أرمينيا وأذربيجان: حرب جديدة أو تسوية تاريخية

08 سبتمبر 2023
قرية تاغافارد في ناغورنو كاراباخ، يناير 2021 (أرتيم ميكريوكوف/رويترز)
+ الخط -

تتلاحق مؤشرات عودة التسخين في الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان، ويترافق ذلك مع تدهور في العلاقات بين موسكو ويريفان، عكستها مجموعة من المواقف والتطورات، تظهر أن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بات يعطي كتفاً بارداً للكرملين، ويعيد توجيه بوصلة سياسات حكومته نحو بناء علاقة مع الغرب كبديل استراتيجي للتحالف مع روسيا.

وتنطوي المؤشرات على احتمالين متناقضين تماماً: الاحتمال الأول حصول جولة جديدة من الحرب بين أرمينيا وأذربيجان. والاحتمال الثاني أن يكون التسخين بهدف تحريك العملية التفاوضية بين حكومتي البلدين، للوصول إلى تسوية سياسية للنزاع على إقليم ناغورنو كاراباخ تكون مقبولة من الطرفين، ويؤدي فيها الغرب دور الوسيط الرئيسي، على حساب الدور الروسي.

تصاعد التوتر على الحدود

خلال الأيام القليلة الماضية، شهدت الحدود بين أرمينيا وأذربيجان تفاقماً في الأوضاع، ففي الأول من سبتمبر/أيلول الحالي، جرت عمليات إطلاق نار واتهامات متبادلة بين الطرفين. حينها، ذكرت وزارة الدفاع الأرمينية في بيان أن "وحدات من القوات المسلحة الأذربيجانية فتحت النار من أسلحة خفيفة باتجاه المواقع الأرمينية الواقعة في منطقة نوراباك".

وأعلنت الوزارة مقتل اثنين من جنودها وإصابة جندي آخر خلال قصف أذربيجاني لمواقع أرمينية في قطاع سوتك في منطقة جيجاركونيك. بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن الجانب الأرميني وجّه ضربات مدفعية إلى مواقع الجيش الأذربيجاني في منطقة كيلبجار.

وأضافت أن الجيش الأرميني يجمع معدات وقوى بشرية إضافية، في حين نفت يريفان هذه التقارير. وأكدت باكو إصابة ثلاثة جنود أذربيجانيين. وبحسب الجانب الأذربيجاني، أصيب جنديان نتيجة هجوم بطائرة مسيّرة أرمينية على مواقع في منطقة كيلبجار.

وقال باشينيان خلال اجتماع لحكومته في يريفان أمس الخميس إن "الوضع العسكري السياسي في منطقتنا تدهور بشكل خطير". وأضاف أن أذربيجان "تحشد" قواتها على الحدود المشتركة بين البلدين وأيضاً بالقرب من كاراباخ. وتابع: "تُظهر أذربيجان نيّتها القيام باستفزاز عسكري جديد ضد كاراباخ وأرمينيا".


تسعى أرمينيا من خلال تطوير علاقاتها مع الغرب إلى ممارسة ضغوط أكبر على أذربيجان

وفي تطور لافت، أصدرت وزارة الدفاع الأرمينية بياناً أول من أمس الأربعاء، كشفت فيه عن تدريب أمني أرميني ـ أميركي مشترك، سيجرى في الفترة الممتدة بين 11 و20 سبتمبر الحالي، الهدف منه "رفع مستوى خبرات الوحدات المشاركة في بعثات حفظ السلام الدولية".

وسيشمل التدريب "عمليات تثبيت العلاقات بين الأطراف المتنازعة عند القيام بمهام حفظ السلام، إلى جانب هدف تبادل الخبرات المتقدمة في مجال السيطرة والاتصالات التكتيكية، واستعداد الفرقة الأرمينية للعمليات المخطط لها".

في المقابل، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، في تصريحات للصحافيين أمس الخميس، إن حقيقة أن أرمينيا تخطط لإجراء مناورات عسكرية مع الولايات المتحدة الأسبوع المقبل لا تساعد في استقرار الوضع. وأكد أن روسيا تواصل القيام بدورها ضامناً للأمن في القوقاز.

ويمكن اعتبار هذه التدريبات، على الرغم من محدوديتها، مؤشراً مهماً على توجهات يريفان، لا سيما إذا جرى ربطها بتجميد أرمينيا فعلياً التعاون في إطار "منظمة الأمن الجماعي" (تجمع عسكري لدول كانت منضوية في الاتحاد السوفييتي سابقاً)، فقد رفضت، في يناير/كانون الثاني الماضي، استقبال مناورات المنظمة على أراضيها في العام الحالي.

