أريزونا تقرّب الديمقراطيين من مجلس الشيوخ

12 نوفمبر 2022
نجح مارك كيلي في الاحتفاظ بمقعده في أريزونا (كيفن ديتش/Getty)
+ الخط -

نجح الديمقراطيون في قلب التوقعات لانتخابات التجديد للكونغرس التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، فبعدما كانت الترجيحات تصب في خانة الحديث عن "موجة حمراء" ستسمح للجمهوريين باستعادة مجلس النواب، وربما مجلس الشيوخ أيضاً، جاءت النتائج مغايرة بشكل كبير، لا سيما مع فوز مرشح الحزب الأزرق للشيوخ في أريزونا، لتتعادل الكفة بـ49 مقعداً لكلا الحزبين في هذا المجلس.

أما في مجلس النواب، فلا تزال السيطرة عليه معلّقة حتى الآن، على الرغم من تقدّم الجمهوريين بـ211 مقعداً مقابل 203 لخصومهم (من أصل 435 مقعداً). ولكن حتى لو حصل الجمهوريون على الأغلبية في هذا المجلس، وهي 218 عضواً، فسيكون ذلك بهامش أقل بكثير مما كان يأمل قادة الحزب الجمهوري.

ويبدو أن هذه النتيجة ستكون لها ارتدادات سريعة داخل الحزب الأحمر، لا سيما على كيفين مكارثي، الذي كان يأمل الخروج من هذه الانتخابات بتفويض واضح ليصبح زعيم الأغلبية المقبل في مجلس النواب. أما المتضرر الأكبر فيُتوقع أن يكون الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يعتزم إعلان ترشحه للرئاسة الأسبوع المقبل، بعدما أصر على دعم بعض المرشحين عديمي الخبرة لمجلس الشيوخ، لتأتي خسارتهم ضربةً له وترفع الانتقادات له داخل الحزب.

في المقابل، كانت سلسلة انتصارات الديمقراطيين بمثابة انقلاب في اتجاه حزب بدا أنه يواجه مشكلة خطيرة قبل الانتخابات. وكان المرشحون يعملون في ظل انخفاض معدل التأييد الشعبي للرئيس جو بايدن، والمناخ الاقتصادي غير المؤاتي، مع التضخم وارتفاع أسعار الغاز، ويواجهون اتجاهات تاريخية تميل إلى خسارة حزب الرئيس في دورة التجديد النصفية للكونغرس.

سلسلة انتصارات الديمقراطيين بمثابة انقلاب في اتجاه حزب بدا أنه يواجه مشكلة خطيرة قبل الانتخابات

لكن جملة من الظروف المتقاطعة أثرت على سلوك الناخبين، بما في ذلك قرار المحكمة العليا، في يونيو/حزيران الماضي، إلغاء حق الإجهاض الذي أغضب الكثير من الأميركيين في جميع أنحاء البلاد. كما أن دعم ترامب لمرشحين يمينيين متطرفين موالين له، جعل الناخبين لا يستجيبون بالتصويت لهم. في النهاية، خرج الديمقراطيون إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة لحماية مرشحيهم الحاليين.

وفي حال نجاح الديمقراطيين في الحفاظ على سيطرتهم على مجلس الشيوخ، فإن ذلك سيعطي بايدن بعض النفوذ لاستكمال جدول أعماله بغض النظر عن النتيجة في مجلس النواب. فلو نجح الجمهوريون في السيطرة على مجلس الشيوخ، لكان بإمكانهم أن يعقّدوا جدول أعمال بايدن خلال العامين المقبلين، مثل عرقلة تعيين مسؤولي الحكومة والقضاة.

فوز مارك كيلي في أريزونا

وجاءت النتيجة المهمة للحزب الأزرق بفوز مرشحه لمجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، رائد الفضاء السابق مارك كيلي، ليُصبح الحزب بالتالي على مسافة مقعدٍ واحد فقط للاحتفاظ بغالبيّته. وتغلب كيلي على خصمه الجمهوري بليك ماسترز في هذه الولاية، وفق نتائج أعلنت فجر اليوم السبت، ليرتفع عدد أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين إلى 49، مقابل 49 أيضاً للجمهوريين في المجلس.

وما زال يتعيّن حسم مقعدين، واحد في نيفادا حيث يستمر فرز الأصوات، والآخر في جورجيا حيث ستجرى دورة ثانية في 6 ديسمبر/كانون الأول المقبل. وفي حال حصل كل من الحزبين على 50 مقعداً، أي بقي الوضع على حاله، فسيحتفظ الديمقراطيون بسيطرتهم على مجلس الشيوخ بفضل الصوت المرجح لنائبة الرئيس كامالا هاريس.

ويمكن أن يصل الديمقراطيون إلى 50 مقعداً إذا نجحوا في ولاية نيفادا، حيث تقترب السيناتور الديمقراطية كاثرين كورتيز ماستو من الجمهوري آدم لاكسالت، المدعي العام السابق للولاية، الذي وصف الانتخابات الرئاسية عام 2020 بأنها "مزورة". وقد يحدد سباق نيفادا في النهاية توازن القوى في مجلس الشيوخ. ويدافع الديمقراطيون أيضاً عن مقعد في جورجيا، حيث يتجه السيناتور الديمقراطي رافاييل وارنوك والمرشح الجمهوري هيرشل ووكر إلى جولة إعادة في 6 ديسمبر.

