التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، زعيم حزب السعادة تمل قره موللا أوغلو في العاصمة أنقرة، في زيارة اعتبرت مفاجأة وتأتي في إطار بحث التحالف الجمهوري الحاكم عن مزيد من الحلفاء لتعزيز صفوفه.
واستمر اللقاء ساعتين وعشرين دقيقة، ويأتي بعد فترة قليلة من وفاة رئيس الهيئة الاستشارية العليا لحزب السعادة الإسلامي أوغوزهان أصيل تورك، المقرب من أردوغان، والذي كان يسعى لإحداث تغييرات بحزب السعادة وتقريبه من التحالف الجمهوري.
وخلال الانتخابات السابقة اتخذ حزب السعادة موقفا إلى جانب المعارضة مشكلا معها تحالف الشعب المعارض، وتمكن التحالف من النجاح بالانتخابات المحلية التي جرت في العام 2019 بالفوز بكبريات المدن التركية، وأهمها إسطنبول والعاصمة أنقرة.
لقاء ودي
وعقب اللقاء، صرح زعيم حزب السعادة للصحافيين بشكل مقتضب قائلاً "كان لدينا طلب من أجل مقابلة الرئيس أردوغان، واليوم حصلنا على الموعد، واستغرق اللقاء أكثر من ساعتين، تناولنا فيه مسائل تتعلق بالبلاد، والقضايا الدولية، ولم يبق موضوع لم يتم الحديث بشأنه".
وأضاف "كانت هناك بعض النقاط المشتركة، وكانت هناك نقاط أخرى مختلفة، ولكن اللقاء كان وديا ويعتبر لقاء جيدا، ولا يمكن القول أكثر من ذلك".
وكان زعيم حزب السعادة قد أجرى في الفترة السابقة لقاءات مع مختلف الأحزاب السياسية، كما أن هناك فريقا قانونيا يتعاون مع أحزاب سياسية معارضة مجموعها 6 أحزاب في إعداد مسودة دستور جديد يعتمد على النظام البرلماني، الذي يدافع عنه الحزب، ويهاجم النظام الرئاسي الذي اعتمده أردوغان.
وشكل موضوع نظام الحكم خلافاً بين التحالف الحاكم والمعارضة، حيث تدفع المعارضة نحو النظام البرلماني والتعددية التي تسمح للرقابة المؤسساتية بين أجهزة الدولة، وتعزز فصل السلطات دون تدخل، وتتهم أردوغان بالتفرد بالحكم عبر النظام الرئاسي.
وبات حزب السعادة من أهداف الرئيس أردوغان نتيجة الفروقات القليلة التي حصلت في الانتخابات الأخيرة، فعلى سبيل المثال خسر التحالف الجمهوري في إسطنبول ضمن الانتخابات المحلية بمجموع أصوات بلغ قرابة 12 ألف صوت فقط، في الانتخابات الأولى، قبل أن يتوسع الفارق بانتخابات الإعادة، مع تصويت غالبية الناخبين الأكراد للمعارضة. وبلغت أصوات حزب السعادة في إسطنبول قرابة 150 ألفا في الانتخابات البرلمانية بالعام 2018، ما يعني أهمية الصوت في ترجيح كفة التحالف الحاكم.
ونتيجة لاستطلاعات الرأي التي أظهرت تراجعا في شعبية حزب العدالة والتنمية، حاول أردوغان البحث عن حلفاء جدد له، حيث غازل حليفه زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي زعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنر للانضمام للتحالف الجمهوري، لكنها رفضت ووضعت لذلك شرط العودة للنظام البرلماني.
توجه مشترك
كما التقى أردوغان بالراحل أصيل تورك مرتين بشكل خاص، وبمناسبات أخرى، وهو ما دفع أصيل تورك لإطلاق انتقادات لرئاسة الحزب بتجميد الحزب وأنه سيقود قائمة من أجل التغيير، لكن الموت بسبب تداعيات فيروس كورونا غيب أصيل تورك قبل نحو شهرين.
ولاقى لقاء اليوم اهتماماً إعلامياً كبيراً، حيث تم الكشف عنه مساء الثلاثاء، وتداولت وسائل الإعلام بالتحليل أبعاد الزيارة وآفاقها المستقبلية، خاصة أنها استغرقت وقتا أطول، وأن أصول أردوغان السياسية تعود لأصول حزب السعادة نفسها، وهي الأصول المتمثلة بالقيادي الراحل نجم الدين أربكان، ومن التوجه الإسلامي نفسه.
وفي يونيو/حزيران الماضي، أطلق أصيل تورك نيران انتقاداته على قيادة حزب السعادة، عبر سلسلة من التغريدات، أفاد فيها بأنه يسعى إلى "تشكيل لائحة تحت رعايته يذهب بها إلى المؤتمر العام من أجل تشكيل قيادة قوية لحزب السعادة".
وشدد على أن "قيادة الحزب من بعد رئيس الوزراء السابق نجم الدين أربكان، لم تعمل سوى على توجيه الانتقادات للحكومات، من دون فعل شيء آخر، وهذا ما أدى إلى تراجع كبير في أنصار الحزب الداعمين لقيمه الأخلاقية والمعنوية، وأسفر عن عدم تمكن الحزب من الفوز بمقعد برلماني واحد، رغم حصوله على أصوات كافية في بعض الولايات بسبب العتبة البرلمانية".
كما أكد على أن "هدفه الأولي هو إعادة عمل الحزب لصالح القيم الأخلاقية والمعنوية التي يطالب بها الشعب، مع مراعاة الحاجات المادية للمواطنين، ولكن لا يتم إبراز ذلك من خلال التركيز فقط على أنه حزب يسعى فقط لإشباع المواطنين، حيث إن حزب السعادة أنشئ على مبادئ هامة".
وتوعد القيادي آنذاك بأن "يتم تشكيل فريق عمل قادر على خدمة الشعب وفق الشروط والظروف السياسية التي تمر بها الدولة، عبر قيادة قوية للحزب، وسيتم إعداد لائحة موسعة تحت إشرافه وتقديمها لقيادة المؤتمر، من أجل تقديم الخدمات المناسبة".