وفي قمة المنظمة التي عُقدت في يريفان العام الماضي، امتنعت أرمينيا عن التوقيع على وثائق مشتركة، مبررة ذلك بأن الحلفاء لم يقدموا لها الدعم الكافي في ملف ناغورنو كاراباخ.

تعويض تراجع الدور الروسي في القوقاز

تسعى أرمينيا من خلال تطوير علاقاتها مع الغرب إلى ممارسة ضغوط أكبر على أذربيجان، تحول دون اندلاع جولة جديدة من الحرب، والبحث عن حلفاء جدد لتعويض تراجع الدور الروسي في منطقة القوقاز، جراء انشغال موسكو بالحرب على أوكرانيا، بالإضافة إلى عدم وفاء الكرملين بالالتزامات التي تعهد بها ليريفان، من وجهة نظر الحكومة الأرمينية.

وأكد ما سبق رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية الأحد الماضي، إذ اعتبر أن اعتماد أرمينيا على دولة واحدة فقط، هي روسيا، كان خطأ استراتيجياً. وأضاف باشينيان: "كان الهيكل الأمني لأرمينيا مرتبطاً بروسيا بنسبة 99,99 في المائة، بما في ذلك في مجال الحصول على الأسلحة والذخيرة. ولكن اليوم، عندما تحتاج روسيا نفسها إلى الأسلحة والذخيرة، فمن الواضح أنها حتى لو أرادت ذلك، فهي لن تتمكن من توفير الاحتياجات الأمنية لأرمينيا". وأكد باشينيان أن بلاده تحاول تنويع استراتيجياتها الأمنية، لأنها "ذاقت الثمار المرّة لهذا الخطأ الاستراتيجي".

وحول الدور الروسي في منطقة القوقاز، أعرب باشينيان عن اعتقاده أن روسيا على الأرجح ستنسحب من جنوب القوقاز. وقال: "في الواقع، كانت روسيا في منطقتنا، في جنوب القوقاز، مدة طويلة. لكننا شهدنا حالات غادرت فيها روسيا منطقة جنوب القوقاز وغادرتها ببساطة في يوم واحد أو شهر أو عام واحد... هناك عمليات تؤدي بالطبع إلى فكرة أن السيناريو نفسه قد يتكرر، وأننا في يوم من الأيام سنستيقظ ببساطة ونرى أن روسيا ليست هنا".

وعزا ذلك إلى أن "روسيا تخرج نفسها من المنطقة بسبب الخطوات التي تتخذها أو التي تحجم عنها"، وليس كما يزعم عدد من المعلقين في روسيا أن بعض القوى الغربية تدفع يريفان للابتعاد عن موسكو.


باشينيان: اعتماد أرمينيا على دولة واحدة فقط، هي روسيا، كان خطأ استراتيجياً

وانتقد باشينيان قوة حفظ السلام الروسية في ناغورنو كاراباخ، لأنها لا تفي بالمهام المنوطة بها، وفقاً له. وأشار إلى أن هذه القوة التي دخلت المنطقة في خريف 2020 لا تسيطر على ممر لاتشين، الذي كان من المفترض أن يربط أرمينيا بالجزء المتبقي من إقليم ناغورنو كاراباخ الواقع تحت سيطرة العرقية الأرمينية.

وتساءل باشينيان: "ممر لاتشين، الذي كان من المفترض أن يكون تحت سيطرة قوة حفظ السلام الروسية، لماذا ليس تحت سيطرتها؟". وأجاب عن تساؤله: "يمكن أن يكون هناك سببان: إما أن الاتحاد الروسي لا يستطيع أو أنه لا يريد الحفاظ على سيطرته على ممر لاتشين".

الرد الروسي

الرد الروسي لم يتأخر، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الاثنين الماضي، إنه لا يتفق مع تصريح باشينيان بشأن فشل مهمة قوات حفظ السلام في ناغورنو كاراباخ وانسحاب روسيا من المنطقة، مشدداً على أن "روسيا جزء لا يتجزأ من هذه المنطقة، لذا لا يمكنها مغادرة أي مكان، ولا تستطيع روسيا مغادرة أرمينيا".

وفي تذكير بمدى ارتباط أرمينيا بروسيا، دعا بيسكوف رئيس الوزراء الأرميني إلى عدم نسيان حقيقة أن "عدد الأرمن الذين يعيشون في روسيا أكبر من عددهم في أرمينيا نفسها"، مضيفاً: "روسيا تواصل تأدية دور ثابت ومهم للغاية في استقرار الوضع ومنع الصراع في هذه المنطقة. وسنواصل تأدية هذا الدور".