وتوَّج فوز كيلي، الذي انتخب عام 2020 لملء ولاية السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، سلسلة من الانتصارات للديمقراطيين. فيما كانت هزيمة منافسه ماسترز بمثابة رفض آخر من قبل الناخبين لمرشح يدعمه ترامب، وصوّره الديمقراطيون على أنه متطرف.

وجاء فوز كيلي بعد أن اقتحم ديمقراطيون بارزون، بمن فيهم الرئيس السابق باراك أوباما، السباق في الولاية في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات، محذرين من أن مصير الديمقراطية الأميركية على المحك.

شكك جمهوريون بنتائج الفرز في أريزونا متحدثين عن تزوير وعمليات احتيال

لكن بعض الجمهوريين لم يكونوا قد اعترفوا حتى عصر اليوم بنتائج ولاية أريزونا، محاولين إثارة الجدل حول فرز الأصوات، تحديداً في مقاطعة ماريكوبا بأريزونا. ويوم الجمعة، وصف ماسترز عملية الفرز في ماريكوبا بأنها "غير كفؤة"، مشيراً إلى مشكلة في الطابعات أدت إلى عدم جدولة بعض بطاقات الاقتراع بشكل صحيح يوم الثلاثاء، على الرغم من أن مسؤولي الانتخابات قالوا إن هذه المسألة تم حلها في غضون ساعات يوم الانتخابات.

كما اتهم ماسترز المقاطعة بخلط أوراق الاقتراع غير المحسوبة بأوراق الاقتراع التي تم فرزها بالفعل. وأصدرت اللجنة الوطنية الجمهورية والحزب الجمهوري في ولاية أريزونا بيانا، قالا فيه إن الانتخابات "كشفت عن عيوب عميقة في إدارة انتخابات مقاطعة ماريكوبا. تستحق أريزونا أفضل، الشفافية واليقين والكفاءة، والأهم من ذلك، إعلان دقيق وسريع لنتائج الانتخابات التي يمكن قبولها من قبل جميع الناخبين".

كما كتب ترامب على شبكته للتواصل الاجتماعي، الجمعة، أن بعض الآلات الانتخابية لم تعمل في ولاية أريزونا،ما أدى إلى "عملية احتيال وتزوير انتخابي"، ودعا إلى "إعادة عملية الانتخاب".

سقوط "المد الجمهوري": مسؤولية ترامب؟

لكن هذا التشكيك لن يغير من هذه النتيجة التي تُسقط آمال أنصار ترامب في "مد" جمهوري، خصوصاً بعد جولة مخيبة للآمال للعديد من المرشحين الذين دعمهم في الانتخابات النصفية. وكان الرئيس السابق قد راهن ببعض نفوذه على نتيجة السباق في أريزونا، فقد دعم ترشيح ماسترز خلال الانتخابات التمهيدية الجمهورية، وتوجّه إلى الولاية لدعمه، علماً أن ماسترز اعتنق بعض خطابات الرئيس السابق التي تنكر نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020.

وفي ولاية بنسلفانيا، خسر الجمهوريون مقعداً ذا أهمية في مجلس الشيوخ، بسقوط مرشح ترامب الطبيب الشهير محمد أوز، الذي لم يكن قد شغل مناصب عامة من قبل وعاش معظم حياته في نيوجيرسي. ومع هذه النتيجة الباهتة، بدأت بعض الأصوات داخل الحزب الجمهوري تشكك في تأثير ترامب.

وتحدثت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن صراع كبير داخل الحزب. ولفتت إلى أن ترامب سعى للعب دور صانع الملوك، ليحاول المرشحون الجمهوريون عدم معارضته، وهو ما أدى إلى خسارة في بنسلفانيا وأريزونا ونيو هامبشاير. وكان الرئيس السابق قد أعلن قبل الانتخابات النصفية أنه يريد "كل الفضل" إذا فاز الجمهوريون. وقال لـ"نيوز نيشن": "إذا خسروا، فلا ينبغي لومي على الإطلاق".

ترتفع الأصوات الجمهورية المنتقدة لترامب بعد النتائج المخيبة في الانتخابات

وأمام النتائج المخيّبة، ترتفع الأصوات المنادية بضرورة تنحي ترامب. وقالت نائبة حاكم ولاية فرجينيا وينسوم إيرل سيرز، وهي جمهورية أيّدت ترامب بشدة: "اتضح أن أولئك الذين لم يؤيدهم (ترامب) أدوا بشكل أفضل من أولئك الذين صادق عليهم... يمنح هذا دليلاً على أن الناخبين يريدون المضي قدماً. والزعيم الحقيقي يعرف متى أصبح عبئاً على المهمة".

كما دار نقاش مماثل على قناة "فوكس نيوز"، التي كانت أبرز داعمي ترامب خلال السنوات التي قضاها في البيت الأبيض. وقال المضيف في القناة جيسي ووترز: "أنا أحب ترامب. أعتقد أنه مرشح رائع. لقد أحببته كرئيس". لكنه أضاف: "إنه يُخرِج مثل هذا الجنون لدى اليسار. سوف يمشون فوق الجمرات الساخنة للتصويت ضد دونالد ترامب".

المساهمون