صعباً للغاية، وقد أكدت شيرمان خلاله أن القانون الجديد يُعدّ انتهاكاً لالتزامات الحكومة الإسرائيلية تجاه الولايات المتحدة ومصر والأردن، يوم الأحد الماضي، خلال قمة شرم الشيخ. وشملت تلك الالتزامات تجنّب اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى تصعيد الوضع في الضفة الغربية.
وفي هذا السياق، يقول مصدر أميركي لـ"أكسيوس" إن استدعاء هيرتسوغ جاء نتيجة تمادي الإسرائيليين، من قضية الإصلاح القضائي، مروراً بقضية سموتريتش، وصولاً إلى "فك الارتباط".
من جهته، يدّعي مسؤول إسرائيلي أن الاستدعاء لم يكن مؤشراً على وجود أزمة بين الجانبين، لكنه مجرد وسيلة لوزارة الخارجية للتعبير عن مخاوفها.
ورفض نتنياهو، اليوم الأربعاء، انتقادات إدارة بايدن، قائلاً إن القانون الجديد يضع حدّاً لقانون تمييزي ومهين، يمنع اليهود من العيش في مناطق شمال السامرة، "وهي جزء من وطننا التاريخي"، وفق قوله.
في الوقت نفسه، شدّد مكتب نتنياهو على أن الحكومة لا تنوي إقامة مستوطنات جديدة في أجزاء الضفة الغربية التي يتناولها القانون الجديد.
ويلفت الموقع هنا إلى أن نتنياهو متمرّس في التعامل مع التوترات والأزمات مع رئيس ديمقراطي، بعد ثماني سنوات من العمل مع إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. ويشير أحد مساعديه للموقع، في إشارة إلى الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة: "لنتحدث مرة أخرى في عام 2024".
يذكر أن آخر مرة تم فيها استدعاء سفير إسرائيلي إلى الخارجية الأميركية كانت في عام 2010، عندما وافقت إسرائيل على بناء جديد في مستوطنة في القدس الشرقية، خلال زيارة بايدن إلى إسرائيل، عندما كان نائباً للرئيس.