أزمة نقص الكهرباء تنذر بتحرّك الشارع العراقي مجدداً

10 يوليو 2023
تشهد البصرة تظاهرات متكررة في فصل الصيف بسبب انقطاع الكهرباء (حسين فالح/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت محافظة البصرة أقصى جنوب العراق، تظاهرات حاشدة وقطعاً للطرقات ليلة أمس، احتجاجا على الانخفاض الكبير في ساعات تجهيز التيار الكهربائي، الأمر الذي ينذر بتحرك الشارع العراقي مجددا بشأن أزمة الكهرباء، وسط مطالبة الحكومة بالإيفاء بتعهداتها بـ"صيف مختلف".

ومع تصاعد الحرارة في العراق إلى 50 درجة مئوية، تزايد انقطاع التيار الكهربائي خلال الأيام الماضية وصولاً إلى 16 ساعة يومياً، ما فاقم معاناة العراقيين التي تتوزع في اتجاهات عدة. وعزت وزارة الكهرباء السبب إلى وقف إيران إمدادات الغاز الذي يستخدم في توليد الطاقة الكهربائية نتيجة عدم تسديد العراق مبالغ ديونه المستحقة لها، تنفيذاً للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران.

وليل أمس الأحد، خرج المئات من أهالي محافظة البصرة بتظاهرات غاضبة، طالبوا فيها بتوفير التيار الكهربائي، وتنفيذ الحكومة وعودها بهذا الاتجاه، وأحرق المتظاهرون إطارات وقطعوا عددا من الشوارع في مركز المدينة، وسط انتشار أمني مشدد.

الناشط المدني، علي الفتلاوي، أكد أن "الحكومة فشلت بأول اختبار لها، وانقطاع التيار في ظل تصاعد درجات الحرارة بدأ بإثارة غضب الشارع العراقي"، معتبرا في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة كحال سابقاتها لم تقدم سوى الوعود، وأن هذا الأسلوب سيحرك الشارع العراقي ضدها في حال لم تجد حلا عاجلا للتيار الكهربائي"، مرجحا "اتساع موجة التظاهرات خلال الأيام القادمة لتشمل أغلب المحافظات العراقية ومنها العاصمة بغداد".

وقبل يومين شهدت محافظات عدة من بينها بابل والديوانية وذي قار احتجاجات مماثلة، ومطالبات بحل أزمة الكهرباء وعدم الاكتفاء بالوعود.

جماعة "رفض"، إحدى الحركات المدنية العراقية، حمّلت الحكومة مسؤولية الفشل بحل أزمة الكهرباء، وقالت في بيان لها مساء أمس الأحد: "رغم تعهدات السوداني بصيف مختلف إلا أننا شهدنا فشلا ذريعا بتوفير التيار الكهربائي، محملا الحكومة مسؤولية الفشل بهذا الملف واستمرار إيهام الناس بتعليق الفشل على العامل الخارجي".

النائب ماجد شنكالي، أكد في تغريدة له، أنه "لا يمكن إصلاح منظومة الكهرباء في العراق إلا بخصخصة المنظومة الكهربائية بالكامل من إنتاج وتوزيع ونقل وجباية، على أن تتحمل الدولة دعم العوائل الفقيرة، عدا ذلك كله حلول ترقيعية لن تقدم ولن تؤخر، وسيكون حالنا نفس الحال الذي كان في الحكومات والسنوات السابقة…".

أما الباحث في الشأن السياسي إياد العنبر، فقد علق على ذلك بالقول: "الكهرباء في العراق لم تعد قضية خدمية، وإنما قضية سيادية، وتوفيرها من دون الاعتماد على الغاز الإيراني أو الربط مع دول الجوار أهم ملف في استعادة سيادة العراق"، مشددا "عدا ذلك أحاديث عن نجاح الحكومة في السياسة الخارجية من دون خدمة المواطن واقتصاد البلد فهي مجرد ثرثرة ولغو سياسي".

مقابل ذلك، أكدت وزارة الكهرباء، وجود تحركات حكومية لحل الأزمة، وفيما أشارت إلى أن نقص الغاز المورد من إيران تسبب بفقدان 5000 ميغاواط، حددت شرطا لتحسين التجهيز، وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد موسى، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، مساء أمس الأحد، إن "نقص الغاز المورد من إيران يلقي بظلاله على المنظومة وتسبب بفقدان ما يقارب 5000 ميغاواط، إضافة إلى عدم كفاية الغاز الوطني والذي انعكس سلباً على ساعات تجهيز الكهرباء".

وأشار إلى أن "وزارة الكهرباء تحاول التنسيق مع الجانب الإيراني، لمعاودة ضخ الغاز بالكميات المطلوبة، ريثما تجد حلا لتحويل المستحقات المالية، إضافة إلى ‏التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من غاز كوقود لتشغيل المحطات".

وكان التحالف الحاكم في العراق "الإطار التنسيقي"، قد حمل أمس الأحد، الجانب الأميركي مسؤولية ملف الكهرباء، داعيا الحكومة الى مخاطبة الجانب الأميركي لإطلاق مستحقات استيراد الغاز الإيراني، لأجل توفير الطاقة في العراق.

وكان رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وصف أخيراً أزمة النقص الحاصل في توفير إمدادات الطاقة بأنها "مشكلة مزمنة تتطلب معالجتها امتلاك استعدادات عالية". وأكد مواصلة الحكومة تقليل الاعتماد على الغاز المستورد في تشغيل محطات الإنتاج.

وسبق أن أعلنت حكومة السوداني أن مشكلة الكهرباء ضمن أولويات برنامجها، لكنها تواجه فعلياً عقبات عدة لاستئصالها من جذورها، وحتى على صعيد إنتاج الكهرباء محلياً باستخدام الموارد الأولية التي يملكها العراق، من دون الاعتماد على مصادر إنتاج من الخارج.