إلا أن بيسكوف أقرَّ ضمنياً بأن الدور الروسي قد تراجع بالفعل أخيراً، إذ أكد أهمية أن تظل جميع دول المنطقة ملتزمة بالاتفاقيات الثلاثية لعام 2020، واستدرك قائلاً: "بالطبع، بعد ذلك، وقعت أحداث جديدة غيرت الوضع قليلاً. لكن هذا لا يعني أن روسيا ستقلص أنشطتها بطريقة أو بأخرى".

الغرب ينتهز الفرصة

في الرابع من سبتمبر الحالي، خاطب رئيس اللجنة الأوروبية لتنمية حلف شمال الأطلسي غونتر فيلينغر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأميركي جو بايدن على شبكة "إكس" (تويتر سابقاً)، قائلاً: "أدعو أرمينيا إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي"، داعياً بايدن إلى "الدفاع عن أرمينيا".

لكن وزارة الخارجية الأرمينية أوضحت في وقت لاحق أنه لم تكن هناك دعوة في حد ذاتها لانضمام البلاد إلى الحلف، ولم يكن هناك حديث عن الانضمام. وأشار نائب رئيس الإدارة فاهان كوستانيان إلى أن فيلينغر ليس ممثلاً للحلف، بل هو فقط رئيس "منظمة عامة تحمل كلمة الأطلسي باسمها". وأضاف أنه في إطار الشراكة، تتعاون البلاد مع الحلف بأشكال مختلفة وهي مستعدة لمواصلة هذه العملية.

إلا أنه على الرغم من التوضيح الذي قدمته وزارة الخارجية الأرمينية، جاء الرد الروسي مباشراً وغاضباً على لسان فلاديمير جباروف، النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الاتحاد الروسي، الذي حذر أرمينيا من اتخاذ خطوات رداً على دعوة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

وبحسب البرلماني الروسي، فإن هذا لن يحسن الوضع في جنوب القوقاز ولن يساعد يريفان في المسائل الأمنية. ووصف جباروف حلف الأطلسي بأنه "هيكل عدواني ومزعزع للاستقرار تماماً، ويشارك بشكل علني في شؤون معاداة روسيا". وفي تهديد مباشر، اقترح البرلماني الروسي على يريفان النظر إلى "ما يحدث في أوكرانيا".

وتساءل "هل أصبح الوضع أكثر أمناً هناك بعد أن أرادت أوكرانيا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي واتّبعت سياسة الاقتراب قدر الإمكان من هذه الكتلة العدوانية؟". ولفت إلى أن أرمينيا هي أقرب حليف لروسيا في "منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، وهي عضو في "الاتحاد الاقتصادي الأوراسي"، معرباً عن أمله أن تتخذ أرمينيا "القرار الصحيح".


بيسكوف: عدد الأرمن الذين يعيشون في روسيا أكبر من عددهم في أرمينيا نفسها

وبعيداً عن النفي الأرميني والردّ الروسي الغاضب، ربما يحاول باشينيان مجدداً التقرب من الغرب، خصوصاً في ظل الشعور العام بأن الاعتماد على روسيا لا جدوى منه، والأرجح أن باشينيان يسعى إلى الحصول على حلفاء جدد في نزاع أرمينيا مع أذربيجان، لكن من المستبعد أن يفكر في خطوة الانضمام إلى حلف الأطلسي، فمجرد الإعلان عنها سيفجر صراعاً مع روسيا.

وعملياً، من الصعب على أرمينيا، الدولة المغلقة التي لا تطل على أي بحر، والمحاطة جغرافياً بروسيا والدول المتحالفة مع روسيا مثل إيران، والدول المعادية ليريفان مثل أذربيجان وتركيا وجورجيا، أن تخرج من دائرة النفوذ الروسي، إذ إن روسيا على الرغم من تراجع دورها بشكل كبير من وجهة نظر أرمينيا، إلا أنها تمثل عامل ردع وتوازن قوى كبيراً، من دون دعمه، يمكن لأرمينيا أن تقع في مآزق عدة.

سيناريوهان محتملان

على الرغم من اتفاقات السلام الموقّعة، لا تزال المنطقة معرضة بشدة لاندلاع حرب جديدة بين أرمينيا وأذربيجان، إذ رغم انتهاء حرب ناغورنو كاراباخ في عام 2020 بانتصار واضح لأذربيجان، لكنه لم يضع حداً للصراع.

