استبق قادة الأحزاب السياسية في الجزائر مثول رئيس الحكومة أيمن عبد الرحمن لعرض بيان السياسة العامة (الحصيلة السنوية للحكومة)، بإعلان مواقف استباقية، وتقديم توجيهات لنواب الكتل النيابية التابعة لهم، لتحديد إطار التقييم النيابي وسقف الانتقادات الممكن توجيهها إلى الحكومة، وكيفية قراءة البيان الحكومي بصيغة لا تتصادم مع مواقف هذه الأحزاب المؤيدة والمعارضة للحكومة.
وحث الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، أبو الفضل بعجي، نواب الكتلة البرلمانية للحزب، خلال لقاء عقد مساء الأحد، إلى "نقاش جدي وشفاف لبيان السياسة العامة، ليس من باب التملق أو بحثاً عن مغانم سياسية، إنما من منطلق قناعتنا الراسخة بأن ما تحقق خلال سنة جدير بالتنويه"، مشيراً إلى أن "الجزائر تتغير وتتطور في اتجاه الاستجابة لطموحات الشعب وتطلعات الشباب (...) الحزب يدعم مسعى بناء جزائر قوية ورائدة ومتطورة، وهذا الدعم نابع من كون الحزب شريكا فعليا ومخلصا في تحقيق ما يطمح له الشعب".
كما ذكّر بعجي نوابه بأن الحزب قوة موالية للرئيس تبون، ويدعم مشروعه السياسي، وقال إن "المقارنة بين ما وعد به الرئيس تبون وما خططت له الحكومة في برنامج عملها، وبين ما تحقق من إنجازات، كفيل بالإجابة، لذلك فإن دعمنا لمسعى بناء جزائر قوية، نجسده بالفعل، فنحن شركاء فعليين من خلال وزرائنا في الحكومة، ونواب حزبنا في البرلمان بغرفتيه"، ويفهم من هذه التصريحات توجيه نواب كتلة الحزب إلى تثمين منجزات الحكومة وإبراز دعم الحزب لسياسات الرئيس تبون.
ويقدم رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمن، اليوم الاثنين، بيان السياسة العامة أمام البرلمان، وفقاً للدستور الذي يلزمها بتقديم حصيلة سنوية للبرلمان، وكان الرئيس تبون قد أكد قبل أسبوع، خلال لقاء الحكومة بحكام الولايات، أن النواب من حقهم انتقاد عمل الحكومة والقطاعات الوزارية.
وفي السياق، اعتبر رئيس حزب الشعب لمين عصماني، في لقاء مع كوادر ونواب حزبه في البرلمان، أن هذه فرصة مهمة لإحداث تقييم موضوعي لعمل الحكومة، وقال إنه "من المهم أن تجرى مناقشة هذا البيان بكل ديمقراطية وبروح مسؤولة، ومن حق النواب، ضمن دورهم وصلاحياتهم الدستورية، ممارسة حق تقييم عمل وحصيلة الحكومة بالطريقة التي تثمن المنجز وتشير إلى نقاط الخلل".
وفي نفس السياق، أكد رئيس حركة البناء الوطني من الحزام الحكومي عبد القادر بن قرينة، في اجتماع عقده مع نواب كتلة الحركة عشية مناقشة البرلمان بيان السياسة العامة، ضرورة تبني خطاب متعاون مع الحكومة، وأوضح أن "حجم المسؤوليات الملقاة عليكم يفرض على كل نائب منكم أن يسخر كل وقته وإمكانياته للعمل الجاد والمستمر، لتحقيق التميّز في الأداء وفي المنافسة، التي نسعى من خلالها لإبراز مبادراتنا في ظل استراتيجية المشاركة الإصلاحية، والمعارضة الإيجابية"، وحث النواب على "التعاون مع الحكومة في حل الأزمات والتحديات التي تواجه المواطنين، والعمل على تعزيز التواصل مع الطاقم الحكومي عبر الحوار الهادف والودي".
لكن رئيس حركة مجتمع السلم، التي تحوز على أكبر كتلة معارضة في البرلمان، عبد الرزاق مقري، وجه انتقادات حادة للبيان الحكومي، واعتبر أنه يتضمن مؤشرات بعيدة نسبياً عن الواقع الاقتصادي والسياسي للبلاد، وهو موقف يقود إلى تصور موقف كتلة الحركة والانتقادات التي ستوجهها للحكومة، خلال الأيام الثلاثة التي ستجرى فيها المناقشات في البرلمان، وأكد مقري، في تقدير موقف نشره بعد ندوة نظمتها الحركة لنوابها مع خبراء اقتصاديين، أن "ما ورد في بيان السياسة العامة يؤكد أن البلد يحتاج إلى التغيير، ويؤكد صوابية تواجهاتنا كحزب وطني معارض ينقد وينصح ويؤهل نفسه كل يوم ليكون هو البديل"، مضيفاً أن كتلة الحزب "ستناقش بيان السياسة العامة من هذا المنطق، من موقعنا كحزب معارض وفق ما تنص عليه الصلاحية الدستورية والقانونية".