أزمة "الملك والأمير" تهزّ صورة "الأردن المستقرّ"

05 ابريل 2021
قال الأمير حمزة بن الحسين إنه أُمر بالبقاء في المنزل (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

تصدّرت التطوّرات الأخيرة المتسارعة في الأردن المواقع والصحف العالميّة، مع الحديث عن محاولة انقلاب مزعومة، واعتقالات طاولت شخصيات بارزة، أبرزها الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، ولي عهد الأردن السابق الأمير حمزة بن الحسين، الذي أكد وضعه تحت الإقامة الجبرية.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الأحد، إن مملكة الأردن كانت تُعتبر لفترة طويلة واحة للاستقرار النسبي في المنطقة، لكن تلك الصورة الهادئة انقلبت بعد خروج الاضطراب القائم منذ فترة طويلة بين الملك عبد الله الثاني والأمير حمزة إلى العلن.

ونقلت الصحيفة عن الاقتصادي ووزير الخارجية السابق جواد العناني قوله في مقابلة عبر الهاتف، الأحد، إن الطريقة التي تمّ الكشف فيها عمّا حصل، باعتقالات ومقاطع فيديو، كانت مروّعة، لافتاً إلى أنهّ على الرغم من التوترات، لطالما قدّمت العائلة الملكية صورة الجبهة الموحدة، إلا أنّ أحداث أمس (السبت)، حطّمت تلك الصورة، وتفجّرت الخلافات في وضح النهار.

ووفق الصحيفة، فإنّ الأزمة التي حدثت في نهاية الأسبوع، دفعت بحلفاء الأردن، مثل الولايات المتحدة وغيرها، الذين يرون في الملك عبد الله شريكاً حاسماً في مكافحة الإرهاب في المنطقة، إلى الإعراب عن دعمهم له. ويُعتبر الأردن ركيزة للأمن الإقليمي بسبب حدوده مع كلّ من سورية، العراق، إسرائيل، والضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل، وهو مهمّ لأي اتفاق سلام مستقبلي بين إسرائيل والفلسطينيين، وفق الصحيفة.

وتحدّثت عن أنّ الخلاف ظهر أيضاً كحرب علاقات عامة موجهة إلى واشنطن أيضاً، إذ بثّ الأمير حمزة شريط فيديو باللغة العربية، مع حرصه على إصدار نسخة باللغة الإنكليزية أيضاً.

ووفق الصحيفة، فإنّ المواجهة بين الملك والأمير أبرزت، بالنسبة للعديد من المراقبين الدوليين، هشاشة الهياكل الاجتماعية الكامنة خلف الواجهة الهادئة للأردن.

يرى حلفاء الأردن، مثل الولايات المتحدة وغيرها، في الملك عبد الله شريكاً حاسماً في مكافحة الإرهاب في المنطقة

وفي شريط فيديو قالت الصحيفة إنها حصلت عليه، قال الأمير حمزة بن الحسين إنه أُمر بالبقاء في المنزل وعدم التواصل مع أحد، بسبب ادعاءات بأنه حضر اجتماعات تمّ فيها انتقاد الملك، مشدداً على أنه لم يكن جزءاً من أي مؤامرة أو منظمة شائنة أو جماعة مدعومة من الخارج، منتقداً بشدة الحكومة الأردنية التي وصفها بالفاسدة وغير المتسامحة مع النقد.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قامت فروع مختلفة في العائلة الملكيّة بإصدار ادعاءات وادعاءات مضادة، أبرزها الملكة نور، والدة الأمير حمزة، التي دافعت عنه، في تغريدة عبر "تويتر"، متمنية أن تظهر الحقيقة والعدالة لـ"جميع الضحايا الأبرياء لهذا الافتراء الخبيث"، قبل أن تغرّد الأميرة فريال، عمّة الملك، متحدثة عن "طموح أعمى للملكة نور وأبنائها"، واصفة إياه بأنه غير مستحق، قبل أن تعود وتحذف التغريدة.

تحذير من تفاقم الوضع

بدورها، تحدثت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، الأحد، عن أن الأردن لطالما ظهر كمعقل للاستقرار في منطقة مضطربة بالثورات والصراعات، وأن الملك عبد الله تفادى بذكاء ثورة كانت ناضجة في عام 2011، من خلال الدفع بإصلاحات دستورية وقانونية. وقالت: "لكن الحقيقة، طبعاً، أكثر تعقيداً"، لافتة إلى أن الأردن يعاني منذ مدة، ومن الواضح أنّ النظام يشعر بأنه تحت الضغط.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأمير حمزة، ورغم خفض رتبته، بقي يحظى بشعبية، خصوصاً بين العديد من العشائر القوية والتي يزداد سخطها، والتي عقدت عدداً كبيراً من الاجتماعات مع الأمير حمزة في الفترة التي سبقت أحداث السبت. وفي هذا السياق، يقول الخبير والمحلل المقيم في الأردن تايلور لاك إن ما يجعل ما حصل السبت مختلفاً، هو أنّ الشخصيات المعتقلة تشمل أعضاء من النخبة، سواء كانوا من القبائل، اقتصاديين، أو من العائلة الملكية.

وحذر الخبراء من أنه عوضاً عن التغطية على انتفاضة محتملة داخل البلاد، فإنّ حملة الاعتقالات الدراماتيكية لن تؤدّي إلا إلى تفاقمها. ووصفت أستاذة السياسة في جامعة ووترلو باسمة موماني، ما حصل بأنه إثبات انقلاب لمنع الأمير حمزة من استغلال ضعف النظام، لكن للأسف سيكون له تأثير عكسي، مضيفة: "لقد اعتقلوا أميراً يحظى بشعبية، وأصبح أردنيون، خصوصاً من قبائل الضفة الشرقية، غاضبين الآن".

وليس من الواضح ماذا سيحصل تالياً، إلا أنه مؤشر صارخ على مدى انزعاج السلطات الأردنية، وفق "إندبندنت".

المساهمون