ونتيجة إدراكها فائض القوة الذي تتمتع بها على حساب أرمينيا، وحاجة كثير من البلدان لها بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، والتغير المهم في نظرة كثير من البلدان، والتوجه العالمي إلى حماية الدول الوطنية وإعلاء مبدأ السيادة الوطنية على حساب منح المكونات القومية حق الانفصال، بدا أن باكو نحت إلى التشدد في شروطها.

وهي تضغط على أرمن ناغورنو كاراباخ من أجل قبول الاندماج الكامل في نظام الدولة الأذربيجانية، مع عدم الموافقة على أي مطلب بحكم ذاتي لهم. ومثل هذه المتطلبات الصارمة لا تترك مجالاً للتسوية تقريباً، كما تعيق البحث عن الحلول الدبلوماسية، التي تشارك فيها الآن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا.

وإضافة إلى العوامل السابقة، فإن الموقف المتشدد للأذربيجانيين ينطلق من أنه بعدما استعادت أذربيجان في حربها الأخيرة السيطرة على جزء كبير من الأراضي التي فقدتها في التسعينيات، بدا أن الأرمن لم يحتلوا هذه الأراضي فحسب، بل دمروا أيضاً جميع المدن والقرى هناك بشكل منهجي، ما جعلها غير صالحة للسكن.

وهو ما عطل العودة السريعة لمئات الآلاف من الأذربيجانيين في ظل الحاجة إلى إعادة الإعمار وإزالة الألغام على نطاق واسع من مناطق شاسعة.

في المقابل، لا يمكن لأرمينيا السكوت عن الأزمة الإنسانية في ناغورنو كاراباخ، المعزولة عملياً عن العالم من قبل السلطات الأذربيجانية منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتردي الأوضاع في الإقليم.

وتجدر الملاحظة أن مسار المواجهة الأرمينية الأذربيجانية لم يُحدد دائماً من خلال المبادرات الدبلوماسية، بقدر ما يُحدد من خلال استخدام القوة والتطهير العرقي كما شهدت الحروب السابقة. واليوم أصبحت الأمور أفضل قليلاً فقط من ذي قبل، وكلا الجانبين يحاول تفادي حرب جديدة.


تُجري أرمينيا مناورات عسكرية مشتركة مع أميركا

ومن المؤكد أن السيناريو الأفضل يكمن في الوصول إلى تسوية سياسية، ويحاول وسطاء دوليون الدفع بهذا الاتجاه، إلا أن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يتمسك بشروطه من موقف قوة، وهو ما أعاق حتى الآن خروج الوساطات بنتائج إيجابية، سواء تلك التي بذلها الاتحاد الأوروبي في مباحثات بروكسل في يوليو/تموز الماضي، وقبلها المباحثات التي استضافتها واشنطن في مايو/أيار الماضي.

إلا أنه من المفارقة أن التوتر حول ناغورنو كاراباخ يتزايد، على الرغم من الاتصالات الدبلوماسية النشطة بين قادة أرمينيا وأذربيجان. وإذا لم نأخذ في الاعتبار القضايا المتعلقة بالإقليم، فإن الاتفاق الأرميني - الأذربيجاني اليوم أقرب من أي وقت مضى.

ويتعلق هذا على وجه الخصوص بالاعتراف المتبادل بالسيادة وترسيم الحدود وشروط الاتصال البري والسكك الحديدية بين ناخيتشيفان (جيب أذربيجاني تفصله أرمينيا جغرافياً عن باقي الأراضي الأذربيجانية) وبقية أراضي أذربيجان وما إلى ذلك.

في السنوات الأخيرة، كسر باشينيان، عملياً، أهم المحرمات، من خلال الاعتراف بسلامة أراضي أذربيجان. ومع استمرار حصار ناغورنو كاراباخ وتراجع الأوضاع المعيشية لنحو 120 ألف أرميني يقيمون في الإقليم، لم يعد الأمر يتعلق بالسيادة، بل يتعلق بـ"حقوق وأمن" أرمن كاراباخ والضمانات الدولية.

ومن الواضح أن باشينيان أو غيره ممن يمكن أن يتسلم رئاسة الحكومة لا يستطيع تقديم تنازلات أكبر، وسيكون مضطراً إلى الانسحاب من جميع الاتفاقيات السابقة على الرغم من اختلال موازين القوى لصالح أذربيجان. بالتالي قد تتحوّل الجهود الدولية من محاولة الوصول إلى معاهدة سلام دائمة، بعد ثلاث سنوات من الحرب الثانية في جنوب القوقاز منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، إلى أداء دور رجل الإطفاء لوقف حرب جديدة قد تكون "تحريكية" أو "انتحارية" لباشينيان غير القادر على تقديم تنازلات إضافية.